إن المتأمل في خطابات دونالد ترامب الرجل المثير للجدل خلال حملته الإنتخابية أو المقابلات الصحفية و البرامج التلفزية التي ظهر فيها أو حتى من خلال خطاب التنصيب ، يقتنع أن هذا الرجل يحمل كل أنواع الحقد والكراهية للإسلام والمسلمين .. ويسعى جاهدا إلى تقسيم الدول العربية والإسلامية وتقطيع ماتبقى من أوصالها وتمزيق ما سلم من روابطها ، وتفكيك قضاياها وفي مركزيتها القضية الفلسطينية. فكل التوقعات تشير إلى تغير خريطة العالم عموما والشرق الأوسط خصوصا ، خلال السنوات القليلة القادمة من فترة حكم ترامب نتيجة سياساته الخارجية التي تختلف عن سابقيه من زعماء الإدارة الأمريكية الذين كانوا أكثر لينا منه – على تفاوتهم – في التعامل مع قضايا المسلمين .. !! ترامب الرجل المضطرب المهوس المريض بمرض " الإسلاموفوبيا " المتقلب المزاج ، الذي كان رجل أعمال عادي ثم أصبح كومبارس الأفلام الهوليوودية ثم مقدم للبرامج التلفزية ثم مصارع ثم رجل أعمال فاحش الثراء .. ثم رئيس أقوى دولة في العالم .. ، دونالد الرجل المتدين الذي يقر بحبه وولاءه لإسرائيل علنا ويشارك في مؤتمرات " إيباك " وهي أكبر منظمة صهيونية في أمريكا ، ويقدم الوعود تلو الوعود لما يسميه بالشعب اليهودي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس و تمديد مشاريع الإستيطان وتهجير الفلسطينيين من كل أرض فلسطين وتشتيتهم في كل أرجاء العالم …. وكل ذلك مما يقوم به هذه الرجل المخبول أعتبره أمرا عاديا جدا بل وإيجابيا للعرب والمسلمين . لماذا ؟ ! … لأنه قلما تجد عدوا يكشف لك كل نواياه التخريبية التي ظل يخفيها عنك لعقود من الزمن وأنت تستقبله بالورود والحلوى !! بينما هو يعكف الليالي ذوات العدد في التآمر عليك من أجل افتراسك والانقضاض عليك. كيف لا يكون ترامب على " سنة " سابقيه و هم الذين ناصروا الصهاينة ودعموهم وقدموا لهم كل أنواع الحماية حتى أقاموا دولتهم المزعومة على أنقاض عمران الشعب الفلسطيني و جثث شهدائه وأشلاء أطفاله . فالعلاقات الأمريكية الصهيونية عبر التاريخ ، كانت دائما قائمة على اعتبار اسرائيل حليف استراتيجي . أولا : لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت ترى في إسرائيل كلبا لحراسة مصالحها المشتركة مع الاحتلال البريطاني خصوصا تأمين قناة السويس الرابطة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر مع تزايد حركات المقاومة الوطنية المسلحة في العالم العربي أنذاك ، وطمعا كذلك في الثروات البترولية والطاقية التي تزخر بها المنطقة .. ثانيا : كانت أوروبا و الولاياتالمتحدةالأمريكية دائما يشعران بالذنب والتقصير اتجاه اسرائيل بسبب محرقة الهولوكوست الشهيرة المنفوخة إعلاميا من طرف اللوبيات الصهيونية لكسب الرأي العام الدولي وجلب التعاطف الأممي .. ثالثا : العامل الديني ، ف 50 بالمئة من الشعب الأمريكي على المذهب البروتستنتي المسيحي والذي يقر بضرورة ايجاد وطن يجمع الشعب اليهودي و يناصره لأنه شعب الله المختار ، بينما 25 في المئة فقط من الأمريكيين يدينون بالمذهب الكاثوليكي المسيحي. وقد حضر في مؤتمر " إيباك " أزيد من 50 من القيادات الأمريكية الوازنة والمؤثرة في السياسة، وقرر المؤتمر دعم المسيحية الصهيونية لإسرائيل في حلقة عنوانها " أصدقاء في الدين " … يقول الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه ( القدس قضية كل مسلم ) : " هذا ما رأينا أثره بجلاء في مواقف الرؤساء الأمريكيين من عصر ترومان ، وقرأناه بوضوح في مذكرات كارتر الذي أعلن أن تأسيس إسرائيل المعاصرة تحقيق للنبوة التورانية ! ولمسناه في سياسات ريجان و بوش وكلينتون ، وهو ما يجسد البعد الديني المسيحي في الصراع الإسرائيلي مع العرب " .. ومن أراد التعمق أكثر في معرفة الدافع الديني المحرك لامريكا اتجاه اسرائيل يمكنه العودة الى محاضرة مرئية قيمة جدا للمقرئ أبو زيد الإدريسي تحت عنوان " هل أمريكا دولة علمانية ؟! " المنشورة على موقع يوتيوب. رابعا : وجود لوبيات صهيونية اقتصادية ضخمة من شركات ومصانع و بنوك ، تتحكم بالسياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية من خلال الضغط على المشرعين الأمريكيين ( الرئيس ومجلس الشيوخ ومجلس النواب ) لتأييد دولة إسرائيل. فاللوبي الصهيوني يتبع استراتيجيتين عريضتين لتشجيع دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لإسرائيل : سياسية و إعلامية : فأما السياسية فعبر الضغط على الكونجرس لإصدار قرارات لصالح اسرائيل. بينما الاعلامية تتم عن طريق تجييش كل وسائل الإعلام من قنوات وإذاعات وصحف ومجلات .. لتزيين صورة اسرائيل القبيحة أمام العالم و إقرار حقها في دعس الشعب الفلسطيني و غصب أرضه وعرضه و تهجير أبنائه و تهويد مقدساته .. ! لم يعد يخفى علينا الآن أن ترامب و سياساته ما هي الا امتداد لسياسة اسلافه على رأس الادارة الأمريكية، و أن ما يميزه عن غيره هو عدم قدرته على اخفاء صهيونيته النتنة و طباع دولته اللقيطة الكارهة للعرب و المسلمين ، الداعمة والمناصرة للارهاب الإسرائيلي.