قضت محكمة مغربية بعدم الاعتراف بعقود الزواج المبرمة أمام المحاكم الإسرائيلية، رافضة تذييلها، (إعطائها الصبغة التنفيذية في المغرب)، مبررة ذلك بكون المغرب لا يعترف بإسرائيل، وأن قضاء "الاحتلال"، غير مختص لإبرام عقود زواج بين مغاربة مسلمين. ملف القضية يتعلق بقضايا الأسرة وعرض أمام المحكمة الابتدائية بصفرو، ضمن دائرة محكمة الاستئناف بفاس في جلسة علنية سنة 2016، حين تقدم مواطنان مغربيان مسلمان، هما بهاء الدين محمد حسين سريس، ولعزيزة بن محمد بن مبارك، إلى المحكمة عن طريق دفاعهما، وطالبا بتذييل عقد زواجهما المبرم في إسرائيل بالصبغة التنفيذية. في المقال الافتتاحي لدفاعهما بتاريخ في 11 غشت 2016، يقولان أنهما أبرما عقد زواج تحت عدد 85437 بتاريخ 8/5/2002، ب"دولة إسرائيل"، وأنجبا أربعة أبناء، وطلبا إصدار حكم يقضي بتذييله، بالصبغة التنفيذية، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وأرفقا طلبهما بنسخة من العقدين باللغتين العربية والعبرية، وعقد ازدياد الزوجة، وصورة من بطاقة هوية الزوجة الإسرائيلية. النيابة العامة التمست كتابة في 16 غشت 2016 تطبيق القانون، فأدرج الملف في عدة جلسات، آخرها في 24 غشت 2016، وقدم خلالها دفاع المدعيين من جديد مذكرة تشير إلى أن العقد المراد تذييله، "محرر باللغة العربية وأُبرم طبقا للشريعة الإسلامية، وغير مخالف للنظام العام المغربي"، فيما قدمت النيابة العامة مستنتجات كتابية، قبل أن تقرر المحكمة حجز القضية للمداولة والنطق بالحكم. المحكمة رأت أولا، من حيث الشكل، أن الدعوى جاءت وفق ما يقتضيه القانون شكلا، فقررت قبولها. أما من حيث الموضوع، فإنها رأت أن العقد المراد تذييله، "أُبرم أمام السلطات الإدارية الإسرائيلية"، في حين أن الفقرة الثانية من المادة 126 من مدونة الأسرة تنص على أن "الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، تكون قابلة للتنفيذ إذا صدرت عن محكمة مختصة، وأسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها هذه المدونة لإنهاء العلاقة الزوجية، وكذا العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين، المختصين بعد استيفاء الإجراءات القانونية، بالتذييل بالصبغة التنفيذية، طبقا لأحكام المواد 430 و431 و432 كما قانون المسطرة المدنية. وينص الفصل 342 من قانون المسطرة المدنية، على أنه تكون العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين أيضا قابلة للتنفيذ في المغرب بعد إعطائها الصبغة التنفيذية، ضمن الشروط المقررة في الفصول السابقة. وبناء على هذه المرجعيات القانونية اعتبرت المحكمة أن العقد المراد تذييله، قد أبرم أمام سلطات إدارية محلية "لا تعتبر ذات سيادة شرعية في إبرام مثل تلك العقود على المغاربة المسلمين، وفق منظور النظام العام المغربي ومن تم غير مختصة قانونا"، وأضافت المحكمة أن المشرع المغربي "لم يعترف إلى الآن بشكل رسمي" بسلطات إدارية لدولة تسمى "إسرائيل". ولهذا رفضت الطلب، معتبرة أنه "جاء مخالفا للنظام العام المغربي وغير قائم على أساس ويتعين رفضه". الحكم المثير صدر عن قضاء الأسرة ويحمل مرجع 1063/1614/2016، حكم عدد 1181. وأصدرته هيئة تتكون من كل من مصطفى الدوحا، رئيسا، وعلي إدريسي حسني، عضوا مقررا، وإسماعيل الزياني الإدريسي عضوا، وزكية بلحالفي كاتب ضبط. وفيما يرى مناهضو التطبيع في هذا الحكم انتصارا للحق الفلسطيني، وتكريسا لعدم الاعتراف بالاحتلال، تُثار تساؤلات حول ملابسات لجوء مغربي ومغربية لإبرام عقد في إسرائيل، وعودتهما إلى المغرب للمطالبة بتذييله.