"السلطات المغربية تخضع بعض الصحافيين للمضايقات والتخويف، بما في ذلك محاولة ضرب مصداقيتهم من خلال الشائعات المضرة بحياتهم الشخصية". الفقرة من التقرير السنوي الجديد الذي أصدرته الخارجية الأمريكية، حول وضعية حقوق الإنسان في المغرب. التقرير قال إن الصحافيين المغاربة باتوا يعتبرون المحاكمات الانتقائية التي تستهدفهم، آلية توظفها السلطات لترهيبهم. التقرير الذي كشفت عنه واشنطن مساء الجمعة الماضي، قال إن حرية الصحافة بالمغرب تعاني من قيود على المحتوى تؤدي إلى دفع الصحافيين إلى ممارسة مزيد من الرقابة الذاتية. وذهبت الوثيقة الأمريكية إلى اعتبار هذا النوع من الرقابة بالعقبة الخطيرة أمام صحافة حرة ومستقلة فعليا. "بينما تقوم السلطات بفرض الرقابة على الصحافة المحلية بشكل نادر، إلا أنها تمارس ضغوطا من قبيل محاكمات تنتهي بغرامات مالية كبيرة وتوقيف النشر. هذه الحالات دفعت الصحافيين إلى مزيد من الرقابة الذاتية". التقرير الأمريكي حول وضعية حقوق الإنسان في العالم، توقف مطولا عند ملف الصحافي حميد المهدوي، ورصد كيف أنه اعتقل وتوبع بالقانون الجنائي رغم أنه كان يقوم بتغطية احتجاجات الريف كصحافي، وبعد إدانته بثلاثة أشهر سجنا فتح له ملف جنائي جديد يحاكم به حاليا. وسجّل التقرير، أيضا، استمرار محاكمة سبعة أعضاء بجمعية صحافة التحقيق، حيث يتم تأجيل الجلسات منذ العام 2015. الوثيقة الجديدة رصدت، كذلك، عملية اعتقال ومحاكمة ثمانية من نشطاء الفيسبوك في دجنبر 2016، وذلك بتهمة الإشادة بعملية اغتيال السفير الروسي في تركيا، قبل أن يصدر عفو ملكي في حقهم بمناسبة عيد العرش الماضي. "وفي 10 يونيو الأخير، اعتقلت السلطات المغربية مرتضى اعمراشن بسبب تدوينات نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي يتهم فيها الدولة بتنظيم عمليات إرهابية وتنظيم احتجاجات الريف من أجل تبرير حملة الاعتقالات". التقرير الأمريكي عاد ليوضح أن المدافعين عن اعمراشن يؤكدون أن تلك التدوينات كانت للسخرية، لكن القضاء أدانه بخمس سنوات سجنا. التقرير الأمريكي قال إن الدستور المغربي ينص على حرمة منازل الأفراد، وعلى أنه لا يمكن إجراء التفتيش بدون مذكرة تفتيش. "لكن السلطات قامت في بعض الأحيان باقتحام المنازل بدون ترخيص قانوني، وراقبت تحركات الأفراد واتصالاتهم الخاصة بدون احترام المسطرة القانونية – بما في ذلك البريد الإلكتروني، الرسائل القصيرة، أو أشكال أخرى من الاتصالات الرقمية التي تكون خصوصية. كما قامت السلطات، أيضا، باستخدام مخبرين لهذا الغرض". في ديباجة التقرير، قالت الخارجية الأمريكية إن أبرز ما ورد خلال العام الماضي بشأن الوضع الحقوقي في المغرب، هو الأنباء التي تقول إن السلطات الأمنية قد تكون استخدمت تقنيات يمكن أن تشكل أفعالا تندرج ضمن التعذيب في بعض الحالات، "علما أن الحكومة اتخذت إجراءات للقضاء على هذه الممارسة". وتضيف الخارجية الأمريكية ملخصة السنة الحقوقية الأخيرة في المغرب، بالإشارة إلى أنباء وجود معتقلين سياسيين وقيود على حرية التعبير "بما في ذلك تحجيم بعض المضامين السياسية والدينية، والتضييق على حرية التجمع وتأسيس الجمعيات والرشوة". النقطة الأخيرة، أي الأفعال التي تنطوي على فساد وشطط في استعمال السلطة، حضرت بشكل كبير في التقرير، حيث قال إن المغرب عرف حالات قليلة لمتابعة مسؤولين بتهمة الاعتداء على حقوق الإنسان، "سواء في المصالح الأمنية أو غيرها ضمن المصالح الحكومية، ما أدى إلى تكريس الاعتقاد السائد بوجود حالات من العقاب". الوثيقة سجّلت كيف أن القوانين المغربية تجرم التعذيب وتلزم القضاء بفتح تحقيقات وإخضاع المتهمين للخبرة الطبية فور ادعائهم التعرض للتعذيب، لكنها توقفت بشكل خاص عند ملف معتقلي حراك الريف. التقرير يقول إن 32 معتقلا أعلنوا شهر يونيو الماضي أنهم تعرضوا للتعذيب على يد السلطات الأمنية، لكن القضاء أدانهم بأفعال العنف التي اتهموا بها خلال الاحتجاجات، دون النظر في ادعائهم بالتعرض للتعذيب. وذكّرت الوثيقة كيف أن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، قال في 29 يونيو إن المتهمين الذين يدعون تعرضهم إلى التعذيب سيخضعون للخبرة الطبية وفقا للتوجيهات الملكية بهذا الخصوص، وأن وزير العدل محمد أوجار أحال تقريرا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان يتضمن خبرة طبية حول ادعاءات التعذيب، وأن التحقيقات التي أعلن فتحها "مازالت مستمرة حتى نهاية 2017".