يهدد الاندثار أصنافاً من الأزياء التقليدية النسائية التي تشتهر بها بعض المناطق في المغرب، مثل لباس "الحايك" الذي ينتشر خاصة في شمال البلاد، بينما لا تزال أزياء تقليدية أخرى تحافظ على وجودها، من قبيل لباس "الملحفة" الذي تُعرَف به خصوصاً نساء المناطق الصحراوية. وتتميز العديد من مناطق المغرب بأزياء تقليدية نسائية خاصة بكل منطقة على حدة، فنساء شمال البلاد كُنَّ يعمدن إلى ارتداء "الحايك"، وهو لباس سميك واحد يغطي أغلب جسد المرأة وجزءاً من وجهها أيضاً، أما "المحلفة" فاشتهرت بها السناء بجنوب البلاد، وهو زي ملون تلفه الصحراويات على أجسادهن. الباحث المتخصص في ثقافة وعادات الصحراء، إبراهيم الحيسن، عرَّف لباس الملحفة الصحراوية بالمناطق الجنوبية من المغرب بكونها نوعاً من القماش الساتر الذي تغطي به المرأة بدنها بطريقة "الالتفاع" أو "التلفع"، بمعنى أنها تجلّل بها جسدها كله، فالملحفة تعد رمزاً قيمياً وحضارياً أيضاً". وقال الحيسن إن نساء المناطق الصحراوية حافظن على ارتداء هذا الصنف من الأزياء التقليدية، ليس فقط لأنه زي يميز نساء الصحراء، ولكن أيضاً لكونه يرمز إلى حضارة المنطقة، وأناقة المرأة الصحراوية بمختلف انتماءاتها الاجتماعية والاقتصادية. وبخصوص أنواع "الملاحف" التي تسود المنطقة الصحراوية بالمغرب، وتشبه مثيلاتها في بعض الدول المجاورة، أفاد الباحث بأنها تُوزَّع من حيث الألوان إلى ملاحف ذات ألوان مزركشة ومشرقة ترتديها الفتيات والسناء صغيرات السن، بينما الملاحف المصبوغة بألوان داكنة تميل إليها النساء كبيرات السن. وتابع المتحدث أنه رغم محافظة الملحفة على وجودها في المناطق الصحراوية بالبلاد، غير أنها عرفت تطورات متسارعة في طريقة حياكتها وصناعتها لتواكب متطلبات العصر، مثل ملحفة "النص" أو "الرقيق" التي تغري الفتيات لشفافيتها، فضلاً عن ملحفة "الشرك"، أي الشرق، والتي تفد من موريتانيا، وتتسم بجودتها وغلاء ثمنها. الحايك للوقار ومحاربة الاستعمار وبالنسبة لزي "الحايك" فهو ذاك الكساء الذي كانت تضعه النساء في بعض مدن شمال البلاد فوق ملابسهن عند الخروج من بيوتهن، وهو زي يغطي جسد المرأة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها، ويغطي أيضاً جزءاً من وجهها حيث لا تظهر سوى عيناها، ويشبه "الحايك" الذي تعرفه نساء الجزائر وليبيا. وعزا صلاح الدين بنسالم، الباحث في التراث المغربي، أفول هذا النوع من اللباس التقليدي النسائي إلى عوامل عدة، منها ما هو مرتبط بتطور المجتمع المغربي، وتغير ذهنية ووضعية المرأة التي خرجت للعمل، بخلاف سنوات السبعينات أو حتى الثمانينات. ولفت بنسالم إلى أن "الحايك" في سنوات الاحتلال الفرنسي للمغرب خاصة، لم يكن مجرد زي نسائي يؤشر إلى قيم الوقار والشحمة والعفة للمغربيات، بل كان أيضاً أداة للمجاهدين والفدائيين الذين كانوا يتدثرون به ويتخفون خلفه، للتنقل بعيداً عن مراقبة سلطات الاستعمار. واستطرد الباحث أن زي "الحايك"، في عدد من المدن الشمالية بالمغرب، تحول تدريجياً بفعل عوامل العصرنة والتحديث إلى زي "الجلابة" الذي انتشر في البدء بغطاء الرأس "القب"، وبأكمام طويلة، لكن سرعان ما صار جلابة بلا "قب" وبأكمام قصيرة تكشف عن ذراعي المرأة. * المصدر: العربية نت