لا تمر سنة جامعية دون أن تتفجر فضيحة تكشف البراثن التي تعيش فيها الجامعات المغربية، بدءا باحتلال المراتب الدنيا في الدرك الأسفل من التصنيف الدولي، مرورا بجرائم القتل والضرب والجرح باسم النضال، وصولا إلى "فضائح أخلاقية" يكون أبطالها بعض الأساتذة الجامعيين، الذين تناسوا أنهم كادوا أن يكونوا أنبياء وجب الوقوف لهم تبجيلا كما علمنا في مدارسنا، وبعض الطالبات اللواتي يستعملن مختلف السبل للإيقاع بأساتذتهن في شراكهن وابتزازهم. في هذا التقرير الصحافي، ترصد "الرأي" لقرائها واقع الابتزاز الجنسي بالجامعات المغربية. طالبات كسرن جدار الصمت خرجن عن القاعدة وكسرن الصمت، على عكس مثيلاتهن، ضحايا الابتزاز الجنسي بالجامعات المغربية، طالبات كلية العلوم بمدينة تطوان، نشرن عدد من صور و تدوينات على صفحات الفايسبوك تتهمن بها أستاذا لمادة الرياضيات بالابتزاز الجنسي لهن مقابل الحصول على نقط عالية. حيث استغل الأستاذ صلاحياته التي تخول له امتلاك مفاتيح النجاح والرسوب، وهو ما يضع الطالبات في موقف ضعف، مخيرات بين الرضوخ والخضوع لرغبة الأستاذ وبين القبول بتكرار السنة أو تغيير الجامعة أو الانقطاع عن الدراسة. إحدى ضحايا الابتزاز الجنسي بكلية العلوم، والتي اختارت الكشف عن فضيحة الأستاذ المسمى (ع.إ) بعد حصولها على شهادة الاجازة، قالت أن : “الأستاذ الجامعي يمارس الجنس مع طالبات بعمر ابنته، وهناك العديد من الطالبات يخن أزواجهن مع الأستاذ المذكور.. وما خفي كان أعظم، وما يحدث من اتفاق على أرض الواقع أو في الوتساب أكثر سوءا، وهناك من تتصل به عبر الهاتف خوفا من اكتشاف أمرها، مضيفة أن "المراقبة تمت منذ مدة واليوم بعد حصولي على الإجازة ارتحت وقررت نشر التسريب ... لأن المحاسبة غير موجودة مع الأسف". وزادت محذرة أنها أخفت "أسماء الطالبات حفاظا على سمعتهن لكن رسالتي لهن أنني أعرفهن بالاسم والصورة وأدعوهن إلى عدم تكرار ما يقمن به والتوقف فورا". ولم تتوقف هذه الطالبة عند هذا الحد بل طالبت بأن يكون "هذا الأستاذ عبرة لغيره من الأساتذة الذين يقومون بابتزاز الطلبة واستغلال الطالبات جنسيا"، لأن ما " يقوم به الأستاذ من توزيع للنقط (18/ 19/ 20/ 17) هو ضرب في مبدأ تكافؤ الفرص". بالرجوع إلى المراسلات والصور التي انتشرت وتبين تورط الأستاذ، في ابتزاز الطالبات بالجنس مقابلة النقاط الجيدة، نجده يقدم وعودا بالحصول على نقطة 18 إذا لبت رغبته الجنسية، ويرسل صوره تظهر الجزء العلوي من جسمه العاري في محاولة إغواء وإثارة للطالبة المتحدثة معه. وكشفت التسريبات كذلك ابتزازه امتد حتى إلى الطالبات المتزوجات، حيث تقول إحداهن ردا على طلب مواعدتها "أنك تعرف ان زوجي موجود الان ولا يمكنني الحضور، وعلق هو عليها بالفرنسية "ليس مشكلا". وكان أستاذ الرياضيات يتخذ أمكنة متعددة للقاء ضحاياه لابتزازهن واستغلالهن جنسيا، موزعة بين مكتبه بالكلية العلوم بتطوان وشقته التي كان يكتريها بمدينة مرتيل قرب مطعم نرجس، وكذا منزله الموجود بمدينة طنجة. و صرحت إحدى طالبات كلية العلوم بتطوان، رفضت ذكر اسمها، أنه "سبق للطلاب كلية العلوم أن قدموا ملفا مطلبيا لإدارة الكلية كان من بينها "أستاذ الرياضيات المسمى (ع .إ) "إحيد فحالو" لان هناك معلومات كثيرة عنه تؤكد تحرشه بالطالبات و ابتزازهن" بمعادلة الجنس مقابل النجاح. القتل و المحاكمة نتيجة للابتزاز الجنسي بالجامعة لما انتشر خبر الابتزاز الجنسي لأستاذ الرياضيات بالحمامة البيضاء، تناسلت في مخيلة المتابعين و الذين لا يمتلكون ذاكرة السمك، أحداثا مشابهة في الماضي القريب، خاصة تلك التي هزت الرأي العام المغربي، ففي نهاية شهر شتنبر سنة 2009، عثر على جثة الطالبة، سناء حدي، 27 سنة، ملقية على أرضية إحدى غرف الدراسة بكلية العلوم بجامعة ابن زهر بأكادير، التي كانت ضحية ابتزاز جنسي من الاستاذ الجامعي الذي كان يشرف على تأطيرها في أطروحة الدكتورة . اعترف قاتل الطالبة سناء عند التحقيق معه من طرف الفرقة الجنائية الأولى بولاية أمن أكادير بجريمته، بأنه فعل ذلك بعد ان "أفقدته صوابه عشية أحد أيام الجمعة، لما اجتمع بها على انفراد، في مكتبه الخاص بكلية العلوم، ما جعله يسدد لها لكمة قوية ومفاجئة، جعلت أنفها ينزف دما، قبل أن تسقط أرضا، وأحكم قبضته حول عنقها، إلى أن توقفت أنفاسها، قبل أن يجرها من قفاها إلى غرفة مهجورة قرب مكتبه، ويغلق الأبواب، ويغادر الكلية في اتجاه منزله". فضائح الابتزاز الجنسي لبعض الأساتذة بالجامعة المغربية لا تنتهي دائما بالتشهير في شبكات التواصل الاجتماعي ولا بالتصفية الجسدية، بل من ضحاياه من رأت في القضاء حلا لمعاناتها. قصة الطالبة "أسماء بوادي "طالبة جامعية بكلية آسفي، والتي اختصرت حكايتها بالتصريح لقناة (دا بليو) الالمانية الناطقة بالعربية قائلة: "جئت إلى الكلية لتعلم العلم وليس لتعلم الدعارة. طلب مني الأستاذ مرافقته إلى منزله وهدد بأني لن أحصل على الإجازة مهما اجتهدت في حال لم أرضخ لرغبته الجنسية". وكشفت أسماء عن ضغوطات قاسية تتعرض لها سعيا من الأستاذ لتنازلها عن الدعوى القضائية التي سجلتها ضده، آخرها مساومتها ب 400 ألف درهم، لترد " أرفض المساومة وكفانا صمتا". الغريب هو أن الاجراءات التأديبية التي اتخذت ضد أستاذ القانون الخاص تمثلت في نقله من كلية المتعددة التخصصات بأسفي، التي تورط فيها بالتحرش والابتزاز الجنسي، إلى كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بجامعة ابن زهر بأكادير. كما أصبح يدرس بأحد مسالك الماستر بمراكش. الأساتذة والطلاب يتصدون للابتزاز الجنسي كلما افتضحت واقعة الابتزاز أو التحرش الجنسي بالجامعة المغربية إلا و نجد تفاعلا من طلاب، فمجرد أن شاع الخبر أصدر طلبة كلية العلوم بتطوان بيانا موقعا باسم "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، طالبو فيه بفتح "تحقيق جاد، مسؤول ومستعجل" بعد " تسريب صور محادثات الأستاذ المسمى (ع،إ)، على صفحات موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، والتي تضمنت محادثات مع بعض "الطالبات" بغية إقامة علاقات جنسية والاستعداد لها مقابل نقطة عالية". واعتبروا ذلك "يضرب في مبدأ تكافؤ الفرص، وأخلاقيات الحرم الجامعي، سمعة الكلية، وصولا إلى الضرب في مصداقية التعليم العالي بصفة عامة والشواهد الجامعية بصفة خاصة". وبالمقابل صرح مسؤول بالمكتب الوطني لنقابة الوطنية للتعليم العالي، فضل عدم ذكر اسمه، "للرأي " أن "الابتزاز الجنسي أو الجنس مقابل أداء أعمال وغير ذلك من فوائد وخدمات، هو موجود لكن لا نعلم حجمه، هل هو منتشر بالجامعة أكثر من المجتمع أو العكس". خاصة وأن " الجامعة أصبحت مرتع للتحرش والابتزاز الجنسي، فمحيط الجامعة والاحياء الجامعية تحول موقفا لأصحاب السيارات الباحثين عن المتعة الجنسية". ويرى المسؤول النقابي أنه "ليس دائما يكون الأستاذ هو من يمارس الابتزاز أو التحرش" بل "هناك طالبات يقمن بالابتزاز أساتذتهن، ووقفنا على بعض حالات الابتزاز من هذا النوع". لكن " إلى أي حد هناك طالبات يريدن الحصول على النقاط بهده الطريقة؟" يتساءل المتحدث. كما أكد القيادي النقابي، على أنهم "كنقابة ضد كل هذه الاشكال من التحرش والابتزاز الجنسي"، بل مع "القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع سواء كان أستاذا أو طالبا أو قاضيا أو بقالا". واسترسل قائلا "لكن للأسف نحن لسنا دولة قانون". وفي سياق ذلك يقول المتحدث،" أن الجامعة فضاء جزء من المجتمع" لكن هذا الاخير "لازال يتساهل مع مثل هذه الممارسات وبتماطل من الدولة التي عجزت عن إخراج قوانين لحماية النساء من العنف والذي يعتبر التحرش والابتزاز الجنسي جزءا منه". لدى يجب أن يكون " الردع وأن نعلم الناس التربية الجنسية السليمة حتى تعرف حدودها". الحركة النسائية والابتزاز الجنسي بالجامعة قالت ثريا الثناني عضوة لجنة التتبع بتحالف ربيع الكرامة أن الابتزاز الجنسي بالجامعة "ظاهرة أصبحت متفشية وفي السنوات الأخيرة لم يعد مسكوت عنها". واعتبرت أن ذلك يأتي في "سياق انهيار حقل القيم " لأنه "لم نكن نسمع عن مثل هذه الطاهرة عندما كان الأستاذ أستاذا بما تحمله الكلمة من معنى"، مضيفة، "أنا أكيد لا أعمم". كما نفت رئيسة جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء ببني ملال، وجود الابتزاز الجنسي من طرف الطالبات ضد الأساتذة وبررت ذلك بكون "الطالبة دائما تكون في موقع ضعف" بينما الأستاذ في موقع قوة و "له سلطة معنوية و مادية " على الطلاب. وأكدت المتحدثة في تصريح "للرأي" أن الجمعية التي تترأسها تلقت عدة شكايات من طالبات بجامعة السلطان سليمان ببني ملال، بسبب بأنهن تعرضهن للابتزاز والتحرش من طرف بعض الأساتذة. وتحكي الثناني عن إحدى الطالبات التي استمعت لشكايتها، قولها أنها تعتبر خضوعها لابتزاز الجنسي لأستاذها "فعلا مشينا و لا تكون مرتاحة معه"، لكنها تفعل ذلك كونها "مضطرة لاتقاء شر الاستاذ"، حيث إذا لم تستجب لنزوته "سينتقم منها على مستوى النقط".