"الكراسي الفارغة.."، هو العنوان الذي سيختاره أي صحافي لوصف طبيعة تلقي الأنشطة الموازية بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الرابعة والعشرين. إذ وجدنا أنفسنا، كصحافيين وكمصورين، في كثير من ندوات هذا العام، وجها لوجه مع محاضرين، بدون حضور يفترض أن هذه الأنشطة موجهة إليه. وهي حالة جعلت زميلنا في جريدة "العلم" يعلق ساخرا من لامبالاة الجمهور بفعالية حول الأديب الراحل عبدالكريم غلاب قائلا: "ومع ذلك، لم نترك أنفسنا نهبا للإحباط، وجعلنا قاعة القدس تكتظ بنا…". في هذا السياق، تداول رواد "الفايسبوك" صورة الكراسي الفارغة، التي التقطها زميلنا المصور الصحافي عبدالمجيد رزقو خلال ندوة "الرواية وزمنها"، على نطاق واسع، كما أثارت العديد من ردود أفعال وتعليقات، تتكون في مجملها من محاولات لشرح ظاهرة العزوف على هذه الأنشطة الموازية، في الوقت الذي تشهد الأروقة اكتظاظا وازدحاما كبيرين. أولى الملاحظات على هذه الصورة ترتبط بعزوف المثقفين أنفسهم عن حضور هذه اللقاءات، حيث تساءل كثيرون عن سبب مؤازرة المثقفين بعضهم بعضا خلال هذه الأنشطة. فيما تكمن أهم ملاحظة في أن هذه التظاهرة الثقافية لا تحمل أي جديد، لا من حيث الأسماء المشاركة، ولا من حيث أنشطتها التي باتت تتكرر سنة بعد أخرى. وفي هذا الصدد، يشير الناقد المعروف محمد البكري إلى أن هذا العزوف هو "عقاب من الجمهور للساهرين" على المعرض. كما ترى زميلتنا سعيدة شريف أن المشكلة لا تكمن في رغبة جمهور، بل "برمجة المعرض وتوقيته، والأسماء التي تتكرر كل سنة". ويقول الناقد عزيز العرباوي إن إخفاق المعرض في استقطاب جمهور لمتابعة أنشطته الموازية يعود إلى أنه "يكرر الأنشطة ولا يبحث عن الجديد.. الأسماء نفسها والمواضيع ذاتها، والقضايا التي تطرح للنقاش". بينما يشير القاص شكيب أريج إلى أن "هناك حشودا هائلة في المعرض، لكنها ترفض أن تجلس جلسة نمطية مضجرة"، ليخلص إلى أن هناك أعطابا في طريقة برمجة الأنشطة الموازية يجب إعادة النظر فيها". لمواعيد الأنشطة أثر في هذا العزوف، حيث يرى كثيرون أن العديد من الأنشطة تنظم في وقت واحد، سواء في القاعات الثلاث، أو داخل الأروقة، حيث يكاد رواق من أروقة المؤسسات يتحول إلى فضاء محاضرات. فضلا عن هذا، تساءل كثيرون عن سبب رفض وزارة الثقافة تنظيم المعرض إبان العطلة المدرسية. غير أن مسألة العزوف عن الأنشطة الموازية، على اعتبار أن أيام المعرض العشرة تشهد 340 ألف زيارة، لكن الأنشطة الثقافية لا تنال نصيبا من أوفر من هذا الإقبال الكثيف. الكُتّاب أنفسهم يتحملون جانبا من المسؤولية، على اعتبار أن الأنشطة الثقافية تهمهم أكثر من غيرهم. فأغلب المتدخلين لا يهيئون أوراقا، ولا مداخلات، بل يرتجلون كلامهم خلال الندوات. هذا ناهيك عن ظاهرة الغيابات، وكذا عدم الالتزام بمواعيد اللقاءات، حيث إن أغلبها لا ينطلق في المواعيد المحددة في البرنامج.