دعا المشاركون في المناظرة الوطنية الثانية حول السلامة اللغوية بالمغرب إلى اعتماد العربية كلغة للتدريس، بما في ذلك تدريس الرياضيات والعلوم، وتفعيل المقتضيات الدستورية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية والإسراع بتنزيل البنود المرتبطة بها. ودعت توصيات هذه المناظرة، التي تم تقديمها في لقاء صحفي أمس الجمعة بالدار البيضاء، إلى إيجاد مؤسسة لغوية متمثلة في أكاديمية محمد السادس للغة العربية بكل مكوناتها وطاقمها العلمي لتقديم المقترحات، وتفعيل توجهاتها في ضوء رؤية مستقبلية تعكس تطلعات الأمة، وإنشاء جامعة محمد السادس للغة العربية، والعمل على إحداث لجنة وطنية للتدريس باللغة العربية. وأكدت توصيات المناظرة، التي نظمها الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي في شهر أبريل الماضي بتعاون مع جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والتضامن الجامعي المغربي في موضوع "التخطيط اللغوي والتنمية"، على إحداث مؤسسات وطنية للترجمة، وتطوير اللغة العربية وترشيد استعمالها وتداولها والارتقاء بها نحو مجتمع المعرفة، وتشجيع المبادرات الرامية إلى خدمة اللغة العربية في إطار مشاريع علمية قادرة على تيسير تعليمها بتبسيط نحوها وصرفها، وإغناء معجمها بمصطلحات جديدة نسقية تحت إشراف معهد الدراسات والأبحاث للتعريب. وحث المشاركون في هذه المناظرة المثقفين على الحديث باللغة العربية الفصحى، والقيام بدراسات ميدانية للتوعية بضرورة التواصل باللغة العربية، وخلق فضاء معرب من خلال الإعلانات والوثائق، وتحديد مفهوم اللهجة واللغة العربية زمنيا ومكانيا. وفي ما يتعلق باللغة الأمازيغية، أوصى المشاركون بإلزامية تعلمها انطلاقا من السلك الابتدائي، وتعميمها بالمنظومة التربوية، وتعزيز البحوث والبرامج والمناهج والمقررات المرتبطة بتدريسية هذه اللغة، وكذلك التمكن من اللغة الأم قبل الانفتاح على اللغات الأخرى، مع تدريس اللغات الأخرى لمعرفة الآخر وليس بديلا عن التواصل بين المغاربة. وأوصت المناظرة بتنسيق المترجمين مع المعجميين واللسانيين، ووضع بيبلوغرافيا للترجمة يتم تحيينها سنويا وتشجيع نشر الترجمات، وكذا استصحاب مفهوم التخطيط اللغوي المواطن، والتخطيط اللغوي من أجل التنمية. من جهة أخرى، أكد رئيس الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي، حسن الصميلي، في كلمة بالمناسبة، أن التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب ينبغي ترشيده من خلال تطبيق مقتضيات دستور 2011، وخاصة ما جاء في تصديره وفي الفصل الخامس منه، مبرزا أن المرجعية الدستورية تنص على لغتين رسميتين، هما العربية والأمازيغية، مع الانفتاح على اللغات والتعبيرات الثقافية الأخرى. وأضاف السيد الصميلي أنه إلى جانب مفهوم الترشيد اللغوي، يشتغل الائتلاف كذلك على السلامة اللغوية لضمان تعايش اللغات وعدم تصادمها في أفق الوصول إلى تكامل هذه اللغات، وكذا مفهوم التهيئة أو التخطيط اللغوي لبلوغ السلامة اللغوية. وأكد نائب رئيس التضامن الجامعي المغربي، رشيد شاكري، أن الهيئة، التي يزيد تاريخ إنشائها عن 80 سنة، وتضم أكثر من 70 ألف منخرط، شاركت في العديد من النقاشات المتعلقة بتطوير العملية التعليمية، منها على الخصوص ندوة "العنف بالوسط المدرسي" التي نظمت بمراكش، وندوة "التعليم والتعلمات" بالدار البيضاء، ثم ندوة "التخطيط اللغوي والتنمية" بشراكة مع الائتلاف، مشيرا إلى دور التضامن الجامعي المغربي في العمل من أجل إرساء مدرسة مغربية تقوم على الهوية والقيم الإنسانية. وتجدر الإشارة إلى أنه تم، في ختام هذا اللقاء، التوقيع على اتفاقية شراكة بين الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي والتضامن الجامعي المغربي من أجل تعزيز التعاون بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك.