عرفت العلاقات بين المغرب وإقليم الأندلس خلال سنة 2014 دفعة قوية في مجالات عديدة، تجسدت في تنظيم لقاءات وندوات مختلفة انصبت على تعزيز التعاون بين ضفتي مضيق جبل طارق. وقد تميزت السنة التي نودعها بالزيارة التي قامت بها رئيسة الحكومة المحلية لإقليم الأندلس، سوزانا دياز إلى المغرب (11 و12 شتنبر) واستقبالها من طرف الملك محمد السادس بقصر مدينة تطوان، وهو اللقاء الذي وصفته ب"الودي والمثمر" ويدل، حسب تصريحها لوكالة المغرب العربي للأنباء، على أن "هناك مصلحة مشتركة في تعزيز التعاون بين المغرب والأندلس" في العديد من المجالات. وقالت دياز، التي اعتبرت استقبالها من قبل الملك "شرفا" لها خاصة في "ظرف يشكل فيه المغرب ضمانة للاستقرار في منطقة مضطربة من حيث السياق الدولي"، إن هذا اللقاء "يعكس تماما رغبة الجانبين في مواصلة توطيد علاقات الجوار، والتي آمل أن تترجم قريبا عبر المخطط المقبل الذي يجمع إسبانيا والمغرب والبرتغال". وشكلت زيارة المسؤولة الأندلسية للمغرب فرصة لعقد اجتماعات مع رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران ووزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار ومسؤولين آخرين، انصبت على تعزيز الاتصالات بين ضفتي مضيق جبل طارق وتطوير موانئ وطرق جديدة للتجارة وتوطيد العلاقات التجارية والاقتصادية. كما شارك مسؤولون حكوميون وعدد من الفعاليات المغربية في تظاهرات واجتماعات ذات أهمية احتضنتها مدن أندلسية مختلفة على امتداد السنة، آخرها اجتماع مجلس وزراء دفاع البلدان الأعضاء في "مبادرة 5+5 دفاع" الذي احتضنته مدينة غرناطة (11 دجنبر) بمشاركة الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي. وقد دعا المشاركون في هذا الاجتماع، الذي تزامن مع نهاية فترة رئاسة إسبانيا للمبادرة، إلى النهوض بالتعاون المتعدد الأطراف بين الدول الأعضاء وتحويل غرب منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى منتدى للثقة والأمن. وعبروا عن ارتياحهم لمستوى التعاون والتقدم المحرز في إطار "مبادرة 5+5 دفاع" وصادقوا على مخطط العمل لسنة 2015 وعلى وضع آلية للتنسيق في مجال تدبير الكوارث الطبيعية وفي حالات الطوارئ. ومن بين التظاهرات التي تركت بصماتها في العام الذي نودعه، نذكر الملتقى الثاني للمناطق اللوجستيكية الإيبيرو أمريكية والشمال إفريقية الذي احتضنته مدينة قادس (5 و6 نونبر) بمشاركة وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، عبد العزيز الرباح وفاعلين اقتصاديين ودبلوماسيين وسياسيين وجامعيين ومسؤولين في موانئ وغرف تجارية من إسبانيا والمغرب وبلدان أمريكا اللاتينية. وقد شكل هذا الملتقى فرصة لإشادة وزيرة التجهيز الإسبانية، أنا باستور، بالتعاون الاستراتيجي القائم بين إسبانيا والمغرب في العديد من المجالات، ودعت، في مداخلة لها بالمناسبة، كلا من إسبانيا والمغرب للعمل سويا من أجل جعل مضيق جبل طارق أكثر جاذبية للتجارة الدولية. وقالت "عندما تتطور إسبانيا، يتطور المغرب، وعندما يتطور هذا الأخير تتطور إسبانيا، إننا نكمل بعضنا البعض، ويجب أن نكون سعداء بالتعاون الاستراتيجي القائم بين البلدين الجارين"، وأكدت بالمناسبة على الرغبة المشتركة لتطوير التعاون بين المملكتين ودول أمريكا اللاتينية. كما نذكر اللقاء الذي احتضنته مدينة مالقة (3 دجنبر) لتحديد أولويات التعاون العابر للحدود "ميد أطلنتيك 2014 -2020″ والمجالات ذات الأسبقية التي يرغب عمداء ورؤساء الجهات الشمالية والمدن الأطلسية للمغرب في تطوير التعاون بشأنها مع المدينة، خاصة منها الطاقات المتجددة والحكامة الجهوية والمحلية الرشيدة والبحث والتعليم والتكنولوجيات الجديدة وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة وإنعاش الثقافة المحلية والحفاظ على الموروث الثقافي المادي وغير المادي ومكافحة الفقر والتهميش الاجتماعي وتحسين الربط ووسائل النقل والبيئة. واحتضنت الجزيرة الخضراء من جهتها لقاء (3 دجنبر) جمع مقاولين شباب من ضفتي جبل طارق وشاركت فيه بعثة تجارية هامة من المقاولين بالجهتين الشرقية والشمالية للمغرب، وهو لقاء يندرج ضمن البرنامج العملي للتعاون العابر للحدود، إسبانيا-الحدود الخارجية (بوكتفيكس). وفي العاصمة الأندلسية إشبيلية نظمت مؤسسة الثقافات الثلاث لحوض البحر الأبيض المتوسط بتعاون مع الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة، ندوات اقتصادية وتظاهرات فنية وثقافية شارك فيها شباب من ضفتي مضيق جبل طارق. ونذكر من بينها على الخصوص ندوة "خيارات الأعمال في الأندلس والمغرب" (29 و30 يناير) التي تناولت المحفزات الاستثمارية التي يوفرها مناخ الأعمال بالعديد من القطاعات بالمملكة والمخططات التنموية والاستراتيجيات الكبرى التي اعتمدها المغرب في عدد من القطاعات، من قبيل "استراتيجية 2020 للسياحة" و"مخطط المغرب الأخضر" و"رواج 2020″ و"مخطط الطاقة الشمسية" وكذلك الأقطاب الصناعية المحدثة وتلك التي هي في طور الإنجاز بعدد من جهات البلاد. * و م ع