في الأسبوعين الأخيرين من كل سنة، أحاول أن أرجع إلى الوراء… إلى الفاتح من يناير لكي أتذكر وأستعرض أهم الأحداث التي ميزت هذا العام بحلوه ومره في محاولة شخصية لفهم النسق التي تسير بها حياتي والطريق الذي يخوضه بلدي ومعالم العالم الذي سأتركه لأولادي لأن الحياة في نهاية الأمر ما هي إلا تسلسل متناسق لأحداث نظن بأنها مبعثرة نختار بعضها ويباغتنا البعض الأخر. ولأن الحياة تجري بنا نحو اليوم الأخير ولأن ذاك اليوم مجهول وجب للإنسان أن ينظر إلى الوراء ليرى ما قدم وأي الطرق قد أخذ وإلى أين هو ذاهب لأن الوجهة أهم من السرعة فالكثيرون يسارعون للذهاب إلى الهاوية والقليل من يسير ببطء نحو القمة … إليكم في 365 كلمة الأحداث الشخصية والوطنية والعالمية التي أثرت في وأضافت رقما أخر إلى سني. في 2014 زرت أسا وعرفت بأن أسا-الزاك مدينتان وبها التقيت لأول مرة الفنان القدير محمد البسطاوي الذي وافته المنية في نفس السنة. 2014 انتزعت من بلدنا أيضا أرواح الشرفاء عبد الله بها وأحمد الزايدي والمهدي المنجرة وفيها طهرت الأرض من جثة شارون بعد أن قضى في الإنعاش ما قضيته في كلية الطب. في 2014 أيقن العالم بأن الشهرة والغنى لا يستطيعان أن يقفا أمام الألم النفسي العميق والحزن المزمن، وأنه لا أحد بمنأى عن الاكتئاب والتفكير في الانتحار لا أحد سوى من إطمئن قلبه وارتاحت روحه ورقي بفكره إلى ما وراء الماديات وما هو خير وأبقى، بعد أن تلقى الجميع خبر من أضحكهم لعقود الفنان "روبن ويليامز". في 2014 فتحت عيادتي في الجراحة العامة وهو العام الذي صودق فيه قانون فتح رؤوس أموال المصحات ليخرج بذلك القطاع الخاص من قبضة الأطباء إلى أرجل المستثمرين في السكر والزيت والحليب والأسواق الممتازة والفنادق ومواد البناء. في 2014 تسبب تهاطل الأمطارعلى الطرق والتجهيزات الضعيفة المغشوشة ما يسببه سكب الماء على وجه المرأة التي تخفي بشاعتها ببراعة تحت طبقات مترسبة من المساحيق. عشت أبرد ليلتين من هاته السنة في دوار أسكاون التي يحاصرها الصقيع من كل الجهات في منازل بنيت من أحجار الجبال وسط مغاربة مال لون وجوههم للزرقة وتحولت جلودهم تدريجيا بفعل قسوة البرد من عضو يحس بتقلبات الجو إلى واقي بلاستيكي يحميهم من التجمد. وكانت هاته السنة فرصة لأزور لأول مرة كل من أمزميز والسمارة وكلميمة وطاطا. في 2014، التقيت شخصيا البرلماني البريطاني جورج كالاوي الذي طالما ألهمني بخطاباته الرنانة وشجاعته منقطعة النظير والذي طمأنني على مستقبل فلسطين لأنها لم تعد قضية العرب والمسلمين بل قضية كل أحرار العالم. وفي نفس السنة اعتدى الكيان الصهيوني على قطاع غزةالفلسطيني لمدة 50 يوم في خرق سافر لكل القوانين الدولية والإنسانية، فردت المقاومة الصاع صاعين ووجهت رسالة واضحة للعالم مفادها بأنها هي من أصبحت تفرض شروطها بعد أن عادت لإطلاق الصواريخ فور إنتهاء الهدنة بل وأصبحت تهاجم الصهاينة في عقر "دارهم". في 2014 تم انتخاب رئيس جزائري ميت تربع على عاشر أكبر إحتياطي للغاز الطبيعي في العالم وهو لا يتحكم حتى في غازه، كما انتخب رئيس مصري أبدع الإعلام المصري الانقلابي بوصفه على أنه إمام عادل فإذا نطق كان كعادل الإمام، وانتخب القائد السبسي عن النظام السابق رئيسا لتونس. في سنة 2014 أزلت أول ضروس العقل في سن الثالثة والثلاثين كإشارة إلى أنني على مشارف مفترق الطرق بين الحكمة والجنون. وفي هاته السنة بدأت أكتب رسميا في هذا الموقع الموقر "هنا صوتك" ليصل صوتي لكل العالم العربي والإسلامي الذي أتمنى لهما نهاية سنة سعيدة وكل عام ونحن بخير وعلى خير. *مقالات الرأي تعبر عن آراء أصحابها، ولا تعبر عن وجهة نظر هنا صوتك.