في موقف غريب خرج رئيس مجلس الطوائف اليهودية في مدينتي مراكش والصويرة "جاكي كوديش" عن صمته؛ وأدلى بتصريحات مثيرة حول مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الإرهابي. وقال اليهودي "جاكي كوديش"، وفق ما نشرته جريدة هآرتس، مدافعا عن الصهيونية بأن «هذا القانون ليس أمامه أي حظ حتى يمر في البرلمان، كما أن الملك لن يسمح بذلك»، ووصف كوديش بنود مشروع القانون بأنها «غير عقلانية وغير منطقية، ولا يمكن أن تمر في بلد منفتح كالمغرب». فمباشرة بعد التقدم بمشروع القانون في 29 يوليوز 2013، وموافقة كل من حزب العدالة والتنمية، والاتحاد الاشتراكي، والأصالة والمعاصرة، والتقدم والاشتراكية، والاستقلال، على مسودة المشروع، توالت التصريحات من هنا وهناك، وخرجت العديد من المنابر الإعلامية وخاصة الصهيونية للتنديد بهذا القانون؛ ووصفت الأحزاب الموافقة ب«الأصوات التي تعادي السامية في المغرب». وخرج مجددا العلماني المتطرف "أحمد عصيد" ليدعم الطرح الصهيوني، وأعلن من خلال قناة برشلونة رفضه لمقترح القانون وإصراره على النضال حتى لا يمر في البرلمان، واصفا إياه ب"الغلو والتطرف"، ومدعيا أن هذا القانون «سيقودنا إلى محاكم التفتيش». وقد وافق "عصيد" -من خلال موقفه هذا- موقف الصهاينة الأصليين من المشروع، وكشف عن جانب صهيوني كامن فيه لطالما عمل على إخفائه وراء مساحيق شتى، فهو باعتباره حقوقيا من واجبه أن يدافع عن المظلوم لا عن الظالم، وعمن اغتُصِبت أرضه، ونهبت ثرواته، وقتل أبناؤه، لا عمن يَقتلون الأبرياء باستعمال كافة الأسلحة المحظورة دوليا، ويصرون على بناء المستوطنات، وسفك دماء الأبرياء. اللهم إلا إذا كان مفهوم حقوق الإنسان عند عصيد قاصرا على بعض الأمازيغ الذين يوافقونه الهوى؛ وعلى المؤمنين بالعقيدة العلمانية اللادينية فحسب! فهذا موقف غريب فعلا؛ يضع أكثر من علامة استفهام حول علاقة عصيد بالكيان الإرهابي، ودوره في الدفاع عن الصهيونية وعقيدتها؛ مقابل هجومه البائس على الإسلام وثوابته وأحكامه. وكان آخر مهازله ادعاؤه أن سبب بكاء الخطباء والمصلين في بيوت الله هو «الخطباء الوهابيون، الذين درجوا على فعل ذلك سواء في الحرم المكي، أو في التسجيلات الصوتية على أشرطة الدعاء والأقراص المدمجة التي تباع في الأسواق.. وأن المسلمين عرفوا ظاهرة البكاء في المساجد في عصور الانحطاط، وازدهرت بسبب اشتداد الضائقة وانتشار الظلم واستبداد الحكام وكثرة الأوبئة والمجاعات والكوارث الطبيعية..». وهو تحليل رجعي مادي متجاوز لمفهوم البكاء عند المسلمين، لم يعد صالحا للزمان والمكان الذي نعيش فيه، بحكم أن العالم أجمع -ولا أقول المغاربة فحسب- رغم التسلط العلماني على الإعلام والثقافة والفن..، ورغم التزوير الإجرامي الكبير للحقائق الشرعية، ورغم الحملة العالمية للترهيب من الإسلام، لازال الناس إلى اليوم يدخلون في هذا الدين الحق زرافات ووحدانا، والإسلام هو أكثر الأديان انتشارا في العالم، ومن المتوقع، وفق ما ذكرته "الديلي ميل" استنادا إلى موقع"Maps of Wars" أو "خرائط الحروب" المتخصص في نشأة وانهيار الحضارات العالمية خلال الحروب، من المتوقع أن يزداد عدد السكان المسلمين في العالم بمعدل 35% في العشرين سنة القادمة، مرتفعا بذلك من 1,6 مليار مسلم في عام 2010 إلى 2,2 مليار مسلم بحلول عام 2030. فمن جرب اللادينية ردحا من الزمن واقتنع بهذه العقيدة الباطلة في الغرب يتنكر لها اليوم ويقر ببطلان الإلحاد، أما أبناء جلدتنا من المنتسبين إلى "مازيغ" فلا زالوا في سكرتهم يعمهون، ولضلالهم ينشرون، ومحال لمن يصف رسائل النبي صلى الله عليه وسلم بالإرهابية؛ ولمن لم يذق طعم الإيمان أن يفهم تجاوب القلب مع رسالة السماء، وتفاعل الناس مع الوحي، وسيبقى طول حياته -إلا أن يشاء الله- يقلب الحقائق ويوزها تحت أي مبرر كان، ويعارض الفطرة ويخمد صوتها في أعمال وجدانه. وعودا إلى تصريح رئيس الطائفة اليهودية في مدينتي مراكش والصويرة، فالجميع يعلم الفرق بين اليهودية باعتبارها ديانة سماوية محرفة، والصهيونية التي هي إيديولوجية عنصرية تسعى إلى إنشاء وطن يهودي بأرض فلسطين، فهل "جاكي كوديش" رئيسٌ للطائفة اليهودية بالمغرب، أم رئيس للطائفة الصهيونية في المغرب، أم لكليهما معا؟!! فتصريحات "كوديش" متوافقة تماما مع ما نشرته منابر صهيونية عدة، وكلامهم جميعا يخرج من مشكاة واحدة، أذكر منها اختصارا ما نشره الموقع الصهيوني JN1 (Jewish News one) الذي أكد أنه رغم موافقة أغلبية الأحزاب على مسودة القانون إلا أنه «مع ذلك، فنظرا للنفوذ الكبير للملك محمد السادس، فهناك أمل كبير في رفض المشروع المعادي للسامية». أكيد أن المغرب -كما يقال- مُصِرٌّ على بناء دولة المؤسسات ومنحها كافة صلاحياتها، والعديد من المتتبعين لهذا القانون وتاريخ المصادقة عليه وصدوره في الجريدة الرسمية يجعلونه مؤشرا ومعيارا لرفع التحدي ونجاح التجربة. فهل سيصدق ظنهم؟ هذا ما سيُكشَف عنه -بحول الله- في الأيام القليلة القادمة.