أثار التحاق خمس قيادات من التيارالسلفي بالعمل السياسي، وبالضبط بحزب النهضة والفضيلة المنشق عن حزب العدالة والتنمية سنة 2005، نقاشا، فبينما رأى كثيرون أن الخطوة تأتي في سياق سحب البساط من تحت أرجل هذا الحزب القائد للتجربة الحكومية، حتى لا يتحول السلفييون إلى خزان انتخابي إضافي، يرى مقربون من حزب المصباح أنه لم يؤسَّس لكي يستقطب تيارا بعينه بل هو حزب كل المغاربة. حزب قوي بلا سلفيين اعتبر أحد المراقبين للشأن السياسي المغربي أن رهان القيادات السلفية على اختيارهم لحزب صغير كحزب النهضة والفضيلة مرده إلى رغبتهم في التواجد في المقدمة السياسية للحزب، وهو ما لا يتأتى لهم، حسب المراقب ذاته، في انضمامهم لحزب العدالة والتنمية الأكثر قوة وتنظيما وحزما في الترشح للقيادة السياسية. وأضاف المراقب في تصريح خص به "الرأي" أن حزب النهضة والفضيلة راهن بدوره في استثمار ورقة السلفيين لتوسيع قاعدته الانتخابية، بالنظر للولاء الذي يُكنه السلفيون لشيوخهم وقياداتهم. وأباح المراقب ذاته إلى أن عامل القرابة العائلية ساهم في التحاق قيادات سلفية بحزب الشمس لوجود قرابة بين أحد القيادات بالحزب بقيادي سلفي معروف. ويرى كثيرون أن سؤال "هل فشل حزب العدالة والتنمية في استقطاب السلفيين" غير مطروح بالنظر إلى كون هؤلاء لم يبادروا أصلا إلى طرح فكرة إلتحاقهم بحزب المصباح، كما أن الحزب حسب ما علمت "الرأي" لم يناقش الفكرة في أي لقاء رسمي لقيادته، ولو طرحت لتفاعلت معها قيادة الحزب ب "إيجابية" بناء على شروط مسبقة وهي "الايمان بالثوابت" التي تنبني عليها مواقفه، و"نبذ العنف". الاختبار السياسي للسلفيين وعن خطوة انضمام السلفيين للعمل السياسي، كونها مراجعة لأفكارهم من الناحية الشرعية أم هو احتواء من جهات معينة في الدولة، أكد محمد مصباح، الباحث في علم الاجتماع، والمتخصص في الحركات الإسلامية، أنه يعتقد أن دخول أحد مكونات التيار السلفي للمشاركة السياسية المباشرة لم يكن مفاجئة في حد ذاته بقدر ما كان التوقيت، مشيرا إلى أن خطوتهم ستكون بمثابة اختبار لمقولة إدماج السلفيين في الحياة السياسية سيؤدي إلى اعتدالهم". وقال مصباح في تصريح لجريدة "الرأي"، "إنه من السابق التكهن بشكل المسارات التي يمكن أن تأخذ هذه المشاركة وأيضا حدودها، باعتبار اختلاف السياق السياسي في المغرب عن نظيره المصري". مبديا تخوفه من لعب ورقة السلفيين من أجل خلق نوع من التوازن إزاء تنامي قوة حزب العدالة والتنمية بعد فشل التيارات العلمانية في إضعافه. الريسوني يبارك والهيلالي ينتقد خطوة اختيار القيادات السلفية للعمل السياسي باركها "شيخ" العدالة والتنمية، أول رئيس لحركة التوحيد والإصلاح وعضو مكتبها التنفيذي، واعتُبرت رسالةً إلى داخل بيت البيجيدي بعدم التعامل ب"قسوة" مع الخطوة. وجاء في رسالة الريسوني إلى أبي حفص، إني "أهنئكم بخطوتكم الجديدة، وبما ترومونه من خلالها من نصرة لدينكم وخدمة لقضايا أمتكم ومجتمعكم، سائلا الله تعالى أن يوفقكم ويسدد خطاكم، إنه سميع مجيب". وكان أقوى رد تلقاه السلفيون الملتحقون بحزب النهضة والفضيلة، جاء من عند نائب حركة التوحيد والإصلاح، امحمد الهيلالي، عندما قال إنه "أسوأ خبر أسمعه منذ الربيع العربي، وأتخوف على مستقبل ومآل مشروع الاندماج السياسي للسلفيين". ووصف الهيلالي حزب الشمس بالمخادع، قائلا "لن يحجب بغضي لهذا الوصولي الذي وضع يده في يد مجموعة الثمانية (G8) المفككة، وفي وقت هتف الشعب بسقوطها، لا خير يرجى وراء مخادع". سلفيون مختلفون سياسيا رغم ارتؤائهم من نفس الحوض الفكري والدعوي، إلى أن القيادات السلفية فرقتها التوجهات والاختيارات السياسية، فاختار كل طرف مساره، ف"جماعة" أبو حفص وآخرون التحقوا بحزب محمد الخاليدي، وأسس الكتاني بمعية أبي حفص جمعية "البصيرة للتربية والدعوة" بغية العمل في الحقل دعوي العلني من خلال جمعية مدنية، قبل أن ترفض السلطات الترحيص لها بالعمل. لكن في الوقت ذاته ويرفض الكتاني العمل السياسي، من خلال ما كتبه على حائطه في الفايسبوك، وعزا "نفوره" من السياسة إلى "حاجة الناس للتربية قبل السياسة، وبلادنا أحوج ما تكون إلى التربية والدعوة والاستقامة على الطريقة المثلى... ثم إن ما تأخذه السياسة من دينك أكثر مما تعطيك، ونحن أحوج ما نكون لطائفة حق تبين الإسلام كما هو ولا تداهن فيه". وعن تفضيل الكتاني للعمل التربوي على السياسي جاء ردَّ الشيخ محمد الفيزازي، قويا وقال في حق الكتاني "أنت مع أحمد عصيد والرويسي والرياضي والساسي وعبد الحميد أمين وغيرهم ممن هم على شاكلتهم من المحاربين لدين الله تعالى نهارا جهارا... ضدا على إخوانك في العدالة والتنمية والنهضة والفضيلة وآخرين أمثالهم... أتريد تغليب كفة الفساد بأنواعه على كفة الإصلاح حتى وهو جزئي وضئيل؟". بينما اختار الوجه السلفي البارز عمر الحدوشي عدم انخراطه في العمل الجماعي التنظيمي، وقال في حوار سابق مع "الرأي": "لا أحب أن أكون منخرطا في أي جمعية، لأنه ليس لي فقه وراء الجدران، فما أومن به أصرح به علانية"، واستدرك قائلا "إذا رأيت إخواننا فُتح لهم في تبليغ ونشر دين الله في بعض الجمعيات بعيدين عن المخالفات الشرعية نشد على أيديهم ونتناصح فيما بيننا وبينهم وكلٌّ يُنفق بما عنده".