لا شك أن إقدام حزب التقدم والاشتراكية على سحب مرشحه، الذي هو مرشح الأغلبية، عبد اللطيف أوعمو، من سباق رئاسة مجلس المستشارين، قبل حوالي ساعة من الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الغرفة الثانية، يُنبئ بتغيرات قد تكون جذرية على مستوى السيناريوهات المحتملة لنتيجة التصويت. سحب مرشح ال"PPS" من السباق جاء بعد أن اشتم حزب نبيل بنعبد الله "رائحة الغدر" في مستشاري حزب الحركة الشعبية، وهو ما نفهمه من كلام رئيس حزب "الكتاب" الذي قال إن الموقف جاء بعد "عدم التزام" مستشاري "السنبلة" بالتصويت لصالحه. وهذا الانسحاب سيضيق دائرة التنافس لتقتصر على ثلاثة أشخاص هم مرشح حزب الاستقلال، عبد الصمد قيوح، ومرشح حزب الأصالة والمعاصرة، حكيم بنشماس، إضافة إلى مرشحة الاتحاد العام لمقاولات المغرب "الباطورنا"، نايلة التازي. كثير من المحللين يذهبون إلى أعمق من ذلك حين يعتبرون أن دائرة التنافس على منصب الرجل رقم 4 في هرم الدولة ستقتصر فقط على "قيوح" و"بنشماس"، وأن ترشح "التازي" هو ل"تنشيط البطولة" كما يُقال فقط، على اعتبار أن مرشحي الاستقلال والبام، هما الأوفر حظا للفوز بمقعد رئاسة الغرفة الثانية. لذا، يتوقع البعض أن تسير "نايلة التازي" على نهج ال"PPS"، وتسحب ترشيحها هي أيضا، لفسح مزيد مجالٍ أمام "حكيم بنشماس" وبالتالي إبقاء كرسي الغرفة الثانية للبرلمان المغربي في حظيرة حزب الجرار. وعلى هذا المستوى، فإن سيناريوين اثنين مطروحان: الأول، تصويت مستشاري حزبي العدالة والتنمية، والتقدم والاشتراكية، لفائدة مرشح حزب الاستقلال، عبد الصمد قيوح، على اعتبار التقارب بين الحزبين الأوليين، وحزب الميزان، رغم أنه في المعارضة، خصوصا وان المرشح كان عضوا بالطبعة الأولى من الحكومة، وتربطه بعبد الإله بنكيران ونبيل بنعبد علاقة تُوصفُ ب"الطيبة"، ولأنه يبدو من المستحيل أن يُصوت مستشارو "المصباح" و"الكتاب" لمرشح "الجرار" بسبب "العداء الإيدبولوجي". ويمكن ان نضيف إلى مستشاري "المصباح" و"الكتاب"، بعضا من مستشاري "الحمامة" و"السنبلة"، لان في مثل هذه المواقف، اعتدنا رؤية انقسام حتى داخل مستشاري الحزب الواحد بسبب "الكلمة"، زيادة على أصوات قد تأتي من هنا أو هناك، فتعطي رئاسة مجلس المستشارين لعبد الصمد قيوح. في هذا السيناريو يمكن ان يحصل حزب الاستقلال على 24 صوتا الخاصة به، زائد 16 صوتا من العدالة والتنمية ونقابته "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب"، وصوتين للتقدم والاشتراكية، أي ما مجموعه 40 صوتا، وقد تنضاف إليها بعض من الأصوات الثمانية التي حصلها عليها لا منتمون سياسيا، ومقاعد لنقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، مما قد يصعد بها إلى حوالي 50 مقعدا. والثاني، والذي يقابل السيناريو الاول، سيصوت خلاله مستشارو حزب التجمع الوطني للأحرار (8 أصوات) وحزب الحركة الشعبية (10 اصوات)، لفائدة مرشح حزب الأصالة والمعاصرة، حكيم بنشماس، الذي يتوفر على 23 صوتا، مما يعني 41 صوتا، قد تصاف إليها أصوات احزاب من المعارضة كالاتحاد الدستوري (3 أصوات) والاتحاد الاشتراكي (5 اصوات) وربما أصوات "الباطرونا" أيضا، مما يعني أن عدد الأصوات التي قد يحصدها بنشماس قد تقفز إلى حوالي 50 مقعدا أيضا. وهو ما يعني إمكانية أن نرى جولة ثانية ستحسم مآل كرسي رئاسة مجلس المستشارين. فإلى من ستؤول نتيجة الفوز؟