تم يوم الأربعاء الماضي، تعيين أعضاء الحكومة المغربية الجديدة، وذلك بعد قرابة خمسة شهور من الاقتراع التشريعي، عرفت في مجملها ما تواضع الرأي العام المغربي على توصيفه بحالة «انحسار» تعبيرا عن تعذر تشكيل أغلبية برلمانية من طرف رئيس الحكومة الأستاذ عبدالإله بنكيران المعين بعيد الانتخابات التي حاز فيها حزبه «العدالة والتنمية» على المرتبة الأولى، وهو ما جعل الملك محمد السادس يتدخل، في 17 مارس 2017 لتعيين رئيس جديد للحكومة، ليس سوى الدكتور سعدالدين العثماني رئيس المجلس الوطني لنفس الحزب ووزير الخارجية السابق. الحكومة الجديدة تعتبر ثاني حكومة في ظل دستور 2011، الذي جاء في سياق إقليمي متميز، وشكل فرصة لتعزيز البناء المؤسساتي، خاصة على مستوى الصلاحيات الممنوحة لكل من البرلمان والحكومة. الفريق الحكومي الجديد يتكون من 39 عضوا، موزعين بالإضافة إلى رئيس الحكومة على وزير دولة و24 وزيراً (ضمنهم 6 وزراء منتدبين) و13 كاتب دولة، احتفظ داخله ما يعرف بوزراء السيادة على القطاعات الأساسية مثل الداخلية، الأوقاف والشؤون الإسلامية، الأمانة العامة للحكومة، الخارجية، والتعليم، باقي القطاعات توزعت على وزراء الأغلبية البرلمانية الجديدة المكونة من ستة أحزاب (العدالة والتنمية، التجمع الوطني للأحرار، الحركة الشعبية، الاتحاد الاشتراكي، الاتحاد الدستوري، التقدم والاشتراكية)، لكن يبدو أن هناك مراعاة تناسبية لمنطق التمثيلية السياسية داخل مجلس النواب، خاصة من خلال حجم حضور «حزب التجمع الوطني للأحرار» داخل الحكومة وطبيعة القطاعات الاقتصادية التي استطاع الظفر بها. من جهة أخرى، تكاد من حيث الصورة الأولى، تبدو هذه الحكومة بمثابة تعديل على الحكومة السابقة، من حيث عدد الوزراء الذين تمكنوا من العودة إلى مقاعدهم، للاحتفاظ بنفس الحقائب أو مع تغيير القطاعات الموجودة تحت إشرافهم. لكن في العمق، تبقى هذه الحكومة على المستوى السياسي، أكثر هشاشة، ذلك أنها تعيد إلى الواجهة ظاهرة الوزراء التكنوقراط، وضمنهم الوزراء الذين يحصلون على تأشيرة الاستوزار باسم حزب لم تكن لهم به أية علاقة إلى غاية يوم التعيين، فضلا عن طبيعة التحالف السياسي الذي تستند عليه، وهو عبارة عن ائتلاف برلماني واسع وغير منسجم. على أن أقصى وجه من أوجه الهشاشة التأسيسية لهذه الحكومة يبقى هو علاقتها مع الحزب المتصدر للانتخابات: «حزب العدالة والتنمية»، والذي تخترقه حساسية واسعة تعتبر أن قيادة الحزب لم توفق في تدبير خيارات التفاوض، وأنها تنازلت عن العناصر الكبرى للخط السياسي لرئيس الحكومة السابق، الأستاذ عبدالإله بنكيران. داخل أوساط الرأي، لا تبدو هذه الحكومة- التي طال ترقبها- موضوع ترحيب كبير، ذلك أن وسائط التواصل الاجتماعي، تعرف انتشاراً لهاشتاغ # حكومة _الإهانة، كتعبير عن الموقف المسبق من حكومة، يعتبر كثيرون بأنها لم تحترم قرارات صناديق الاقتراع وإرادة الناخبين، وأنها تعبير عن تراجعات سياسية مؤكدة.