صورة قاتمة عن واقع الحريات العامة بالمغرب رسمها تقرير حقوقي عرضه المركز الوطني لحقوق الإنسان، عصر يوم السبت المنصرم، بقاعة الاجتماعات البلدية بكَليز بمراكش، موضحا بأن الدولة شددت "القبضة الأمنية" خلال السنة المنصرمة، واستعملت القوة العمومية بشكل مفرط في مواجهة الحركات الاحتجاجية، التي قال إنها تجاوزت 11 ألف تظاهرة، تنوعت ما بين وقفات ومسيرات واعتصامات في جل مدن المملكة، وهي الاحتجاجات التي جاءت كرد فعل شعبي على تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. وفضلا عن الانتهاكات التي مسّت السلامة الجسدية للمحتجين، سجل المركز الوطني الامتناع عن تقديم المساعدة الطبية للمصابين منهم، قبل أن تتم متابعتهم قضائيا بتهم وصفها ب"الجاهزة والملفقة"، للتستر على الطابع السياسي التعسفي للاعتقال، موضحا بأنه تمت متابعة العديد من النشطاء بتهم "التحريض على الإرهاب وزعزعة ولاء المواطنين للدولة، وعرقلة الطرق العمومية، والاعتداء على موظفين عموميين أثناء مزاولتهم لعملهم أو إهانتهم، وتخريب منشآت مخصصة للمنفعة العامة، والاعتداء على ملك الغير، وحيازة وحمل أسلحة بيضاء"، فيما قال التقرير بأن الدوافع الحقيقية للاعتقال كانت بسبب نضالاتهم وآرائهم ومواقفهم من السياسات العمومية. وأضاف التقرير بأنه، وفضلا عن الأحكام القاسية التي تصدر ضدهم بمختلف المحاكم، فقد تعرّض معظم المعتقلين لسوء المعاملة و للتنقيل التعسفي بعيدا عن عائلاتهم، وللإهمال الطبي، وهو ما جعل العديد منهم يدخلون في إضرابات عن الطعام، إنذارية أو مفتوحة، أثرت بشكل ملموس على أوضاعهم الصحية. وجزم المركز بأن الأمر لا يتعلق بحالات فردية أو بشطط في استعمال السلطة من طرف رجال الأمن، وإنما "بسياسة ممنهجة للإجهاز على الحريات العامة، وعلى رأسها الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي". و فضلا عن مصادرة الحق في الاحتجاج السلمي، أشار التقرير إلى أن الدولة تستمر في تقييد حرية التعبير والصحافة والتضييق على الأقلام الحرة، حيث تجري محاكمة العديد من الصحافيين والناشطين الحقوقيين، وهو ما اعتبره "عودة لسنوات الانتهاكات بصيغة مموهة". وفيما يستمر التضييق على المبلغين عن جرائم الرشوة والفساد، سجل المركز تفاقم ظاهرة الإفلات من العقاب في جرائم المال العام، والمتورطين في قضايا الفساد المالي والإداري، وعجز القضاء والحكومة عن محاربة الفساد، مشيرا إلى "ضعف وتيرة تفعيل توصيات تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وإحالة القضايا المتعلقة بالمال العام على القضاء". وفي ما يتعلق بوضعية الإعلام، أشار التقرير إلى تدني مستوى الإعلام الرسمي، وانتقائيته وإقصائه لعدد من الحساسيات والتيارات السياسية والحقوقية الفاعلة في الساحة، فضلا عن استمرار تحكم جهات مناوئة للديمقراطية في توجهه، لافتا إلى أن الإعلام الرسمي كثيرا ما يعاكس توجه الحكومة المعينة بناء على نتائج الانتخابات. وذكّر بالوقفة الاحتجاجية التي نظمها الإعلاميون والموظفون العاملون بالشركة المغربية للإذاعة والتلفزة، بتاريخ 27 أبريل من السنة المنصرمة، أمام مقر الشركة بالرباط بمشاركة ست نقابات، ومطالبتهم بتحرير الإعلام العمومي من سلطة التعليمات التي تقيده، وفتح المجال للإعلاميين للاشتغال بحرية، وفق ما تمليه المهنية، وما ينتظره المغاربة من تلفزيون يمثل الشعب.