أصبح اهتمام المغاربة بتدبير النظافة بالمدن الكبرى والصغرى، أمرا بالغ الأهمية يحظى باهتمامات واسعة، لدرجة أنه لا يكاد منبر إخباري اليوم يخلوا من خبر على الأقل في هذا الشأن، حيث العنوان الأبرز والقاسم المشترك هو «الغرق» في أكوام الأزبال لعدد غير محدود من المدن. العاصمة الاقتصادية «بحر» من الأزبال عله واحد من أقوى الأوصاف الإعلامية للوضع الذي باتت تعيشه مدينة الدارالبيضاء، على خلفية إعلان نقابة الأموي، تصعيد الاحتجاج على الشركة المكلفة بتدبير قطاع النظافة بالعاصمة الاقتصادية قصد الزيادة في الأجور، بمنع خروج الشاحنات وآليات جمع النفايات منذ يوم السبت الماضي. الأمر الذي جعل أكبر مدن المغرب بعد فترة وجيزة، تصبح عبارة عن كومة عملاقة من النفايات المتراكمة في الأزقة والشوارع، مصدرة روائحها «الزكية» لتعم كل أرجاء المدينة. ورغم القرار القضائي الحاكم بضرورة إيقاف الإضراب، لازالت المدينة «تتنفس» الأزبال بتعبير إحدى المنابر، رغم ما وعد به مجلس المدينة أول أمس في بلاغ كتب بلغة موليير، مؤكدا أنه تم اتخاذ جميع التدابير من أجل عودة خدمات النظافة الحضرية إلى الوضع الطبيعي بعدما عرفت مؤخرا بعض الاضطرابات، وكذا لتعزيز الخدمات التي تضمن بشكل أمثل قواعد الصحة العامة بالأحياء. فاس مدينة الأزبال باعتراف دولي مشكلة العاصمة العلمية للمملكة مع قطاع النظافة، عرفت إشعاعا دوليا مقارنة مع باقي المدن «الغارقة» في أكوام القمامة والنفايات، حيث حازت شرف الاعتراف والشهادة أنها «مدينة الأزبال»، من قبل «بولند أرينج»، نائب رئيس الوزراء التركي، الذي صرح بذلك أمام وفد من الصحفيين المغاربة الذي حلوا قبل أيام بالديار التركية. مراكش «تغوص» في الأزبال والمطرح «تيتسال الفلوس» على غرار أخواتها المدن المغربية، مراكش الحمراء أعلنت هي الأخرى تبنيها ل«موضة الأزبال»، غير أن السبب هنا ليس إضراب عمال النظافة للشركتين المخول لهما تدبير الملف، لأن العمال «دايرين خدمتهم»، ولكن «ما كاين فين يلوحوا الزبل»، بعدما امتنعت الشركة المكلفة بتدبير مطرح «حربيل»، عند فتحه مجددا لرمي ما يتم تجميعه من نفايات من المدينة الحمراء، إلى حين أن يسدد المجلس الجماعي ما على ذمته من ديون، وكأن لسان الحال يقول «لا يعقل نجمعوا لكم أزبالكم وما تعطوناش فلوسنا». العيون لها نصيب في «زينة» الأزبال وفي أقصى جنوب البلاد، اكتست مدينة العيون بدورها «كسوة» الأزبال مع مطلع الأسبوع الجاري، بعد الإضراب الذي دعا له عمال النظافة، بسبب خلافات طفت إلى السطح مع الشركة المكلفة بتدبير القطاع، أياما قليلة من تفويضها لذلك، على إثر تسريح عدد من العمال من الخدمة وتجديد العقدة مع آخرين، وكذا جملة من المطالب الاجتماعية والحقوقية. أحد العمال المضربين صرح لموقع محلي، أن السبب المباشر للإضراب يرجع إلى «هيمنة إدارة الشركة وتبعيتها لحزب الاستقلال، لدرجة جعلت عمالها يتحولون إلى شبه أقنان، يستعملون في مناسبات الحزب و أنشطة الجمعيات المقربة منه»، وكذا كثرة ساعات العمل وعدم احترام مدونة الشغل هو الذي دفعنا للإضراب. وأضاف المتحدث حسب المصدر نفسه، أن الإدارة ترفض العمل النقابي بصفوف العمال وخاصة إذا كان من نقابة غير تابعة للحزب المذكور. عفوا يا سادة.. «غرق» أم «زينة» التأمل في هاته النماذج المعدودة لعدد أكبر من مدن أصبح لباسها الظاهر هو النفايات المتراكمة، لا يمكنه تصديق أن بلدا بقدر المغرب «تغرق» جل مدنه في الأزبال، ويعجز المسؤولون عن إيجاد الحلول، سوى أن تكون «موضة» جديدة لاستزادة المظاهر «الخلابة».