ما يشدني ويعجبني في حزب العدالة والتنمية هو تنوع أفكار وآراء المنتسبين إليه٬ تصل حد التناقض دون التأثير على قوة مؤسساته وتماسكه التنظيمي. هناك قيادات لها فضل كبير في بناء هذا الحزب، وتجاوزه لكثير من العواصف والمحن، إلا أن هذا لن يمنعنا من القول أن المرحلة لم تعد تستحمل هذه القيادة ومنطق "اصفعني مرة وسأدير لك وجهي لتتمكن من الثانية"، والتصور السياسي المهادن جدا والمبرر دائما لتصرفات المنظومة المخزنية. في تصوري يجب البدأ في الإعداد من الآن لتصور سياسي جديد ومتقدم وواضح لمرحلة ما بعد مؤتمر 2016 مبني بالأساس على الملكية البرلمانية الكاملة وغير المنقوصة كحد أدنى، والنضال من أجل إفراغ المنظومة المخزنية من محتواها السلطوي التحكمي الكابح لكل إرادة إصلاح. مع كل احترامي للسيد عبد الله بها وتاريخه الحافل بالعطاء والبناء،إلى أن تصوره السياسي المهادن والمبرر لكل ما ينتجه المخزن، أصبح متجاوزا ولا يتماشى مع تطلعات وانتظارات الشعب المغربي، خصوصا الأجيال الصاعدة الرافضة لكل احتقار لذكائها والمطالبة بالمواطنة الكاملة وكل حقوقها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعيش بكرامة،فشعار" أبناء الشعب سواسية"الذي رفع أخيرا سيظل فارغا أجوفا دون أن يحس المواطن المغربي به. في اعتقادي أن المحطات القادمة لحزب العدالة والتنمية وخصوصا الشبابية منها، يجب أن تخرج عن شكلها الإحتفالي وتبتعد عن النقاشات التنظيمية العقيمة لتطرح أفكارا وتصورا جديدا لإدارة المرحلة القادمة، ويجب الدفع بقيادات جديدة وشابة ذات مواقف "تقدمية" وجريئة إلى الواجهة، من طينة عبد العالي حامي الدين، وخالد الرحموني وغيرهم لتقود وترفع من سقف النضال السياسي. حزب العدالة والتنمية برهن على قوته التنظيمية،وتوجهه الديموقراطي، وديناميكيته الشعبية، وهي عوامل أساسية تمكننا من قياس أداء كل حزب، لكن تنقصه الجرأة السياسية التي تمكنه المرور من مرحلة لأخرى والإنتقال من السقف السياسي الحالي إلي سقف أعلى. في اعتقادي لقد آن الأوان لتسلم القيادة الحالية (قيادة البناء وتجاوز المحن والأعاصير) المشعل للقيادة الشابة (قيادة تطوير التصور والمواقف). ما أخشاه أن يصبح حزب العدالة والتنمية كحزب الإستقلال، هيكل تنظيمي ضخم منفوخ العضلات جامد بسقف سياسي محدود وأفق ضيق، فارغ من كل مضمون سياسي، تغيب عنه المبادرات والمواقف المؤثرة،آلة انتخابية موسمية وغارق في النقاشات التنظيمية العقيمة. أو كحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية،حائط قصير متجاوز سياسيا وجماهيريا فاقدا للمصداقية لا يملك حتى قراره بيده. على حزب العدالة والتنمية أن يقدم إضافة نوعية جديدة،وتصورا مستقبليا لطبيعة النظام الملكي المنشود،وأن يتخلى عن المواقف الضبابية و ينخرط بشكل رسمي وجدي في النضال من أجل نظام برلماني كامل تخضع فيه جميع مؤسسات الدولة للمراقبة والمحاسبة وعلى رأسها المؤسسة الملكية. قوة الأحزاب تكمن في أطروحاتها، ومواقفها وتفاعلها مع المستجدات وتجاوزها لما هو كائن إن اتضح أنه لا يعبر عن تطلعات المواطن.