تناولت صحف أميركية وبريطانية الهجوم الذي استهدف صحيفة شارلي إيبدو في باريس، وأشار بعضها إلى مدى حرية التعبير في أوروبا، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالإساءة لمعتقدات الآخرين، وقال بعضها إن "شارلي إيبدو" نفسها تكيل بمكيالين. فقد نشرت نيويورك تايمز الأميركية مقالا ل ديفد بروكس بعنوان "لست مع شارلي إيبدو" قال فيه إنه يُنظر إلى الصحفيين الذين قتلوا في حادثة شارلي إيبدو على أنهم شهداء حرية التعبير. وأضاف أنه لو حاول هؤلاء الإعلاميون نشر صحيفتهم الساخرة في أي حرم جامعي أميركي خلال العقدين الأخيرين، فإن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس سرعان ما سيقومون بمنعهم من الاستمرار بالنشر وباتهامهم بالترويج لخطاب الكراهية. وأوضح الكاتب أن جامعة إلينوي الأميركية سرعان ما طردت أستاذا لأنه قام بتدريس وجهة نظر "الكاثوليكية الرومانية" بشأن الشذوذ الجنسي. وأضاف أن السخرية من المعتقدات الدينية للآخرين تعتبر عملا "صبيانيا" وأنها تفقد طابع المتعة. عيش بسلام ونشرت الصحيفة ذاتها مقالا للكاتبة الفرنسية سيلفي كوفمان قالت فيه إن الهجوم على شارلي إيبدو شكل صدمة للفرنسيين بسبب ما أسفر عنه من ضحايا، ولكنه لم يكن مفاجئا، وذلك لأن الفرنسيين يعيشون في أجواء هذه التهديدات منذ فترة طويلة. وأضافت كوفمان أن في فرنسا جالية مسلمة كبيرة وهادئة وغير متطرفة وأن المسلمين "يعيشون بيننا بسلام" وأن الإسلام "يعتبر الديانة الثانية في فرنسا بعد الكاثوليكية" وأن فرنسا "تعتبر موطنا لأكبر جالية إسلامية في أوروبا" ولأكبر جالية يهودية أيضا. وأشارت الكاتبة إلى أن فرنسا تسعى لتعزيز العلمانية في البلاد نشدانا للحرية والمساواة والإخاء، ولكن الفرنسيين أنفسهم لم يتمكنوا من إجراء حوار عقلاني يكون من شأنه دمج الإسلام في القيم الأساسية في فرنسا. واختتمت بالقول إن الدرس المستفاد من مجزرة الهجوم على شارلي إيبدو يتمثل في أنه لا يمكن القضاء على "الإسلام الراديكالي" إلا من خلال دعم ما أسمته "الإسلام المعتدل". سوريا والعراق من جانبها، نشرت ذي غارديان البريطانية مقالا لطارق رمضان قال فيه إن المسلمين استنكروا ما حدث في باريس وتأثروا بسبب مقتل عدد من العاملين بالصحيفة الفرنسية "ولكن علينا أن ننظر إلى الصورة الكبيرة وأن نكون واضحين، فالمئات يقتلون يوما بعد يوم في سوريا والعراق، وحياة المسلمين لها قيمة كبيرة أيضا". وأضاف الكاتب أنه سبق له أن التقى رئيس تحرير "شارلي إيبدو" ستيفان شاربونييه قبل مقتله، وأنهما خاضا نقاشا بشأن مدى حرية التعبير المعقولة. وأشار رمضان إلى أن "شارلي إيبدو" نفسها طردت رسام كاريكاتير من كوادرها، وذلك بسبب نشره رسما يسخر فيه من اعتناق نجل الرئيس نيكولا ساركوزي لليهودية، مما يؤشر إلى أن الصحيفة نفسها تكيل بمكيالين، وأن هذا أمر يبعث على القلق.