تكررت الاعتداءات التي يتعرض لها وزراء في حكومة عبد الإله بن كيران، بشكل أصبح يلفت النظر في الآونة الأخيرة، ليتحقق ما ظل رئيس الحكومة يحذر منه من سقوط لهيبة الدولة وتجرأ على مؤسساتها المنتخبة، وعلى رأسها الحكومة والبرلمان. ففي سابقة من نوعها، سجلت الساحة السياسية بالمغرب في الفترة الأخيرة، تعرض عدد من الوزراء، إلى اعتداءات وصلت في بعض الأحيان إلى حد الاعتداء البدني، وتوالت بشكل متكرر في ظرف لم يتجاوز الأسبوعين. الوردي يعنف داخل البرلمان وكان الحسين الوردي وزير الصحة، قد تعرض لهجوم من قبل ستة صيادلة محسوبين على مجلس صيادلة الجنوب، تمكنوا من دخول البرلمان بمساعدة نائبة تنتمي إلى أحد فرق المعارضة، حيث أقدم هؤلاء الصيادلة، على التهجم على الوردي وسبه وشتمه وتهديده، بعد خروجه من اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية. وشكلت الحادثة تجرءا خطيرا على اعتبار أنها اتسمت باعتداء مزدوج على حرمة المؤسسة التشريعية، وعلى وزير في الحكومة، وصفه بنكيران في أكثر من مرة بالرجل الشجاع الذي يحارب لوبيات الفساد ويقاوم التهديدات والإغراءات. الرباح ينتقد رجال الأمن بعد التهجم عليه لم تمر سوى بضعة أيام على الحادث الذي تعرض له الوردي، ليواجه عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، هو الآخر الموقف ذاته، حيث تعرض الوزير الذي ينتمي على حزب العدالة والتنمية لسيل من السب والشتم والقذف من طرف مجموعة من الشبان حاولوا اقتحام مهرجان خطابي للحزب بمدينة بن سليمان، وذلك على مرأى ومسمع من القوات العمومية. هذا الاعتداء لم يمر عند رباح مرور الكرام، حيث وجه في حينه، ومن على منصة المهرجان، انتقادا لاذعا لرجال الشرطة والسلطات الأمنية بشكل عام، بسبب تقصيرها في حماية الأنشطة العامة والمواطنين، فضلا عن المسؤولين السياسيين. بن عبد الله في مرمى حجر ضحية أخرى تنضاف اليوم إلى القائمة، هو نبيل بن عبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، التي وصل الاعتداء هذه المرة إلى رشقه بالحجارة من طرف مجموعة من الأطفال، مما أسفر عن إصابته بجروح على مستوى الرأس استدعت نقله إلى المستشفى الاقليمي بمدينة آسا في الجنوب. ورغم أن الإصابة لم تحل دون عودة الأمين العام لحزب التقدم والاشتركية لإكمال النشاط الحزبي الذي كان يؤطره، فإنه يؤشر لتحول التهديدات إلى تنفيذ عملي، ربما جاء هاته المرة في صيغة حجر قذفه طفل، وقد يأتي في مرات لاحقة بأشكال أكبر. ابن كيران محاصر أمام البرلمان رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، نفسه تعرض لموقف مماثل، شهر شتنبر الماضي حيث أقدم مجموعة من المعطلين على محاصرته، بشارع محمد الخامس قرب مبنى البرلمان بالعاصمة الرباط، ومطالبته بتنفيذ مقررات محضر 20 يوليوز للتوظيف المباشر. المشهد الذي ظل عالقا في الأذهان من هاته الحادثة، هو صعود أحد المعطلين فوق سيارة رئيس الحكومة، وتجمهر عدد كبير منهم حولها، بشكل خلف الكثير من الجدل حينها. هدوء عبد الله بها لم يطفئ غضب المعطلين في الشهور الأولى من عمر الحكومة، مر الوزير الصامت، عبد الله بها، اليد اليمنى لعبد الإله بن كيران في الحكومة والحزب، بموقف محرج، عندما كان يمر بشارع محمد الخامس بالرباط سيرا على الأقدام، ليتعرض لحصار واعتداء لفظي وجسدي من قبل مجموعة من المعطلين. المعطلون الغاضبون الذين حمّلوا بها مسؤولية عدم تنفيذ محضر التوظيف المباشر، رشقوا وزير الدولة بقنينات المياه، واعتدوا على مرافقين له، كانوا يحاولون حمايته من المهاجمين. طلبة يرفعون "ارحل" في وجه الخلفي وذاق وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، نصيبه من الاعتداء عندما حاول طلبة محسوبون على الفصائل اليسارية بالجامعة، منعه من إلقاء الدرس الافتتاحي، بجامعة ابن زهر بمدينة أكادير. وواجه الخلفي عاصفة الهتافات بالهدوء حينا والرد حينا آخر، قبل أن يقرر الطلبة المعارضون لوجود الخلفي الانسحاب من القاعة، في ظل وجود طلبة ينتمون لمنظمة التجديد الطلابي، التي كان الخلفي رئيسا لها، أصروا على استكمال الوزير لمحاضرته. مؤشر مقلق ويعد تكرار التهجم اللفظي والجسدي على عدد من وزراء حكومة بن كيران مؤشرا مقلقا على الخروج عن منطق الحوار والجدال وفق القواعد الديمقراطية المتعارف عليها، إلى الإقدام على أفعال مجرمة قانونا، وبعيدة عن الأساليب الديمقراطية. وسبق لبنكيران أن حذر أكثر من مرة من التهجم على الوزراء، بالشكل الذي يفقد المؤسسات الدستورية هيبتها، ويحول الخلاف السياسي عن مساره الطبيعي، باستعمال أساليب غير مقبولة. تجدر الإشارة إلى أن حزبين فقط من ضمن 5 أحزاب ضمتها تشكيلة حكومة ابن كيران في نسختيها، تعرض وزراؤهما لاعتداءات، ويتعلق الأمر بحزب العدالة والتنمية، وحليفه الأكثر التزاما داخل الأغلبية، حزب التقدم والاشتراكية.