منذ 2007 توالت المبادرات السياسية والتحالفات الحزبية، معلنة بشكل صريح، لا يقبل التأويل، غاية واحدة، تتجه نحو فرملة حزب العدالة والتنمية، ووقف زحف الإسلاميين على المشهد السياسي، ووضع حد للاكتساحات الانتخابية المتوالية،كان أبرزها إعلان فؤاد عالي الهمة التنحي من وزارة الداخلية، ونزول ميدان المبارزة المباشرة مع إخوان بن كيران، وتأسيس حركة لكل الديمقراطيين، التي انبثق عنها حزب الأصالة والمعاصرة، ليقود تحالفات عديدة في انتخابات 2009 و 2011، دون أن يحقق الأهداف المرجوة. خروج محمد ضريف لإعلان تأسيس حزب سياسي ل"الديمقراطيين الجدد"، يطرح أكثر من علامة استفهام، بالنظر إلى سياقاته السياسية الزاخرة بالشد والجذب، والتقاطبات بين الفاعلين السياسيين، وانتهاء أسطورة الأحزاب الوطنية، بعيد اكتساح المال والتدخلات الخارجية ولجوء مكوناتها إلى المحاكم لفض النزاعات الحزبية، والإقالات والاستقالات، وهو ما يجعل مختلف المشاريع التي كان يلجأ إليها حزب الأصالة والمعاصرة في تقوية معارضته لحزب بن كيران في موقف ضعف وهوان. سياقات تجعل من حزب ضريف الجديد خيارا من بين ثلاث خيارات أسياسية، يتمثل أولاها في إعلان رسمي لفشل مشروع حزب الأصالة والمعاصرة، وعدم قدرته على تحقيق الأهداف التي أسس من أجلها، وهو خيار يقتضي وجود طرف ثان في عملية التأسيس هو الذي دفع بالفكرة إلى حيز التحقيق، كبديل عن مختلف المبادرات التي عرفتها الساحة السياسية. الخيار الثاني يتمثل في تفكيك بسيط لمفردات تسمية الحزب بالديمقراطيين الجدد، وإمكانية استغلال محمد ضريف لموقعه المقرب من جماعة العدل والإحسان، في استقطاب أطر الجماعة إلى دائرة المشاركة في المجال السياسي، فالتسمية تبشر باستقطاب ديمقراطيين جدد إلى المشاركة السياسية، وهو ما قد يحيل على أطر الجماعة، وفتح الباب أمام المثقفين لتشكيل الحزب الجديد. وفي هذا الخيار يتمتع محمد ضريف بمكانة خاصة، تمكنه في أن يحول حزبه الموعود إلى حصان طروادة لجهات تريد اقتحام قلعة العدل والإحسان، وكسر اللاءات التي تشكل حصونها، لخلق ليونة في الشروط التي تفرضها قبل الدخول إلى معترك السياسة. وتبقى الفرضية الثالثة أن يكون حزب محمد ضريف، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، بمنأى عن التوظيف "المخزني"، في بعديه، سواء لتشكيل معارضة جديدة، تكتسي قوة أكبر بإقحام العازفين عن السياسة من أطر ومثقفين لتعويض فشل مشروع حزب الأصالة والمعاصرة، أو تشكيل جسر بين الدولة وجماعة العدل والإحسان يمكن من التنازل عن الشروط المسبقة قبل المشاركة السياسية. وتؤول هذه الفرضية إلى ما ذهب إليه الخطاب الأولي لمحمد ضريف، وتحليلات مجموعة من الجامعيين، في كون الحزب يأتي لمصالحة المثقف مع السياسة، ونفي محمد ضريف لأي علاقة بين حزبه المنتظر وبين التوظيف "المخزني" من أجل معارضة حزب العدالة والتنمية، وبها يكون الحزب الحامل لتسمية كبرى، مجرد إضافة لأزيد من ثلاثين حزبا سياسيا، أزيد من ثلثيها تعد أحزاب مجهرية، وجزء كبير منها لم يستطع وضع قدمه في البرلمان. يحق لمحمد ضريف، الذي كان يقود حملة مسعورة ويرتدي لباس المثقف المعارض لحكومة بن كيران منذ تأسيسها، أن يعلن عن حزب جديد، لكن الخطاب الذي يلجأ إليه في أغلب مقالاته في التحليل السياسي، هو نفسه الذي يقود إلى طرح العديد من الأسئلة، في أولى خرجاته، إذ أن تسمية الديمقراطيين الجدد في حد ذاتها، تثير السؤال، هل يستقطب ضريف لاعبين جدد (فعلا) إلى معترك السياسة، أم أنها مجرد صور مستنسخة سيعمل على إعادة تدويرها في خطاب جديد، يروم رفع السقف نظريا، ومحاكاة الموجود على أرض الواقع؟