أثارت استقالة الباحثة، أسماء لمرابط، من الرابطة المحمدية للعلماء بسبب حديثها عن المساواة في الإرث، جدلا فقهيا ومجتمعيا واسعا، وبدا واضحا اصطفاف فريقين متنافرين حيال هذه القضية الفقهية الشائكة؛ الفريق الأول يطالب بالتوجه نحو المساواة لأسباب تتعلق بإنصاف المرأة ورفع الظلم عنها، والفريق الثاني يرفض هذه الدعوة متسلحا بالنصوص القطعية من القرآن والسنة. بالنسبة إلى الفقيه أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، فإن مثل القضايا الفقهية مازال وعي المجتمع بها محدودا، والنقاش الدائر لا يتم تناوله بالرفق والإقناع، لأن مستوى الوعي الفكري محدود. الفقيه الخمليشي شدد، في اتصال مع «أخبار اليوم»، على أن المجتمع الواعي بمشاكله عليه أن يتناولها بطريقة تؤدي إلى نتائج حقيقية، وهي المرحلة التي لم نصل إليها بعد، حسب رأي المتحدث، لأنه يتم إقحام الدين بشكل يحاول كل فريق الانتصار لرأيه بعيدا عن تدبير الاختلاف. وتعليقا على هذه الدعوة التي تم إطلاقها أخيرا، أوضح الخمليشي أن الوعي الاجتماعي لا بد أن يختلف، والتعايش الاجتماعي لا بد أن يأتلف، وفق خريطة طريق تلزم الجميع، وهذا ما افتقر إليه نقاش الإرث -يقول الخمليشي- وهنا لا بد من تجاوز المقاربة التي تعتبر القاعدتين الدينية والقانونية متناقضتين، والقبول بحد أدنى من التعايش والاختلاف والتنازل المتبادل. من جانبه، يؤكد العلامة، مصطفى بنحمزة، عضو المجلس العلمي الأعلى، أن فتح نقاش مجتمعي حول المساواة في الإرث لا بد أن يكون صادرا عن أهل الاختصاص، رافضا أن تستفرد جهة معينة بهذا النقاش، معتبرا أن آيات الإرث هي في أعلى درجات الإحكام، وهي غير قابلة لأي تأويل قطعا. ويرى الفقيه بنحمزة أن التسوية في الإرث على مستوى مدونة الأسرة لا تتحقق بمجرد تغيير مادة الإرث فقط، لأن مدونة الأسرة تتألف من 400 مادة، فوجب إلغاء كل صور التمييز بين المرأة والرجل في كل المواد، لئلا تبقى للامساواة بقية في المدونة كلها، أما الوقوف عند اللامساواة في مادة الإرث دون غيرها، فهي انتقائية تبعدها عن الموضوعية وعن سلامة القصد. وقال بنحمزة، في حديث للجريدة: «إذا كانت المرأة حاليا تنفق على الأسرة، وكان ذلك هو واقع الأسر حاليا، ورأى البعض أن ينقله من التطوع إلى الوجوب، فإنه يتعين، أولا، أن يرسم هذا الوجوب، ويثبت بنص قانوني، فتحذف من مدونة الأسرة كل النصوص التي تلزم الزوج وحده بالإنفاق على الزوجة والأبناء، فتغير المادة 102 التي تمنح الزوجة وحدها الحق في طلب التطليق بسبب إخلال الزوج بأداء النفقة الواجبة عليه، ويصير من حق الزوج هو أيضا أن يطالب بطلاقها وتحميلها تبعاته بسبب عدم إنفاقها على الأسرة، كما يجب تغيير جميع أحكام الباب الثاني المتعلق بالنفقة على الزوجة، فيجب تعديل المادة 201 التي توجب على الزوج أداء واجب الإرضاع، ويجب أيضا إعادة النظر في جميع أحكام إهمال الأسرة إذا وجب الإنفاق على الزوج والزوجة معا على حد سواء، وفي تلك الحالة يمكن أن يطالب الزوج زوجته أمام المحاكم بالإنفاق، وإلا فإنها تجبر على ذلك بالإكراه البدني، كما يجبر الرجال حاليا حينما لا ينفقون على أسرهم. أما ما سوى ذلك، وفي حال ما إذا لم تغير هذه النصوص، فإن إنفاق المرأة يظل فعلا تطوعيا غير لازم يخضع لمشيئة المرأة، إن شاءت أنفقت، وإن شاءت امتنعت، إذ لا وجود لنص قانوني يلزمها بالإنفاق، وبالتالي، لا يمكن أن يغير حكم شرعي ثابت بوضع غير قانوني ولا ثابت».