يقترب موعد الاستحقاق، تبدأ الحملة الانتخابية، فيتسابق مرشحو الأحزاب في كل دائرة ليقنعوا ساكنتها بأنهم الأقدر على الاستجابة لتطلعاتهم بصدق ونزاهة. وتجند الأحزاب مقراتها ومنابرها الإعلامية لإقناع الناخبين ببرامجها الانتخابية. في كل مرحلة يختار الناخبون - وهم الفئة المشاركة من المواطنين - التصويت على مرشحهم الأنسب. وهنا يختلفون في التقويم حسب درجة الوعي. فمنهم من يتحرى الصدق والنزاهة، ومنهم من يختار مرشح حزب ينتمي إليه أو يسانده، ومنهم من يصوت لصديق أو قريب. وهناك للأسف من تدفعه مصلحة مادية أو عينية أو معنوية. وقد اختار أغلب المشاركين في استحقاق 25 نونبر 2011 التصويت لحزب العدالة والتنمية تماشيا مع الحراك المغربي والعربي الذي أيقظ في الشعوب رغبة التغيير إلى الأفضل. فاتجهوا إلى حزب لم يشارك في الحكومات السابقة لعله شراسة معارضته في البرلمان تتحول إلى تدبير شرس لشؤون البلاد والعباد، ولعل مرجعيته الإسلامية تكون دافعا لعمل صادق ومخلص لمنتخبيه الذي وعدوا بالإصلاح ومحاربة الفساد والاستبداد. نجح الحزب في الانتخابات وحظي بسبعة ومائة نائب برلماني وترأس أمينه العام حكومة البلاد مع ثلاثة حلفاء وأحد عشر وزيرا ووزيرة من الحزب الأول. وبدأت إكراهات التحالف والتدبير تطفو على السطح. فوجدت أحزاب المعارضة فرصتها لتحريك نوابها ووسائل الإعلام الموالية لها من أجل تنبيه المواطن بأن من عقد فيم آماله قد حادوا عن سكة وعودهم وساروا في اتجاه يحيد عن تحقيق المصالح واجتناب المفاسد. من حق المواطن أن يقتنع بخطاب مساندة الحكومة كما من حقه أن يقتنع بالخطاب المعارض وفق المعطيات التي يتوصل بها وتحليله لها. لكن وضع انتخاب سكان دائرة انتخابية ثقتهم لنائب معين يفرض على هذا الأخير أن يتواصل مع ساكنة دائرته لينصت إلى مشاكلهم وتطلعاتهم ويوصلها إلى الوزراء ويقنع السكان بعمل فريقه البرلماني وبتقويمهم لعمل الحكومة إيجابا أو سلبا حسب تموقعه في المشهد السياسي. هذا التواصل الواجب هو ما نفتقده في نوابنا جميعهم بمن فيهم نواب فريق العدالة والتنمية رغم اجتهادهم في الحضور وفي تصدر الفرق في عدد أسئلتهم الشفوية والكتابية الموجهة لمختلف القطاعات الحكومية. لكنني، ومنذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية إلى حين كتابة هذه الكلمات، لم يبلغني أن نائبا في الدائرة التي أسكن في ترابها أو في الدائرة التي يقطن بها الوالد أو في أي دائرة بعاصمة الوطن على الأقل قد عقد لقاء تواصليا مع الساكنة. علما أن اكتراء قاعة أو فضاء مفتوح وتخصيص وقت لأداء واجب التواصل ليس بالشيء المعجز لنائب يتقاضى أجرا مهما وفريق وحزب لهما الميزانيات الكافية لهذا الغرض. لقد سبق وحاولت من خلال وسائل التواصل المتاحة تنبيه إخوتي من النواب وغيرهم من أعضاء حزب العدالة والتنمية الذي أساند عن قناعة بهذا التقصير في التواصل مع المواطنين. خاصة مع مرور الشهور والسنة والسنتين على الحكومة التي يرأسها حزبهم. وتكاثر المواطنين الذين خاب أملهم في هذا الحزب. ومع عجز مساندي الحزب البسطاء عن إيجاد أجوبة مقنعة عن التساؤلات المنطقية لمواطنين صوتوا على الحزب من قبل ولهم تقييمهم السلبي لتجربته الحالية، يتحمل نوابه البرلمانيون المسؤولية في ضعف تواصلهم أو غيابه التام وتماطلهم في ذلك. إننا في سنة تشريعية ستعرف تنظيم الانتخابات الجهوية والمحلية، تليها السنة الأخير من الولاية الحالية التي ستختتم بتنظيم استحقاقات تشريعية هي بمثابة جزاء من المواطن لمن منحه صوته من قبل. وكلما اقتربت هذه المحطات كلما فات الأوان على تواصل النواب مع ناخبيهم الذي سيعتبره الخصوم حملة انتخابية سابقة لأوانه. وقد نبهنا ولا نزاه ننبه. فهل يعتبر المعتبرون؟