لماذا تحول المصطفى الرميد إلى مادة دسمة في مقالات رشيد نيني، صاحب جريدة "الأخبار"؟. إن الإجابة على هذا السؤال لا تحتاج إلى استلهام تقنيات فك ألغاز أو مهارات في التحليل، للوصول إلى نتيجة تنهي الحيرة التي سقط فيها كثيرون ممن يتساءلون حول السبب الذي جعل نيني يخرج نواجذه لعض الأيادي التي كانت تبذل كل شيء لتكفل حقه في الرأي وحريته في التعبير، وهو ما صار يَعتَبرُ ذكره مَنًّا، ويستعر من العودة إليه، فيما لا يتواني في ذكر أفضاله على الناس وإن كانت لا تتجاوز وهما يكتسيه من به غرور. القصة كلها تتلخص في دور وزير العدل والحريات في إحالة القضايا التي يرفعها الوزراء على الصحافيين إلى القضاء، إذ من المعروف أن أي وزير من الوزراء يحتاج قانونيا إلى إذن من رئيس الحكومة في رفع دعوى قضائية على صحافي أو على مسؤول جريدة، وبما أن رشيد نيني حوَّل صحيفته إلى بارجة للقذف والسباب، فقد كان من الطبيعي أن يقوم الوزراء بممارسة حقهم في اللجوء إلى القضاء جراء ما يلحقهم من الصحافيين من افتراءات وأكاذيب، غير أن نيني يريد من وزير العدل أن يقوم بحجب الوزراء عن حقهم، ويماطل في إحالة ملفاتهم على القضاء من أجل سواد عيونه. إنني أدعو رشيد نيني إلى الاعتذار لقرائه، والاعتراف بجهله للقانون، وبقصور خزانته المعرفية عن استيعاب مضامين الدستور، وأدعوه إلى إعادة قراءته مجددا، فقد كان مضحكا ومثيرا للسخرية حدا لا يوصف وهو يقول، في عدد الخميس 1 يناير 2015، إن :" السيد الوزير يتماطل في إستصدار المراسيم التطبيقية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، لكي يستمر في الاستفادة من سلطة الانتداب القضائي"، و"تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات الجماعية لسنة 2015″، وتكاد سقوف الصحافة تخرُّ من جراء ما يقول !!!!!! فالدستور يا نيني ينص في بابه السابع وخاصة في الفصل 116 منه عن القانون التنظيمي المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو الذي صادق عليه المجلس الوزاري، بتاريخ 14 أكتوبر 2014، ثم أحيل أخيرا على البرلمان، الذي وحده يملك سلطة المصادقة عليه في الآجال التي يراها مناسبة، فأي جهل هذا الذي تُحدث به الناس؟ وأية مراسيم تطبيقية يتماطل الوزير في استصدارها ؟. أما قضية "رجل السنة" فتلك قصة أخرى، فقد ألفنا أنْه كلما تقدم المصطفى الرميد خطوة في مجال إصلاح أحد أعقد المجالات (منظومة العدالة) كلما اهتزت أركان عديدة وجُيشت أقلام، وتداعت دوائر المصالح إلى معترك الدود عن الامتيازات، أو خوض معارك بالوكالة لمصالح يبدو فيها حجاب الحيادية وستار الموضوعية باليا، بل غربالا يستعصي معه حجب الإصلاحات العميقة التي تجري رحاها في كل ما له ارتباط بالعدالة… والغريب حقا، أن بعض من يحسبون على دوائر المثقفين تخونهم بنات أفكارهم، فيسوقون الأحكام التي يصدرها القضاء وانطباعات المتقاضين منها معيارا لتقدم الإصلاحات من عدمه، في وقت ينادي فيه القوم باستقلال القضاء وأحكامه، ويضربون لذلك أمثالا من الدول الديمقراطية والمتقدمة في هذا المنوال… وبما أن الطيور على شاكلتها تقع، وأن شنًّا يعزف ما تعزفه طبقه، فقد تعالت أقلام كل من رشيد نيني في جريدته "الأخبار"، وجريدة "هسبريس" الإلكترونية، بمجرد إعلان المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، شخصية السنة من قبل مجلة "ماروك إيبدوMarochebdo "، ومن ضمن الشخصيات المؤثرة في سنة 2014 من قبل مجلة "تشالانجchallenge "، وفي الوقت الذي كانت هجومات الموقع الإلكتروني المذكور مبطنة، لم يتوان صاحب "الأخبار" عن ذكر ما يؤلمه، أو يؤلم الوكيل، فدبج مقالته صريحا بنقد المجلة التي قامت بالاختيار. خرجات نيني التي يلبسها كثيرا من الخيال بل والافتراءات، ويغرق القارئ في التفاصيل الكاذبة، حتى لا يأبه للأخطاء الكبرى، ستظل في رأيي بعيدة عن البراءة، ما دامت تخلط بين ما هو شخصي محض، وبين خط تحريري يمتح من قواميس حزب سياسي معارض، ولا يمت بأي صلة للأدوار النبيلة للصحافة، فأما ما هو شخصي في الأمر فيتمثل فيما سبق ذكره، وما جعل نيني يتنكر لكل ما قدمه من كان محاميا له ولجريدته حين كان مديرا لمجموعة "المساء"، ثم بعدما طالب بإدراج اسمه ضمن قوائم العفو، ليقابل نيني كرمه بمطالبته بالاستقالة من الوزارة!! والحق ما قاله المتنبي: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته … وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا. أما الخط التحريري لجريدة "الأخبار" فحسنته الوحيدة أن أنهى عهد دروس نيني للصحافيين واستعلائه بالمهنية، وعهدا صار فيه بكَّاءً شكَّاءً، ليتحول بعدها إلى الاستبداد بالرأي، فما هو الاستبداد إن لم يتمثل في فسح المجال للرأي المهاجم والحامل لكل قذف وسب، وإحكام غلق الأبواب أمام كل تصويب أو تكذيب أو رد يكفله القانون؟ والشعبية يا نيني نوعان، فإن كنت تقيسها بكم من درهم يدخل جيبك، فإنا نقيسها بكم من لسان يذكر خصالك ويدرأ عيبك، ولك أن تتحرى شعبيتك، تغنيك عن حساب أتباع الآخرين.