في السنوات الأخيرة كثرت مطالب الموظفين بالقطاع العمومي، خاصة مطلب الترقية بالشهادات العليا فما الداعي إلى كل هذه الاحتجاجات؟ هل هو مجرد تسيب؟ أم أن هناك فعلا ظلم حقيقي وحيف تعاني منه فئة من الموظفين خاصة بوزارة التربية الوطنية، العدل، الصحة وموظفي الجماعات المحلية ... إن مطلب الترقية بالشهادة كان مكتسب للشغيلة المغربية بعد نضالات السبعينات والثمانينات التي خاض من خلالها الموظفون إضرابات قوية من اجل الحفاظ على المدرسة والعمومية والدفاع عن الحقوق المكتسبة بكل قطاع ، لكن في سنة2003 بدأ الإجهاز على الترقية بالشهادة بإصدار مرسوم استثنائي يسمح بالترقي لمدة 5 سنوات لتخفيف الضغط وضمان صمت المعنيين بالترقية ،وبالفعل فقد استغفلت الوزارة الشغيلة التعليمية بتواطؤ النقابات التعليمية مع الحكومات المتعاقبة، ليضطر رجال التعليم الحاصلون على الشهادات الجامعية سنوات 2008 ،2009،2010و2011 إلى الاحتجاج والتعرض للقمع المخزني إلى أن تمت ترقيتهم مباشرة . ليتكرر نفس السيناريو مع أفواج 2012و2013 حيث تم التخلي عن هذا الحق والدخول في سياسة الأذان الصماء من طرف الوزارة وكأن الترقية هي منحة تتكرم بها على الموظف مما أدى إلى تشكيل تنسيقية الأساتذة المجازين المقصيين من الترقية التي ناضلت من اجل استرجاع هذا المطلب حيث خاضت أشكال نضالية قويه ختمت باعتصام دام 111 يوم مما أدى وزارة التربية الوطنية إلى اصدرا مرسوم2.11.623 والذي ينص على أن الترقية بالشهادة ستكون بعد اجتياز مباراة شفوية لكن هذا المرسوم كانت له مدة محدودة انتهى بنهاية 2015 مما أدى إلى حرمان فوج 2016 و 2017 من الترقية وتغيير الإطار بالنسبة لأساتذة الابتدائي والإعدادي ليتم تأسيس مرة أخرى "تنسيقية حاملي الماستر بوزارة التربية الوطنية" التي سيتغير اسمها الى "التنسيق النقابي لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات العليا الذي خاض بدوره أشكالا نضالية لأكثر من سنة ونصف دون أن يفتح باب الحوار مع وزير التربية الوطنية مما سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان بين الطرفين فعوض آن تكون الترقية بالشهادات منصوص عليها بالقانون الأساسي للموظفين يتم التماطل والبحث عن مبررات واهية دون الاكثرات لساعات العمل والتحصيل العلمي التي تضيع بسب عدم فتح حوار جاد مع المحتجين. فحتى نظام الترقية الداخلية بطيء جدا حيث أصبح اغلب الموظفون مجرد عبيد عند أسيادهم لا أقل ولا أكثر فليس من حقه ان يعيش حياة كريمة بعيدا عن حياة العبودية عند الأبناك التي كثفت وأثقلت كاهل الموظف بمختلف القروض قد يبدو مطلب الترقي بالشهادة مطلبا تافها بالمقارنة مع عدد من المطالب الجوهرية التي ينادي بها الشارع المغربي، إلا أن عناد المسؤولين ورفضهم غير المنطقي للاستجابة للأساتذة حملة الشهادات تحت مبررات واهية لا تصمد للنقاش، يظهر أن الأمر يتعلق بخلفيات نفسية تفرض نفسها على المخزن وتوابعه أكثر منها إكراهات مرتبطة بالدولة وميزانيتها، ذلك أن الدولة التي تنظم مهرجانات بحجم موازين وتنفق على برلمانيون ووزراء وهم في عطلة لأكثر من سبعة أشهر وتكريمهم بلوحات الكترونية وتمتيعهم بتقاعد مريح فقط ،في الوقت الذي تقابل فيه نضالات الموظفين با"الأجر مقابل العمل "و يصل الأمر في بعض الأحيان إلى المجالس التأديبية ، ناهيك عن النهب المنظم وغير المنظم الذي ينهجه علية القوم لثرواتها من الفوسفاط ومقالع الرمال والصيد البحري ومناجم الذهب والفضة وغير ذلك، لا يسمح لها أن تتحدث عن الأزمة. هل قدر الضعفاء دائما في هذا البلد السعيد أن يسددوا ثمن إسراف وتبذير ورفاهية الكبار؟ويشكرونهم على فتات موائدهم .