أثار تعرض بعض سائقي السيارات ل"الاعتقال"، تحت ذريعة تنفيذ أحكام قضائية ، أو"تدبير الإكراه البدني"، بسبب ارتكابهم مخالفات للسير، وصدور أحكام قضائية عليهم تقضي بغرامات لا علم لهم بها، مخاوف "السائقين"، الذين صاروا يعتبرون أنفسهم "معتقلين" في حالة سراح. وفي توضيح له، أكد مراد العلمي، قاض، رئيس شعبة تنفيذ السياسة الجنائية، وتحليل ظاهرة الجريمة في رئاسة النيابة العامة، أن الأمر يتعلق بتطبيق القواعد القانونية الواردة في قانون المسطرة الجنائية، بشأن تنفيذ العقوبات المالية كالغرامات في مخالفات السير. وكشف مراد العلمي، في حديث مع "اليوم 24″، أن سبب عدم علم المعنيين بتلك الغرامات، غالبا ما يكون هو تغيير المخالفين، لعنوان سكناهم، بحيث يكون العنوان المضمن برخصة السياقة غير مطابق للعنوان الحقيقي للمعنيين بالأمر الذي تتم فيه إجراءات التبليغ والتنفيذ. وشدد المتحدث ذاته، على أن مسطرة الإكراه البدني لا تتم مباشرتها من طرف النيابات العامة، إلا إذا توفرت شروط دقيقة حددها القانون، أبرزها "أن يكون الحكم القاضي بالغرامة حائزا لقوة الشيء المقضي به، أي لا يكون قابلا للطعن بالطرق العادية أو بالنقض، كأن يكون الحكم الابتدائي قد بلغ إلى المخالف، ولم يطعن فيه بالاستئناف، وأن يوجه إنذار من طرف طالب الإكراه، إلى المخالف، وبقى دون نتيجة بعد مرور شهر من تبليغه، بالإضافة إلى الإدلاء بما يفيد عدم إمكانية التنفيذ على أموال المخالف، إضافة إلى موافقة قاضي تطبيق العقوبات، على تنفيذ الإكراه البدني، حيث يتحقق هذا الأخير من توفر الشروط القانونية للإكراه البدني ومن انتفاء موانعه". وفي توضيحه، لسبب تنفيذ الإكراه البدني، أبرز مراد العلمي، أن المخالفات كانت سابقا تسجل ورقيا، حيث يتم اللجوء إلى تطبيق السند التنفيذي الذي لا يكون قابلا للتنفيذ إلا بعد تبليغ المخالف، وبعد تحديث العمل إلكترونيا من خلال تنصيص مدونة السير على إمكانية ضبط بعض المخالفات المتعلقة بالسرعة بواسطة الرادارات الثابتة، لم يقع أي تعديل مواكب، في قانون المسطرة الجنائية لمسطرة المحاكمة إلكترونيا، وزاد قائلا، إن دور النيابات العامة، يقتصر على تكييف المخالفة، وتحريك الدعوى العمومية إلكترونيا عبر إحالتها على القاضي المختص، حيث تباشر جميع إجراءات المحاكمة، بالشكل العادي المعمول به في جميع المخالفات والجنح. وبخصوص ما قيل من طرف بعض المتدخلين، حول إلقاء المسؤولية على النيابة العامة في اعتقال المخالفين، فند القاضي برئاسة النيابة العامة، ما يحاول البعض الترويج له، مشيرا إلى أن النيابات العامة، تتعامل بحرص كبير لضمان حرية المحكوم عليهم، المطلوب تنفيذ الاكراه البدني في حقهم، وبالإضافة من تحققها من جميع الشروط القانونية للإكراه البدني، وموافقة قاضي تطبيق العقوبات عليه، فإنه بعد إحالة الملف على الشرطة القضائية قصد التنفيذ، تستعمل مرونة كبيرة في تطبيق أحكام الاكراه البدني، ولا تتم الإحالة تلقائيا على السجن، بل يتم منح فرصة كافية للمحكوم عليهم من أجل أداء الغرامة دون إكراه بدني. ومن أجل تفادي مثل هذه المشاكل، سيما المتصلة بالإكراه البدني بسبب غرامات مخالفات السير التي لا ينتبه إليها المواطنين، أفاد رئيس شعبة تنفيذ السياسة الجنائية في رئاسة النيابة العامة، بضرورة تحيين العنوان المدونة برخص السياقة، في حال تغيير السكن، ليكون مطابقا للعنوان الحقيقي، باعتبار أن التبليغ، يخضع لأحكام قانون المسطرة المدنية التي تضع حلولا خاصة في الأحوال التي يكون المبلغ إليه غير معروف العنوان، عبر اعتماد مسطرة القيم، مما يجعل من إجراءات التبليغ والتنفيذ قد تباشر دون أن يعلم بها المخالف. وتتولى كتابة الضبط في المحكمة المصدرة للحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به-يضيف المتحدث ذاته- إجراءات تنفيذ الغرامات من خلال ملخص تستخرجه، وتبحث عن الشخص لتبلغه بالتنفيذ، وتدخل في إطار إجراءات التنفيذ الجبري، التي قد يتم فيها حجز أموال المحكوم عليه. وفي حالة تعذر ذلك، أفاد مراد العلمي، أن القانون، يسمح بإمكانية تنفيذ الإكراه البدني، ولو من أجل غرامات بسيطة، بناء على طلب تقدمه مصالح كتابة الضبط إلى النيابة العامة، باعتبار أن المشرع المغربي لا يضع حدا أدنى للغرامات التي يجوز فيها تطبيق الإكراه البدني.