لم يكن الخميني حين تنظيره للحكومة الإسلامية يرجم بالغيب، أو يخط في الرمل، ليستكشف خبايا المستقبل ، عندما قرر أن التشيع في ازدياد[1]، مستبشرا بمستقبل زاهر للشيعة - بعد عصور من المظلومية التاريخية- وإنما كان يتحدث عن برنامج عمل، وخطة طريق وضع أسسها ورسم معالمها – ربما وأقول: ربما- بباريس بمعية دهاة العالم (الحر) وخبرائه الاستراتجيين .. إنما يجري اليوم في العالم الإسلامي من فتن هنا وهناك، ويحدث من قلاقل ويقع من اضطرابات، لهو جزء لا يتجزأ من هذا المشروع الجهنمي، الذي ينفذ في العالم الإسلامي بتحالف -بعضه سري وبعضه علني- بين الشيعة واليهود والنصارى.. استصحابا لتحالف قديم بين الشيعة زمن الحكم الصفوي وأوربة في مواجهة الخلافة العثمانية[2]. وإلا فكيف نفسر احتلال العراق من قبل أمريكة -زعيمة اليهود والنصارى- بتحالف مكشوف مع إيران عبر شيعة العراق، وتقديم العراق إلى الشيعة يحكمونه وفق برنامج أمريكي إيراني واضح المعالم، بين القسمات، ولتسهيل الأمر واعتباره أمرا عاديا جدا، تم تقسيم العراق عرقيا إلى العرب و الأكراد، وتقسيمه طائفيا ثلاثة أقسام: الشيعة والسنة والأكراد. والسؤال الذي لا يراد الجواب عنه: ما هو مذهب الأكراد؟ أهم شيعة أم سنة أم شيء آخر..؟ ولم يكتف هذا التحالف بذلك، بل امتد إلى لبنان فمكن لحزب الله أيما تمكين، وصار هو صاحب الأمر والنهي في لبنان، تؤسس الحكومات بإذنه وتسقط بإشارته، ويوضع البرلمان تحت وصايته، ويتقلد من الوزارات ما يريد، ويأنف من تقلد ما لا يريد. وهو في كل ذلك لسان الميزان في السياسة الداخلية والخارجية لدولة لبنان، ومليشياته جاهزة لتأديب الخارجين عن قانونه .. ويذر الإعلام الدولي الرماد في العيون بالقول: إن حزب الله منظمة إرهابية.!!! أما حكومة الوفاق الوطني في فلسطين، فغير معترف بها لوجود حركة حماس ضمنها... وهي عند أولئك المتنفذين في شؤون العالم: منظمة إرهابية على الحقيقة، لأنها حركة سنية من جهة، و تواجه الدولة اليهودية في فلسطينالمحتلة، من جهة ثانية. ويستمر التحالف في سوريا لتدمير بنيانها وإبادة شعبها، لأنه قرر الانعتاق -كباقي شعوب الأرض- من الاستبداد والطائفية والطغيان، ولأن حكام سورية ينتمون إلى الجرثومة الشيعية، فلا جرم أن تكون إيران حاضرة بخبرائها الاستراتجيين، وضباطها العسكريين، لحمايته من السقوط، ولو أدى ذلك إلى حرق سورية عن آخرها. ولا جرم –كذلك- أن تكون أمريكا -زعيمة اليهود والنصارى- متفرجة، بل -وفي بعض الأحيان- منسقة ومصفقة- والعلة المطردة باستمرار، هي الخوف من وقوع الحكم في يد (الجماعات المتطرفة)!!! ويتواصل هذا التحالف فينجلي في الاتفاق بين الشيعة والغرب، في تأييد الانقلاب العسكري في مصر، على "الشرعية الانتخابية"، وخيانة الأمانة، وتأسيس دولة الاستبداد. لأن حكم مصر من قبل "الإخوان المسلمين" قد يحررها من رهق اليهود وعنت النصارى، ويجعلها قبلة للمستضعفين من أهل السنة في البلاد المجاورة، وذلك ما لا تريده أمريكا ولا ترغب فيه إيران.. لأن مآل ذلك كله: محاصرة دولة اليهود في فلسطين، وذلك من الموبقات الكبرى في السياسة الدولية المعاصرة.!! ويبلغ السيل الزبى- كما يقال- فيظهر التحالف في الإجهاز على مناطق أهل السنة في العراق، بتأسيس جماعات لا يدرى من هي، ونشرها في تلك المناطق لإبادة خضرائها، وإذلال رجالها، وسبي نسائها، وتمهيد الطريق للمليشيات الشيعية بالدخول إلى تلك المناطق لاحتلالها وتغيير تركيبتها السكانية، ومن ثم، تغيير مذهبها الاعتقادي والعملي في المستقبل – كما فعل الصفويون- تماما- في إيران قبل قرون خلت. ثم للتعمية من جهة، وإتمام الإجهاز من جهة ثانية، يقال : إن هذه المنظمات (الإرهابية) تنتمي إلى أهل السنة، وإنما وجدت لحمايتهم وحماية مناطقهم، وهم منها برآء. كذا يقال في وسائل الإعلام الدولية.. ويتراشق الحليفان: الغرب وإيران، الاتهام بتأسيس تلك المنظمات. فصَدقا -وهما كذوبان- وتصل نيران ذلكم التحالف الملتهبة إلى اليمن، فتقطع أعناق المتشددين من أهل السنة، بالأسلحة الأمريكية وبفعل مباشر حينا، وبنيابة من الحكام المحليين حينا آخر، وتمنع أرزاق المعتدلين منهم، ويضيق –سياسيا وإعلاميا- على نخبهم الفكرية والثقافية، أما (الحوثيون أنصار الله) فيدفعون دفعا إلى احتلال صنعاء، وهي مقدمة ممهدة لعودتهم إلى حكم اليمن، وهم بالمناسبة: ليسوا منظمة إرهابية!! لا لسبب، إلا لأنهم شيعة وكفى. وقد بقيت من العقد حبة. هي: تركية السنية الناجحة. فقد شرع في توجيه الاتهام لها بأنها تمد تلك المنظمات بالسلاح والمؤن و.. وهي بداية لإدراجها ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، فإما أن تستسلم، وإما أن تناقش الحساب، ومن نوقش الحساب عذب. [1] الحكومة الإسلامية، للخميني 111 [2] (التاريخ الإسلامي) 8/110-338. محمود شاكر.