تشتغل التشكيلية المغربية جهان صوت الحق على مفردات تشكيلية تسمح ببسط إمكانات التعبير بخصائص ودلالات ذاتية، تكسب المادة التشكيلية ماهيتها، وتجعل التعبير في منظومة «البوانتيزم» التشكيلي حتمية عالية الجودة في الثقافة الفنية. إن الأسلوب الإبداعي لدى الفنانة التشكيلية جهان صوت الحق تتوافر فيه الرؤية التشكيلية الصرفة ذات المنحى التعبيري الفني المعاصر، إذ تمزج فن «البوب» باللون في جماله الفطري و»البوانتيزم» الدلالي المرتبط بمسلك الإبداع والابتكار، وبالإيقاعات السمفونية التي تخلخل الصمت، والمنسجمة مع الأبعاد الرمزية التي – لا محالة – تستمد كينونتها من مرجعيتها الفكرية والفلسفية والواقعية والثقافية والاجتماعية، وأيضا من رؤاها الجمالية. فتتبدى أعمالها ذات دلالات متعددة تؤطرها ملكة الواقع الممزوج بالخيال، خصوصا في الأغراض الشبيهة بالمنحى الواقعي الصرف، وكذلك الصيغ البلاغية، التي تنتج عن الحس التخييلي المرهون بالمادة الفنية الموظفة بتقنيات عالية. فعملية بناء الفضاء تستند إلى تقنيات الواقع الصوري، والنقاط والدوائر المغلقة والأشكال الضبابية والفراغ أحيانا والكثافة أحيانا أخرى، فتأخذ بعين الاعتبار عنصر المساحة في بعديها الصغير والكبير والملء والفراغ، وهو تطور إلى البناء الفضائي المفتوح، تركبه من تجميعها لمختلف المكونات والعناصر التشكيلية والمفردات الفنية على أشكال واقعية متنوعة، سواء من الدوائر المغلقة أو الصور الواقعية المقرونة بالخيال، وتدججها بالرموز والعلامات الإيحائية التي تنتج جملة من الدلالات والمعاني التي تساعد على تشكيل بؤر بصرية. وبذلك يستقرئ القارئ إيجابية الواقع في فن «البوب والبوانتيزم» في الثقافة الفنية العالمية، وأيضا الأبعاد المبنية على أسس حركية تروم المعرفة التشكيلية في بعدها القرائي البصري. إنها عملية تشكيلية ناضجة فيما يخص قيمة الفضاء، تستطيع بواسطتها الإيحاء بالعمق، أو بالأبعاد المختلفة المقاييس في الفضاء، ما يسمح للتركيب بأن يغطي الوحدات المكونة للبناء بوحدات أخرى، حيث تحجب بعضها أجزاء من وحدات بعضها الآخر بطريقة تحافظ على وحدة التكوين. وهي سمة في اشتغالها، تتوخى حداثة الأسلوب، ما يفسح الفرصة للتأمل واكتشاف معالم تعبيرية جديدة في فن «البوب والبوانتيزم». اعتمادا على مجال الضوء وتركيب الصورة والمساحات وفق التقنيات المعاصرة، ما يضيف نوعا من الدقة والمعرفة الحقة، ووفق عملية التوزيع المحكم للألوان التي تتشكل من جنسها وتتدرج وتتنسّق وفق الأشكال التي يتم تثبيتها، ليصبح التأثير واضحا على التناغم اللوني، وكذلك على التحليل الطيفي للضوء. وبذلك فالتشكيلية وفية لأسلوبها المتميز وتلتزم في عملية توزيع اللون بين مختلف أعمالها، فأحيانا تُدرّج في الألوان وتُنوّع فيها، وأحيانا قليلة تلتزم «البوانتيزم» مع تدفق خفيف للون بشكل محاد أو مناقض أو من جنس ذاك اللون. وفي المقابل فإن أسلوبها يخضع لمقتضيات الفن التشكيلي المعاصر ولمقومات العمل التشكيلي المبني على حداثة الأسلوب وعلى الأبعاد الدلالية والأسس الجمالية، وعلى التكامل والتوازن والانسجام في عملية البناء والتحوير والتوليف، بين مختلف العناصر والأشكال وإبراز القيمة المضافة للعمل الفني، المبني أساسا على نمط تعبيري يمتح مقوماته من الانفعال الباطني، فيتمظهر وصفا يعبر عن معان نفسية أو ذهنية، تتبدى في شخوص متنوعة الشكل، تصيغها في اللون الواحد، وتردفه بجنسه لتنسج منهما المادة التعبيرية. بروابط علائقية وبإنتاج توليف بين مختلف العناصر والمكونات الفنية. خصوصا وأنها تجمع في العمل الواحد بين اللون وجنسه ومختلف تدرجاته، لتؤصل لفلسفة قيمية تستجيب لضرورات العمل حتى يتفاعل مع القارئ والثقافة التشكيلية التفاعلية. وتحدث حركات فنية قادرة على تغيير المنحى التعبيري وانزياحه نحو تعددية القراءة، فهي تبلور العملية الإبداعية وفق خاصيات جديدة وأساليب معاصرة في التعبير، وتؤثث لمنهج دلالي يجول بالقارئ في عمق الصورة التعبيرية لفن «البوب» بصيغ إشكالية جمالية متعددة.