الإيليزيه: الحكومة الفرنسية الجديدة ستُعلن مساء اليوم الإثنين    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة في الدار البيضاء    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    الناظور بدون أطباء القطاع العام لمدة ثلاثة أيام    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    نُبْلُ ياسر عرفات والقضية الفلسطينية    الإيليزي يستعد لإعلان حكومة بايرو        محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    حقي بالقانون.. شنو هي جريمة الاتجار بالبشر؟ أنواعها والعقوبات المترتبة عنها؟ (فيديو)    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    الحلم الأوروبي يدفع شبابا للمخاطرة بحياتهم..    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدث 8 ماي قطيعة أم استمرار؟
نشر في خريبكة أون لاين يوم 10 - 05 - 2013

في مثل هذا االيوم من سنة 1983 احتشد المناضلون الجذريون في الحركة الاتحادية الأصيلة. من كافة ربوع الوطن. يمثلون القواعد المناضلة في الدفاع عن الشرعية التنظيمية والنضالية والسياسية. لأداة بناها الشهداء بأرواحهم. والمناضلون بتضحياتهم. أمام المقر المركزي حيث موعد "الحسم" مع التحريفية المتنفذة. التي ارتأت الا أن تمرر قرارا تدليسيا لضرب كل المقررات الحزبية التي حكمت على ما سمي بالمسلسل الديموقراطي بالفشل ابتداء من المؤتمر الوطني الثالث مرورا بقرار اللجنة المركزية. الرامي الى مقاطعة ما يسمى بالمؤسسات التمثيلية المزورة. وعلى رأسها الانسحاب من البرلمان. في ذلك اليوم قرر تيار عبد الرحيم بوعبيد مهندس التحريفية "الكلاسيكية".الحسم بطريقته بايعاز من دهاقنة النظام المخزني. فلم يجديه الحوار والنقاش والقرارات الحاسمة في الأجهزة الحزبية بروح ديموقراطية نضالية . بل عوضها بالهراوات التي تكفل باستحضارها ورعايتها. في مقر المركزية النقابية كدش .الزعيم النقابي نوبير الأموي ضمن مسلسل تصفوي مفضوح.قامت بتنفيذه مليشيات وزبانية البيروقراطية والتحريف فأشبعوا "الرفاق العدميين" ضربا ورفسا نيابة عن أجهزة القمع المخزنية. لتتوج باستدعاء والى الرباط سلا من طرف كبير الاقطاعيين الحزبيين عبد الواحد الراضي .فيتم اعتقالهم والزج بهم في غياهب السجون. لتوزع عليهم حصة ثقيلة بثقل المرحلة -وقوة الموقف والوزن السياسي والجماهيري لكل عضو منهم- من عقوبة جائرة تمثل حلقة أساسية من حلقات تنفيذ مخطط سياسي محكم السيناريو. فتنكشف اللعبة بانحياز الطبقة السائدة الى طرف لايمثل سوى شرذمة الزور والغذر والتواطئ. في أداة كان النظام المخزني يتربص بها. لما تمثله من قوة سياسية وتنظيمية جماهيرية .قادرة على افشال مؤامراته المتواصلة والمتخفية وراء "الاجماع الوطني" وأكذوبة الديموقراطية. في جو عالمي أصبح يشد الخناق على الأنظمة الديكتاتورية. في سياق تغيير أسلوبها التقليدي لاحكام قبضتها على المنطقة وغزو أكثر لأسواقها. وضمان المزيد من المص لدماء شعوبها .ونهب خيراتها. وبالتالي تصفية كل ما يمت بصلة لحركة التحرير في العالم. ضمن نسق الحرب على ما تبقى من مسلسل تصفية المنظومة الاشتراكية على المستوى المتوسطي..
لايمكن بأي حال من الأحوال التعرض لحدث 8ماي دون ربطه بالأسباب الكبرى لمجرى التاريخ النضالي للحركة الاتحادية الأصيلة. ضمن نسق ذو أبعاد ثلاثية أساسية تمثل فيها حركة التاريخ هده. منطق التجاذب والصراع والوحدة. بين منظومته الايديلوجية والتنظيمية والسياسية. لما يناهز عقدا من الزمن.بدأت باحتشام قبيل المؤتمر الاستثنائي لما تم التأسيس لمرحلة بداية التواصل بين اليمين الحزبي و القصر. لوضع اللبنات التي بموجبها سيتأسس عليها مسار الاتحاد الاشتراكي. و على رأسها الاقرار بشرعية النظام الملكي و التخلص بشكل نهائي من الجناح الثوري. للدخول في اجماع قضية الصحراء اضافة الى حصر النضال في مؤسسات النظام .مرورا بالمؤتمر الوطني الثالث لتعبر عن نفسها مع توالي الأحداث.تأكيدا لتنامي قطبين متنافرين متناقضين غير متناحرين في مرحلة الكمون التاريخي . قطب يمثل الفئة المسحوقة. من عمال وفلاحين ومهمشين ومثقفين ثوريين. بقيادة الشهيد عمر بنجلون والمناضلين الجذريين الصامدين بالداخل. بما يمثلون من حمولة ثورية لمن عاش وانخرط في انتفاضة1973 على غرار الفقيد محمدبوكرين .وما تبقى من ارث نضالي لعناصر جيش التحرير. بعد تصفيته في بدايات الاستقلال الشكلي.وقطب يمثل خليطا من أقطاب الحركةالوطنيةالسياسيين من الشباب وفئات لابأس بها من البورجوازية المتوسطة. وأبناء بعض الاقطاعيين. وقواد المرحلة الاستعمارية. بما فيهم المتعاملين والخونة.الذين استفادون من تعليم عصري. متشبع بالقيم الديموقراطية بعد رجوعهم من فرنسا.متأثرين في نفس الوقت بالحركة القومية بقيادة جمال عبد الناصر.ورياح الاشتراكية-الديموقراطية العابرة للجامعات الأوروبية انذاك.وقد عبرت هذه الثنائية ضاربة الجدور في المكونات السوسيو-ثقافية للحزب.عن تعدد الرؤى النظرية والسياسية والتنظيمية داخل الأداة. فمن متبني لفكر ليبرالي يسعى الى ترجمته في مشروع مجتمع عصري. ينشد الديموقراطية في شقها السياسي. قوامها دولة الحق والقانون. وحقوق الانسان. كتعبير عن حمولة فكرية متطورة عن نظام متخلف استبدادي مطلق.الى توجه سلفي يمثله المهدي العلوي والحبيبالفرقاني... وما المؤتمر الاستثنائي الا محاولة للم كل هذا التناقض .تحت غطاء "وحدة" ايديلوجية وتنظيمية وسياسية. لم تلبث أن عبرت عن انشطارها بقوة منطق الصراع.فلا غرابة أن نجد بعض النفحات الثورية في مقدمة التقرير الايديلوجي والتي ساهم في صياغتها الشهيد عمر بنجلون. المتمثلة في تبني الحزب للاشتراكية العلمية منهجا وهدفا. في حين لايطبق منطق الجدل التاريخي-مبدأ التحليل الملموس للواقع الملموس-في باقي فقراته عند تحليل الوضع الطبقي للمغرب. فضلا عن التنكر لمبدأ ديكتاتورية البروليتاريا."مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا أكل عليه الدهر وشرب". فتبدأ تصريحات كل من الفقيدين عبد الرحيم بوعبيد والحبيب الفرقاني والى جانبهما محمد اليازغي .وغيرهم خصوصا بعد اغتيال الشهيد عمر بنجلون من طرف النظام المخزني بتنفيذ من الشبيبة الاسلامية انذاك.-القاعدة المؤسسة لحزب العدالة والتنمية فيما بعد- للتصريحات تلو الأخرى لافراغ الاختيار الاشتراكي من محتواه الحقيقي. بمفاهيم مغلوطة. تحريفية. مثل "ليس هناك أشتراكية واحدة بل اشتراكيات".أو "الاشتراكية الاسلامية" أو "الخصوصية المغربية ذات البعد الأصيل والاستثنائي للثراث المغربي" ..كذا. في حين أن المفهوم الحقيقي للاشتركية العلمية.والذي صاغه رواد الاشتراكية ماركس وانجلس. وسعى الى تطبيقه على أرض الواقع. كل من لينين وماو تسي تونغ....وعاشته التجارب الرائدة للشعوب. يقر بمبدأ الخصوصية انطلاقا من التحليل الطبقي الذي لايعني أقل من تبني المنهج الجدلي منطقا. والفلسفة الاشتراكية تصورا. والاقتصاد السياسي الماركسي تحليلا.ومشروعا مجتمعيا تنمحي فيه الطبقية. والملكية الخاصة لوسائل الانتاج والتبادل.ومن يلوح بغير ذلك لايخرج عن التحريفية في الفلسفةالسياسية و الاقتصاد.ليسود التوجه الليبرالي والسلفي بلباس اشتراكي متستر وراء الشعارات الفضفاضةوالشعبوية. وفي أحسن الأحوال لايطمح لأكثر من تحقيق رأسمالية الدولة.
في القطب الاخر كانت المدرسة الوطنية لتكوين الأطر التي أسسها الشهيد عمر بنجلون والتي عمل على مواصلة استمرارها المناضلون الكفاحيون من أمثال :الفقيد محمد بوكرين.وعبد الغني بوستة السرايري.والعربي الشتوكي.وبوبكر عرش.ومحمد السكتاوي. والعربي المازني......وغيرهم من المناضلين الجذريين والممانعين ممن لايتسع المقال لذكرهم جميعا. تشق طريقها رغم العراقيل وأساليب الميوعة النظرية التي تشوش عليها. فاستطاعت تكوين أطر حزبية مكافحة. ستحافظ على تبني الاشتراكية العلمية كمبدأ للتحليل وهدف مجتمعي.سيبدو ذلك جليا عندما كانت المقرات الحزبية تعج بحلقات التكوين والابداع الفكري للشباب والطبقة العاملة.وتصب في الصراع الاجتماعي. من أجل التحرير والديموقراطية والاشتراكية .تحرير العقل من الخرافة والخنوع والتملق والجبن وعبادة الشخصية. باستعمال الملكة النقدية والمقارنة والاستفادة من المناهج العلمية.والتجارب الانسانيةالرائدةوذلك بالتحليل الملموس للواقع الملموس. والديموقراطية بشقيها الاجتماعي والسياسي. ادراكا منهم الا ديموقراطية سياسية بدون ديموقراطية اجتماعية. يخدم المجتمع فيها الفرد. بقدر ما يخدم الفرد المجتمع.رفضا لمبدأ "دعه يعمل دعه يمر "الليبرالي والذي في كنه الحقيقة. ما هو الا تغليف لمبدأ : دعه ينهب دعه يمر. والاشتراكية كهدف مجتمعي انطلاقا من مبدأ"من كل حسب حاجياته ولكل حسب عمله".
على المستوى السياسي سيستمر المنحى التحريفي نحو التطبيع مع النظام المخزني تصاعديا.فعلى الرغم من أن الحركة الاتحادية ظلت تنازع في المسألة الدستورية على مدى عقود .على اعتبار أنه دستورا استبداديا ممنوحا لايعطي للجماهير أدنى اعتبار في السيادة والتسيير السياسي. أو المشاركة في تقريرالمصير للأمة.وما يترتب عنه من مؤسسات مغشوشة لاتعمل الا على اضفاء الشرعية للاستبداد والتسلط والحكم الفردي المطلق.ومادام لا يصدر عن مجلس تأسيسي يمثل كافة مكونات الشعب المغربي منتخبا انتخابا ديموقراطيا .يتكفل بصياغة دستور ديموقراطي شعبي. ليعرض على هذا الاخير لدراسته وتصحيحه وتنقيحه قبل المصادقة عليه عن طريق الاستفتاء.حاول الجناح "الليبرالي" بقيادة عبد الرحيم بوعبيد اقناع القواعد المناضلة بضرورة المشاركة في ما سمي بالمسلسل الديموقراطي هذه المرة. تحت ذريعة"اختبار النوايا" للنظام المخزني .خصوصا أن المرحلة تقتضي شيئا من "المرونة" نظرا لورود مشكل الصحراء وما سماه ببداية الانفراج السياسي بعد المؤتمر الاستثنائي.والذي سيتضح فيما بعد. أن الأمر لم يكن في الحقيقة الا محاولة لتمتين الروابط ودعم الجسور مع الطبقة السائدة. استكمالا لما تم رسمه سرا على خلفية "المؤتمر الاستثنائي". بعد أن تم التبرؤ من المرحلة السابقة. والتي ذهب ضحيتها العشرات من المناضلين الاتحاديين الأشداء الممانعين والأوفياء للخط الكفاحي. اما بالاغتيال أو التصفية أو النفي أوالمحاكمات الصورية بالمؤبد.أو بتنفيذ الاعدام بكل وحشية وفي المناسبات المقدسة لدى المغاربة.ناهيك عن مجاصرة عائلاتهم وتشريدهاوالتنكيل بها.مضيفا أكذوبة"أن المقاعد لاتهمنا بقدر ما يهمنا ايصال صوتنا وبرنامجنا السياسي الى الجماهير وتوسيع قاعدة الحزب الجماهيرية".
بالنسبة للجناح الجذري داخل التنظيم. لم يكن يرى أن الأمر يتعلق بالمشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها. بقدر ما ستحققه هذه العملية أو تلك من قيمة مضافة في خدمة القضايا الاستراتيجية للحزب. فهل تم فعلا تحقيق الأهداف التي على أساسها شارك في اللعبة السياسية؟.طبعا اللعبة لايغنمها الا من استطاع أن يتحكم في خيوطها منذ البداية.خاصة لمن يتوفر على جهاز اداري متدرب على التزوير بكافة أشكاله طوال مراحل العملية الانتخابية. من تحريف وقهر وشراء للدمم واختطاف للمحاضر وفبركتها واعلان مزاجي للنتائج. الى غير ذلك مما أصبح معروفا لدى الخاص والعام. والتي أصبحت فيه ظاهرة العزوف فيما بعد-تسجيلا وترشيحا وتصويتا بل وحتى اكتراثا- تعبيرا عن الادانة الجماهيرية لما يسمى بالمسلسل الديموقراطي. كل هذا بترسانة متدربة من شيوخ ومقدمين ومخبرين وموظفين موالين للطبقة السائدة. بالوسائل اللوجستية للدولة وبتمويل من أموال الشعب .مع القليل من مساهمة كبار الملاكين والاقطاع الناهبين لخيرات الوطن.والمستفيدين من الوضع الاستبدادي .في حين كان المناضلون الشباب يجوبون الشوارع والأحياء الشعبية والبوادي للقاء الجماهير للتعريف بالبديل المجتمعي أكثر من البرنامج الانتخابي للحزب. فانبهر النظام المخزني للتجاوب الكبير الذي لقيه الحزب مع الجماهير. وبوسائل بسيطة جدا وأحيانا بدائية-استعمال الدواب للوصول الى الجبال عبر المسالك الوعرة للقاء الجماهير في المغرب "غير النافع"- وقد صوت الشعب المغربي لصالح الاتحاد الاشتراكي انذاك.اما قناعة ليس فقط ببرنامجه الانتخابي. بل وأيضا لاقتناعه بالبديل الذي يطرحه على المستوى السياسي المتمثل في "الاختيار الاشتراكي".أو بديلا وخلاصا للوضع الاستبدادي.وما يتعرض له المواطن من بطش وظلم من طرف الجهاز الاداري من قواد وباشوات..... .بالاضافة الى النهب لخيرات الوطن. والسطو على الأراضي الخصبة .والتوسع المخزني والاقطاعي على حساب أراضي صغار الفلاحين الذين شردوا وهجروا من أراضيهم بالقوة.والابتزاز المالي بكافة أشكاله في نظام جبائي مجحف وعشوائي. ونظام تعليمي طبقي متخلف وفاشل . وما تتعرض له الطبقة العاملة من استغلال فاحش في غياب أدنى شروط السلامة والعيش والكريم. ناهيك عن التسريح والطرد في تعسف ضدا على أبسط الحقوق القانونية والانسانية...الى غير ذلك من المشاكل الحياتية التي تكتوي بنارها الجماهير الشعبية.
طبعا في أجواء التزوير والضغط لن يكون للحزب المقاعد المستحقة ولكنه حقق الأهم والأسمى والأوفر .وهو ثقة الشعب كما حقق التواصل معه وايصال صوته.فهل استغلت هذه المكاسب للتغلغل وسط الجماهير واستثمار ما كد وضحى من أجله المناضلون ماديا ومعنويا؟.بالطبع لا. لأن من لايسعى الى أكثر من قاعدة من المنتخبين في المجالس المحلية والاقليمية والبرلمانية لن يقبل بذلك .لأن من شأن ذلك أن يعصف بالقيادة المتنفذة والمتواطئة.نظرا لحجم القاعدة الحزبية التي كونها المناضلون الصادقون. كما ونوعا. ايديلوجيا وتنظيميا وسياسيا. بل أن المكتب السياسي لم يجد بدا من ترك حرية الاختيار للمناضلين من أجل التصويت على استفتاء "مجلس الوصاية" تهربا جليا من المسؤولية أمام وزن القواعد الحزبية. وفي ذلك تدليس يعري التواطؤ ويفضح التهرب من اتخاد الموقف الصريح والواضح.ليحتدم الصراع في المؤتمر الوطني الثالث والذي تشبث فيه المؤتمرون الجذريون باستمرار النهج الاشتراكي العلمي فكرا وسياسة وتنظيما.ليقر قسرا وتمريرا من قيادة بوعبيد ب"الملكية البرلمانية" .مقابل الحكم على وهم المسلسل الانتخابي بالفشل. وبالتالي فرض قرار مقاطعة كل المؤسسات المترتبة عن الدستور الممنوح. ليتوج الأمر بقرار اللجنة المركزية القاضي بالانسحاب من البرلمان .الشئ الذي سيتم الالتفاف عليه. ليجد له بعدا كاريكاتوريا في تصريف الفعل"دخل خرج"المعروف.بل سيجد له كذلك بعدا حاسما في مؤامرة 8ماي.
أماعلى المستوى التنظيمي فقد أقر الحزب بتبني مبدأ المركزية-الديموقراطية. لما تحمله من ترجمة عملية لاختيار الاشتراكية العلمية.والتي قوامهاالنقد والنقد الذاتي. والمحاسبة. وخضوع الأقلية للأغلبية. مع تشجيع المبادرة الفردية في أطارالانضباط للمبادئ. ضمن الاستراتيجية الحزبية وما تقتضيه من تكتيكات. مع ضبط التحالفات. وتحديد التناقضات التناحري منها والأساسي. وتمييزه عما هو ثانوي حسب طبيعة كل مرحلة.حيث تكون الخلية هي اللبنة الأساسية. التي تبنى عليها كل القضايا التنظيمية. لتصب في الأجهزة المحلية ثم الاقليمية. وبالتالي الوطنية من لجان وظيفية وادارية ومركزية.لتنتهي بالمؤتمر كأعلى هيأة تقريرية بعد مناقشة مشاريع المقررات بشكل جاد ومسؤول. نقدا وتغييرا وتعديلا أواضافة.ومساءلة القيادة على أدائها السياسي أثناء تحملها للمسؤولية بين المؤتمرين .ودراسة الحصيلة وتقويم ما راكمه الحزب من قيمة سياسية مضافة. انطلاقا من مبدأ النقد والنقد الذاتي والمحاسبة. الى غير ذلك من الميكانيزمات التنظيمية للحزب الثوري أو الطامح الى ذلك على الأقل.وبناء عليه تتم مراعاة التمثيلية بشكل ديموقراطي على أساس العطاء الحزبي الملموس. لا على أساس الولاءات.أوالانتماءات العائلية. أوالامتياز الطبقي و المصالح الذاتية.
فهل استمر الوضع التنظيمي على هذا النهج ؟بطبيعة الحال.لا.فبعد التجربة الانتخابية تم التخلي تدريجيا. عن كل ما يدفع بالتنظيم الى التجذر. سواء على مستوى القاعدة الحزبية أو على مستوى الأداء في الاطارات الجماهيرية.فتم تمييع التنظيم واغراقه بالاتباع الفارغين والذين لايخضعون للمواصفات التي يقرها لاالقانون الداخلي. ولا الأعراف ولا الارث النضالي. الى درجة اعتبار المنتخبين الملتحقين بالحزب مؤخرا والفارغين سياسيا وفكريا. بل وأحيانا المشبوهين منهم والمتورطين أخلاقيا وسياسيا. وأذناب التحالف الطبقي من البوجوازية والاقطاع الذي لم تسلم منه حتى القيادة الحزبية. أكثر أهمية من المناضلين المنظمين في القواعد. بحجة تم تذبيجها في القانون الداخلي ضدا على الأجهزة.والتي مؤداها أن أولئك قد تم التصويت عليهم من طرف الجماهير ليتم اعتمادهم "كقاعدة تنظيمية"بديلة للحزب..كذا. فأصبح هؤلاء يصولون ويجولون على هواهم مكبدين أكبر الخسائر التنظيمية والسياسية للأداة.في حين بقي المناضلون الصامدون على مستوى القواعد والأجهزة المحلية والاقليمية والمركزية. يتحملون عناء الانفلات بكافة أشكاله .بالاضافة الى تخاذل القيادة وترك الحبل على الغارب في معظم الأحيان. بل عملت على تغليب الميوعة التنظيمية والسياسية والايدلوجية رغم محاصرتها من طرف المناضلين بالنقد والاحتجاج. فتم تهميش المناضلين الأوفياء ليطلق العنان في مقابل ذلك .للتحريفية على المستوى القيادة وأتباعها في باقي الأجهزة الحزبية وطنيا واقليميا ومحليا.نذكر على سبيل المثال الموقف المتخاذل من أرسال التجريدة العسكرية للكونغو. والغزو الامبريالي لأفغانسان. ومشاركة المكتب السياسي في مؤتمر الأحزاب الأشتراكية في برشلونة في شخص عبد الرحيم بوعبيد الى جانب شيمون بيريز .في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني من أشد أنواع البطش الصهيوني من تقتيل واضطهاد وابادة عنصرية واجتثات حضاري .في حين قاطعت معظم الأحزاب القومية هذا اللقاء المشبوه.الذي لم بختلف عن الوقف الجبان للقيادة الحزبية.من اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة للعميل أنور السادات مع الكيان الصهيوني. ضدا على الاصطفاف للقوى القومية والأممية الى جانب الشعب الفلسطيني ومؤازرته في محنته .ومناصرة القضايا الأساسية لشعوب المنطقة في مجابهة الامبريالية وخدامها الأوفياء.الى غير ذلك من الانحرافات المرفوضة نضاليا وسياسيا وأخلاقيا .والتي تصدى لها المناضلون بالقواعد في حينها.
على مستوى العمل الجماهيري. كان الأداء الحزبي متميزا خصوصا بعد الحسم مع جناح البيروقراطية النقابية بزعامة المحجوب بن الصديق. بمساهمة المناضلين في وضع اللبنات الأساسية لما اعتبر بديلا.في الكونفدرالية الديموقراطية للشغل. ليدفع المناضلون في القواعد.وفي الأجهزة المحلية والاقليمية .بكل جهدهم وفعلهم النضالي الجاد والمسؤول على تجذيرها وسط الطبقة العاملة والشغيلة في معظم القطاعات.والتي كان النظام المخزني يضرب لها أكثر من حساب على استماتتة منخرطيها. النضالية وصمودهم المكافح وغير المهادن .في الدفاع عن المطالب الأساسية للشغيلة ومن خلالها للجماهير الشعبية.الشئ الذي لم يجد النظام المخزني بدا من الهجوم بشراسة عليها. باعتقال خيرة المناضلين وتعذيبهم والتنكيل بهم. تم قطع أرزاقهم .ليس فقط في 10/11 أبريل 1979 بل و أيضا في 20يونيو 1980 ويناير 1984 وفي 10 دجنبر 1990وما بعد ذلك.
رغم كل هذه المحن استطاع المناضلون أن يحافظوا على صمودهم وتضحياتهم ونكرانهم للذات.فلم يجد النظام المخزني بدا من الالتجاء الى أسلوب جديد.تقوم بتنفيذه التحريفية والبيروقراطية النقابية والحزبية .لضرب الأداة من الداخل ليتم تخريب الكونفدرالية بأساليب خبيثة.تارة بمناورة الاضراب اللامحدود. الذي جرت اليه معظم النقابات العمالية المتجذرة والقوية بأساليب المناورة والمزايدة والخبث. وذلك في أفق القضاء عليها نهائيا .على غرار النقابة الوطنية للفوسفاط. والنقابة الوطنية للسكك الحديدية.وفيما بعد نقابات عمال مناجم جبل عوام واميضر وايكوز للنسيج........ وما خفي أعظم .تارة بشراء أعضاء المكاتب النقابية بالريع المخزني وتوزيع الامتيازات. كالتفرغ النقابي والسكن الوظيفي وضمان الانتقال للأقرباء والترقية بل وحتى الاستفادة من الدعم المالي والامتيازات العقارية ...بما يصب في توريطهم في الفساد الاداري والمالي بجميع الوسائل.تحت غطاء أكذوبة "النقابة المؤسسة".لتتوج بما سمي "بالاتفاق المشترك" .الذي لم يكن في الحقيقة الا صفقة سياسية سيتم بموجبها القضاء نهائيا على النضال الكفاحي للنقابة. مقابل التوافق السياسي الذي تم فعلا بموجبه التنكر للقضايا الأساسية للجماهير العمالية وكافة الشعب المغربي. وصولا الى حكومة التناوب بعد تمرير دستور 1996.الشئ الذي اعتبرت فيه هذه المؤامرة بمثابة "ايكس ليبان" ثانية.
بعد كل هذا فهل استطاع حزب الطليعة أن يجيب على أسئلة المرحلة بعد "الحسم" في 8 ماي 1983 مع التحريفية الكلاسيكية وتجار السياسة. الذين تنكروا للتاريخ النضالي وباعوا دم الشهداء وتضحيات المناضلين بأبخس الأثمان. والذين لم يسلموا من انقلاب السحر عليهم اذ تم التخلي عليهم وسحب البساط من تحتهم بعد تمرير المخطط .وضربت قاعدتهم الشعبية ومصداقيتهم النضالية. وتم رميهم كما ترمى قشور الموز فانتهت مدة صلاحيتهم وانتهى دورهم في اللعبة المخزنية؟
أم أن الأمر لم يكن سوى نسخة بنكهة خاصة لتوجه المؤتمر الاستثنائي. لتظهر في ظل الاجماع المخزني الجديد. في حلة جديدة بأساس قانوني ابتداء من 1991.تحت اسم الطليعة. وأن حركة 8ماي لم تكن سوى استمرارا لنهج المؤتمر الاستثنائي مع فارق واحد. هو أنها ساهمت بشكل من الأشكال وبدون وعي من المناضلين. في تنفيذ مخطط النظام في تقليم أظافر الاتحاد الاشتراكي بعد أن اتسعت قاعدته الشعبية .مادامت لم تحقق الجديد على مدى عقدين من الزمن اذا لم نقل أنها سجلت تراجعا على جميع المستويات.في حين وبشكل ضئيل جدا تطفو القطيعة مع ما تبقي من المناضلين في التيارالمناقض لما يمثله من حمولة ثورية مكافحة لما تبقى من جيش الحرير. و23مارس والذين نفذ فيهم جكم الاعدام في 1973 بما فيه تنظيم الاختيار الثوري في المنفى. وبالتحديد تنظيم فدرالية أوروبا الغربية. الذي حل نفسه ليندمج في حزب الطليعة قبيل المؤتمر الرابع بزعامة الفقيد بوستة عبد الغني السرايري. معبرا عن نفسه في التوجه الكفاحي لرفاق الشهداء المهدي والعمرين والفقيد بوكرين وأبوبكر عرش... بل وأيضا استمرارا للصراع الذي عبر عن نفسه في لجنة الترشيحات. ولجنة المقررين التنظيمي والتوجيهي في المؤتمر الوطني الرابع. والذي حسم لصالح بنجلون والجناح المحافظ بتدخله شخصيا للانتصار لتزوير تقارير لجان المؤتمر.والذي سيؤكده المسار الذي ستعرفه الطليعة من بعد على جميع المستويات التنظيمية والاديلوجية والسياسية. ناهيك عن التوجه الاعلامي الذي سيعرف ركودا يدعو للاستغراب نظرا للتحجج بالقمع والتضييق وعدم الاستفادة من الدعم المخزني.فتم تجميد لجنة الاعلام الحزبي. فتمت الاستقالة حتى من اصدار النشرات الحزبية الداخلية لما لها من أثر تأطيري فكرا وتنظيما وسياسة. الحزب كان بامكان الحزب انشاء مؤسسة اعلامية بالتضحيات المالية للقاعدة العريضة من المناضلين.هذا اضافة الى الأداء السلبي والمتواطئ المفضوح على المستوى النقابي. اضافة الى رعاية الفساد وتشجيعه.مما سيضطر فيه أغلب الكوادر التنظيمية. من الشرفاء والأوفياء. الى مغادرة الحزب اما نتيجة للاحباط.أو التهميش والمضايقة مما سيساهم في عزل الحزب جماهيريا. لتبدأ عمليةاغلاق الحلقة بالمشاركة في انتخابات 2007 بدون أدنى سبب سياسي مقنع. وضدا على القواعد الحزبية والأعراف النضالية.لتكتمل بتلك الاشارة السياسية الواضحة. التي أطلقتها القيادة باستقبال رئيس الحكومة الملتحية-عضو الشبيبة الاسلاميةسابقا –المنفذةالمباشرة لعملية اغتيال الشهيد عمر بنجلون في ذكرى اغتياله.وبالضبط في بيت عائلته الشئ الذي يمكن تفسيره باستعداد القيادة للتخلي عن كل الارث النضالي والجذري للحركة الاتحادية الأصيلة. الشئ الذي سيتم تأكيده بالتهنئة"التاريخية لنجاح المؤتمر الوطني السابع".
بعد كل ما سبق فما هو مسار الواقع العنيد والمر على تطور الحركة. وبماذا سينطق التاريخ في ظل التراجعات على جميع المستويات. وهل يمكن الرهان على ما تبقى من الارث النضالي الكامن. والذي لازال يحمله جدل التطور. والسيرورة التاريخية . ليبعث من جديد.مادام منطق الدياليكتيك . يقضي بأن تطور التاريخ يسير بشكل حلزوني أو لولبي يشبه مسار المسالك الوعرة في تحد الى القمة. حيث يتم الارتقاء. لضرورة منطق التناقض والتجاذب.والمد والجزر. بين رواسب الماضي واكراهات الواقع .وطموح المستقبل.بشكل يجعلنا نتوهم بأن الثبات والنكوص والتراجع. قدر محتوم. ومحبط للارادة النضالية
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.