وسط حضور وازن لقيادات حزب العدالة والتنمية، يتقدمهم مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، كشف عبدالعلي حامي الدين، الأستاذ الجامعي ورئيس منتدى كرامة لحقوق الإنسان، لأول مرة عن مصدر الشكايات التي قدمت ضده في ملف "آيت الجيد"، الذي مضى عليه 25 سنة، مؤكدا أن الأولى خرجت سنة 2012 من مقر حزب الأصالة والمعاصرة بالرباط، بينما خرجت الثانية من طرف شخص يُدعي أنه ابن شقيق الضحية رآه لأول مرة في مسيرة "ولد زروال" الشهيرة ضد رئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران، نظمت في شتنبر 2016. جاء ذلك في ندوة صحافية نظمها حامي الدين أمس بالرباط، حضرتها هيئات حقوقية أبرزها ممثلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والائتلاف المغربي لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، إضافة إلى قيادات حزب العدالة والتنمية أبرزهم، بالإضافة إلى الرميد، كل من لحسن الداودي، وزير الشؤون العامة والحكامة، نائب الأمين العام للحزب سليمان العمراني، ورئيس الفريق النيابي إدريس الأزمي، ورئيس الفريق بمجلس المستشارين نبيل الشيخي، والأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عبدالإله الحلوطي، وعبدالله بوانو، برلماني وقيادي بالحزب، وأمينة ماء العينين برلمانية وقيادية بالحزب ذاته. وقال حامي الدين إنه "منذ 6 سنوات وأنا أتعرض لحملة إعلامية ممنهجة تروج لاتهامات جنائية في حقي، تسعى إلى رميي بتهمة لا صلة لي بها»، مؤكدا "طيلة 6 سنوات وأنا ألتزم الصمت تجاه الأباطيل والبهتان تجاه جهات تضلل الصحافة حتى أصبح بعضها متخصصا في التشهير وفي النيل من الشخصيات التي تناضل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان". وأضاف حامي الدين أن "الأمر يتعلق بمحاولة إحياء ملف مرت عليه 25 سنة»، وأردف قائلا: "إنه بتاريخ 10 يناير 2018 توصلت باستدعاء قاضي التحقيق من أجل الحضور أمامه يوم 24 يناير 2018، لكني اعتذرت كتابة لتزامن ذلك الموعد مع التزام سابق يتعلق بانعقاد دورة الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ليتم تحديد موعد آخر هو يوم 5 مارس المقبل». وأعلن حامي الدين أنه "على خلاف الأباطيل التي تُقال، فإني سأذهب إلى قاضي التحقيق لأنني مقتنع بالقضاء في هذا البلد، وسأحضر احتراما لمكانته". وأوضح حامي الدين "بما أن البعض اختار التوجه إلى الرأي العام، سأتوجه بدوري إلى الرأي العام ولن أناقش براءتي من هذه الأحداث لأني أنا أيضا كنت ضحية اعتداء في فبراير 1993، ولولا لطف الله لكنت أنا أيضا في عداد الموتى، لولا أستاذ جليل أنقذني بنقلي إلى المستشفى، حيث أجريت لي عملية جراحية على مستوى الرأس، وحيث تعرفت لأول مرة على آيت الجيد الذي لم أكن أعرفه إطلاقا قبل ذلك اليوم". ورغم عدم وجود صلة بينه وبين الضحية آيت الجيد، فقد قضى حامي الدين سنتين سجنا نافذا بمقتضى حكم قضائي صدر ضده في 4 أبريل 1994 أصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به، بعدما وجّهت له المحكمة تهمة "المساهمة في مشاجرة ارتكبت خلالها أحداث عنف أدت إلى وفاة". لكن في سنة 2005 توجه حامي الدين إلى هيئة الإنصاف والمصالحة بملفه انطلاقا من قناعته بأنه بريء من قضية آيت الجيد، وقد قضت الهيئة في مقرر تحكيمي بتاريخ 30 نونبر 2005 بأن اعتقال حامي الدين كان تعسفيا وشكل انتهاكا لحقوقه كمواطن وكإنسان. وعلّق حامي الدين في الندوة على الشكايات التي تُقدم ضده وتقفز بذلك على قرار نهائي للقضاء وعلى المقرر التحكيمي لهيئة الإنصاف والمصالحة بأن أصحابها «يريدون العبث برصيد شعب من أجل تلبية رغبات سياسية غير نبيلة». في هذا السياق تم تحريك الملف من جديد، ففي 2012 توصلت النيابة العامة بشكاية من أشخاص يزعمون صداقتهم للراحل آيت الجيد، كشف حامي الدين أنها خرجت من مقر حزب الأصالة والمعاصرة بالرباط، وقد أجرت الضابطة القضائية بحثا في الملف بناء على الشكاية، كما استمعت للشهود، وفي النهاية قرر الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس حفظ الملف بتاريخ 9 مارس 2012، وعلّل ذلك ب"أسبقية البث في القضية، وبالتقادم". وفي 8 أبريل 2013 قدم شخص آخر يزعم أنه قريب الضحية شكاية مباشرة إلى قاضي التحقيق، لكن بعد الاطلاع عليها– يقول حامي الدين– أصدر قرارا بعدم فتح تحقيق قضائي نظرا إلى "أسبقية البث، وأن قرار المحكمة سنة 1994 يعتبر حائزا لقوة الشيء المقضي به". وأردف قائلا: "نحن أمام أشخاص وضعوا شكاية أولى، ثم ثانية، ولا يتحدثون عن الحقيقة، بل يريدون رأس حامي الدين". رغم قرار الوكيل العام للملك، ثم قرار قاضي التحقيق بفاس، فوجئ حامي الدين بشكاية ثالثة بتاريخ 7 يوليوز 2017، والتي تعود لمشتك جديد يقدم نفسه بأنه ابن آخ الراحل آيت الجيد، وفي هذا الصدد يقول حامي الذين: "رأيته لأول في مسيرة ولد زروال بالدار البيضاء". غير أن قاضي التحقيق اختار التريث هذه المرة، إذ لم يتوصل حامي الدين بالاستدعاء للمثول أمامه إلا في يناير 2018، ولاحظ أن تحريك الشكايات "يتزامن إما مع استحقاق تنظيمي داخل العدالة والتنمية، أو استحقاق سياسي تعيشه البلاد". واعتبر حامي الدين أنه من الناحية الحقوقية "لا يجوز محاكمة شخص مرتين بسبب القضية نفسها"، مشيرا إلى أن دستور 2011، يدعو إلى "احترام الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء"، معبرا عن استغرابه "كيف يتعامل القضاء مع شكايات متكررة في القضية نفسها، التي سبق وأن صدر بشأنها قرار نهائي".