قرار الوزير التوفيق الذي قضى بتوقيف عضو من المجلس العلمي المحلي بالرشيدية من جميع مهامه الدينية، ليس حدثا عاديا، ولاينبغي أن يمر مرورا عاديا. فالحدث يقتضي التأمل والنظر والتساؤل للاعتبارات التالية: القرار استند إلى ظهير 20 ماي 2014 وبالضبط إلى الفقرة الأولى من المادة الثامنة والتي توجه من خلالها تهمة خطيرة لشخص غير عادي، تهمة عدم احترام الثوابت، شخص ينتمي إلى مؤسسة رسمية سهر على تأطير الأئمة والقيمين الدينيين لعدة سنوات. الشخص المعني بقرار التوقيف سبق أن أطر دورات تهم ثوابت الأمة المغربية كالتعريف بالمذهب المالكي وأعلامه بالمغرب كما أطر دورات تهم توظيف المناسبات الوطنية في الخطبة والموعظة. القرار استند إلى كتاب للمندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية تؤكد عدم احترام المعني بالأمر لثوابت الأمة، ولعل تعليل القرار ليس فيه مس بشخص بل فيه مساس بمصداقية مؤسسة بكاملها هي مؤسسة المجلس العلمي المحلي بالرشيدية . إن القرار خال من الوقائع والأحداث التي تثبت هذه التهمة الخطيرة في حق عضو المجلس العلمي الموقوف واكتفت بالإحالة على المادة الثامنة من ظهير 20ماي 2014. إن القرار لم تسبقه مقدمات ولا تدرج كالاستفسار والإنذار والاستدعاء من أجل التدقيق والتواصل المباشر مع المعني بالأمر . إن الوزارة الوصية لم تكلف نفسها عناء مساءلة المؤسسة العلمية التي ينتمي إليها المعني بالأمر كما لم تكلف نفسها احتياطا، القيام بتحريات مستقلة لما يترتب عن القرار من أثار تمس بمصداقية المجلس العلمي المحلي. إن هذه الحيثيات التي أوردناها ليس الهدف منها الدفاع عن الشخص المعني بهذا القرار، فهو يعرف الوسائل القانونية للدفاع عن نفسه، ولكن لابد من التأكيد أن القرار جاء بعد مدة قصيرة من صدور ظهير 20 ماي 2014 المنظم لهيئة القيمين الدينيين والذي أبدت بشأنه بعض الأقلام الإعلامية الجادة تخوفها من التأويلات غير السليمة لفقراته. كما أن هذا القرار يعد اختبارا حقيقيا للجنة الوطنية للبحث في تظلمات وشكاوى القيمين الدينيين حيث سيتبين مدى نزاهتها واستقلاليتها ومدى إنصافها للمعني بالأمر. كما أن القرار يعد اختبارا لأعضاء المجلس العلمي المحلي بالرشيدية الذين ظلوا صامتين ولم يبدوا رأيهم ،ليس في القرار ،ولكن في المعني بالأمر وقد خابروه ورافقوه في التأطير والتكوين وفي المواعظ والدروس والمحاضرات واللقاءات العلمية، فهم مؤهلون للصدع بشهادة تنفعهم أمام الله . وأخيرا نتساءل ما علاقة قرار توقيف السيد محمد أيت علي وتجريده من مهامه الدينية بما حدث بين المعني بالأمر والمندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية من تشنج واختلاف في إحدى اللقاءات بمدينة الريصاني ؟ هل القرار فيه تطبيق سليم للقانون أم هو انتقام وتصفية لحسابات شخصية؟ هل أصبحت تقارير المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية تدخل ضمن الثوابت التي لا تناقش وتكتسي صبغة القدسية ؟ هل هي بداية انتكاسة إصلاح الشأن الديني وتنحية كل الجادين العاملين في هذا الحقل؟ ومن هو الضحية القادم ؟ هل سيكون عضوا آخر من المجلس؟ أم خطيبا؟ أم إماما ؟ أم...؟