ميناء طنجة المتوسط يكسر حاجز 10 ملايين حاوية في سنة واحدة    عامل إقليم الجديدة يستقبل رئيس وأعضاء المجلس الإقليمي للسياحة    ورزازات.. توقيف شخصين متهمين بالنصب والاحتيال على الراغبين في الهجرة    ريال مدريد يُسطر انتصارا كاسحا بخماسية في شباك سالزبورج    شباب الريف الحسيمي يتعاقد رسميا مع المدرب محمد لشهابي    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    رفض تأجيل مناقشة "قانون الإضراب"    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    جهود استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد بإقليم العرائش    "جبهة" تنقل شكر المقاومة الفلسطينية للمغاربة وتدعو لمواصلة الإسناد ومناهضة التطبيع    وزارة الداخلية تكشف عن إحباط أزيد من 78 ألف محاولة للهجرة غير السرية خلال سنة 2024    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    رغم محاولات الإنقاذ المستمرة.. مصير 3 بحّارة مفقودين قرب الداخلة يظل مجهولًا    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    هلال يدين تواطؤ الانفصال والإرهاب    الشيخات داخل قبة البرلمان    غموض يكتنف عيد الأضحى وسط تحركات لاستيراد المواشي    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    المحكمة الدستورية تجرد بودريقة من مقعده البرلماني    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    طلبة المعهد الوطني للإحصاء يفضحون ضعف إجراءات السلامة بالإقامة الداخلية    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    عادل هالا    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تغلغلت «لوبيات» الصهيونية في أمريكا خدمة لإسرائيل
جماعات الضغط غزت الحياة الأمريكية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا وفنيا
نشر في المساء يوم 27 - 09 - 2015

سبق لنتنياهو أن صرح، خلال انتخابات عام 2001، «بأن أمريكا شيء يمكن تحريكه بسهولة كبيرة، لنحركها في الاتجاه الصحيح، ولن تقف في طريقنا»، والسؤال المطروح هنا، كيف يمكن لإسرائيل، الدولة المستحدثة على أرض وقوانين غير شرعية ولا قانونية، أن تحرك أول دولة في العالم، ومهد الديمقراطية، والدولة ذات الباع الطويل تاريخيا، وأن تصبح مجرد «شيء» تحركه إسرائيل كيفما أرادت ومتى أرادت، وحيثما أرادت؟
السؤال في غاية الغرابة، لكن الجواب عنه في منتهى السهولة، ذلك أن أمريكا بكل قوتها الاقتصادية والسياسية تخضع لمنظمات اللوبي الصهيوني التي توجد على أرضها أو خارجها، وتسيرها حسب المبتغى والمنتهى. وقد حققت هذه المنظمات، بكل ما تملكه من وسائل ضغط، مادي ومعنوي، الكثير من النتائج لإسرائيل، أهمها، إقامة دول «إسرائيل» فوق الأراضي الفلسطينية.
الصهيونية داخل أمريكا
ترتبط الصهيونية في أذهان كثير من الناس باليهودية، هذه «اليهودية» التي تتخذها إسرائيل طريقا نحو السيطرة على الأراضي الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل، وما سبق ذلك من حشد للجهود خصوصا مؤتمر بال. لكن في الحقيقة توجد منظمات متعددة تدعم إسرائيل بشكل غير مشروط، وتقدم خدمات كبيرة للدولة العبرية في طريقها للسيطرة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وبسط نفوذها على الشرق الأوسط.
فقد عملت الكثير من المنظمات الصهيونية، خصوصا تلك الموجودة في أمريكا لخدمة أجندات إسرائيل والصهيونية، إذ مهدت الطريق لغزو العراق، كما أنها تتحكم في صناعة القرار الأمريكي السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي والفني، بما يليق بمقام «إسرائيل».
فتدخل الصهيونية ومنظماتها غزا كل الحياة الأمريكية، وصار «يخيط» رئيس البيت الأبيض وأعضاء الكونغرس بحسب مصالح وأجندات الصهيونية ودولتها إسرائيل.
سلاح المال
عمل اللوبي الصهيوني الموجود في أمريكا على خدمة مصالح إسرائيل، دعما لقيام «دولة الأرض المقدسة وشعب الله المختار»، إذ عمل جاهدا لمحاولة زرع الفتنة في الشرق الأوسط، وإضعاف الدول التي كانت تبدو قوية، وقد اعتمد اللوبي لذلك دولة أمريكا ومهد الديمقراطية، حيث يتغلغل اللوبي الصهيوني في السياسة الأمريكية حتى الأعماق، في إطار «اقتلاع» كل الشوائب التي من شأنها أن تعكر صفو إسرائيل أو تكدره، أولها كان دولة العراق، حيث دفع اللوبي الصهيوني البيت الأبيض ورئيسه، وقتئذ، بوش الابن إلى شن غزو عسكري على العراق من أجل الاستيلاء على نفطه، وكذا إضعاف قوته، وجعله بابا تدخله إسرائيل وحلفاؤها عبر مصراعيه، «لتعدم» كل محاولة بروز قوى عربية قد تهدد الكيان الصهيوني.
وفي تمهيده لتجذر سطوة اللوبي الصهيوني على مراكز القرار الأمريكي قام أعوان الصهيونية وخدامها بتفعيل مخطط يروم تحقيق كل مصالحهم، ونهجوا بذلك نهجا قويما، أعطى الكثير من الثمار. فأولى هذه الخطوات تتمثل في إيجاد الأرضية والفكرة المناسبتين لتحقيق الأهداف، واستعمال البيادق والمال والنفوذ وحتى التهديد والترهيب لتنفيذ المخطط.
موازاة مع ذلك، يرى مراقبون أن اللوبي الصهيوني متجذر في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يسيطر على مختلف القطاعات الحيوية بها، من اقتصاد وسياسة وفن وإعلام وسينما، حتى أن البعض ذهب إلى أن اللوبي الصهيوني هو من يحدد رئيس البيت الأبيض ويؤثر على صناعة القرار داخله، لكونه يمتلك المال والنفوذ، رغم تشكيل معتنقيه أقلية فقط، إذ لا تتعدى نسبة اليهود من سكان أمريكا سوى 2 في المائة، ورغم ذلك فهم يشكلون أغلبية حين يتعلق الأمر بإسرائيل والشرق الأوسط.
ويرى محللون أن قوة يهود أمريكا وصهاينتها تنبع من أنهم تمكنوا من تحقيق درجات عالية من التأثير، توازي أضعاف حجمهم السكاني، إذ بالرغم من أنهم يسيطرون على 12 في المائة من الاقتصاد الأمريكي، فإنهم يعدون أكثر الأقليات ثراء، وتكمن قوتهم أكثر في كيفية استثمار مواردهم المالية، بطريقة مؤثرة سياسيا وإعلاميا.
فهم يعدون الممولين الكبار لحملات الرئاسة الأمريكية، إذ يمولون 60 في المائة من تكاليفها، خصوصا بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي، وهذا يوازي 30 ضعفا لحجمهم السكاني. ولأن حملات الرئاسة الأمريكية باهظة التكاليف، فإن المرشحين الأمريكيين لرئاسة البيت الأبيض، يحتاجون دعم المنظمات الصهيونية للوصول إلى سدته، وبذلك يعملون لاسترضاء هذه الأقلية الثرية بشتى الوسائل، خاصة تلك التي تتعلق بخدمة مصالحها وكل ما يتعلق بسياستهم تجاه الشرق الأوسط، طمعا واستدرارا لعطفهم المادي ودعمهم المعنوي، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق أيضا على مرشحي مجلسي الشيوخ والنواب.
فلا يمكن لأي من المرشحين أن يصل إلى مراكز القرار الأمريكية، دون إشارة أو تدخل من لوبي الصهيونية، لكونه هو من يحدد تفاصيل حكم البيت الأبيض، بدءا بسياساته، وانتهاء بمن ينفذ القرارات داخله.
لإ خلال صراع المرشحين لضمان الفوز بترشيح حزبهم، تحدث منذ البداية عمليات «التصفية» لكل مرشح داخل كل حزب، بحيث لا يتقدم إلى الأمام إلا من أعطى تعهدات أفضل وأكثر ليهود أمريكا والمصالح الصهيونية
الإسرائيلية.
ولعل غزو العراق أكبر مثال على قوة الصهيونية وتحكمها في البيت الأبيض، إذ سهر اللوبي على التخطيط والتنفيذ بدقة، وتمثلت أولى خطواته في إبعاد المعارضين، وحشد المؤيدين، ثم تقديم الدعم المادي والمعنوي، حتى ينفذ المخطط على أكمل وجه. إذ أبعدت الصهيونية بأمريكا كل أولئك الذين كانوا يعارضون الغزو داخل الكونغرس الأمريكي، أو يتبنون أفكارا تدعم فلسطين والعرب والمسلمين، من بينهم مكيني سينثيا، عضوة الكونغرس التي تم إبعادها من مراكز القرار، ومنعها من الترشح، كل ذلك بسبب مواقفها المعارضة للصهيونية وقرارها الرافض للعدوان على العراق وفلسطين.
وبعد عمليات الإبعاد تأتي عمليات تهييء أرض المعركة، وذلك عبر حشد المؤيدين وتقديم الدعم المادي والمعنوي اللازمين، وقدمت الخطط كاملة لبوش الابن، وعمل هو بالتالي على تنفيذ مخططات اللوبي الصهيوني كما أمر بها، وغزا الابن العراق، واستولى على نفطه، وشرد أهله، وجعلهم قاب قوسين من الزوال.. في تأكيد واضح على قوة الصهيونية وغزوها للكونغرس الأمريكي.
غزو العراق ليس إلا مثالا بسيطا على ما قامت به الصهيونية ضد العرب والمسلمين، وخدمة مصالح إسرائيل وعقيدة الصهيونية، التي غزت كل معالم الحياة الأمريكية، وتحكمت أيضا في مراكز صنع القرار العالمي، داخل البيت الأبيض وخارجه، وسيطرت على جميع الميادين السياسية والاقتصادية، وحتى الثقافية والفنية، فلا مجال سلم من تدخل وبطش الصهيونية وأعوانها وخدامها.
سلاح الإعلام
سيطرة وتحكم اللوبي الصهيوني لم يقتصر فقط على ما هو سياسي واقتصادي، بل تجاوزهما إلى ما هو فني وسينمائي وإعلامي، إذ تصدر الصهيونية الكثير من الصحف التي تروج لإيديولوجيتها، كما تتحكم في أبرز شركات الإنتاج والإعلام الأمريكية وتوجهها «بجهاز تحكم» تقر من خلاله كيف يجب أن يبدو العالم، فعلى سبيل المثال، تصدر صحفا تعنى بالقضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي، تروج من خلالها مغالطات كبيرة حول الفلسطينيين والعرب، وغالبا ما تعد هذه الصحف مصدر المعلومات الأساسية بالنسبة لأعضاء الكونغرس الأمريكي.
كما تدفع أبرز جماعات الضغط اليهودية «ايباك» تكاليف إرسال 400 نسخة مجانية أسبوعياً لأعضاء الكونغرس وكبار المسؤولين ووفود الدول إلى الولايات المتحدة، ولها هيكل تنظيمي فعال وسمعة قوية. وقد أصبح اشتراك الرؤساء الأمريكيين وكبار رجال الدولة والأحزاب في الاجتماع السنوي لإيباك أمراً معتاداً، حيث يتسابقون لإلقاء كلمات التأييد والدعم للوبي اليهودي وللكيان الصهيوني.
موازاة مع ذلك، يحضر اللوبي الصهيوني بقوة في الإعلام، ويؤثر في الكثير من وسائل الإعلام الأمريكية، سواء في ملكيتها أو إدارتها أو تحقيق درجات عالية من النفوذ فيها، وينطبق ذلك على أهم ثلاث شبكات تلفزيونية أساسية: ABC وNBC وCBC، وعلى أبرز شركات السينما الأمريكية مثل: فوكس وبارامونت ويونيفرسال.
ورغم أنه يوجد في الولايات المتحدة نحو 1750 صحيفة يومية و670 صحيفة أسبوعية، فإن اللوبي اليهودي الصهيوني يركز على أهم الصحف المؤثرة، فله ملكية أو نفوذ قوي في أكثر وأهم الصحف اليومية توزيعاً، مثل: وول ستريت جورنال وديلي نيوز ونيويورك تايمز وواشنطن بوست، فضلا عن أقوى مجلتين أسبوعيتين في أمريكا والأشهر على مستوى العالم، وهما تايم ونيوزويك
وبالتأكيد، فإن لوسائل الإعلام هذه نفوذا هائلا، خصوصا في أنظمة الحكم الليبرالي الديمقراطي الغربي، وتستفيد من ظروف الحريات الواسعة لتوجيه الرأي العام، وممارسة الضغط والتشهير ونشر الفضائح ضد أولئك الذين يمكن أن يعارضوا مصالحها. وهي ذات تأثير مرعب على رجال الدولة والسياسيين الذين يسعون دائما لاسترضائها. وكما سبق أن وصف كارل ماركس فالإعلام يعد السلاح القادر على حشد الحشود وإقناعها بالأيديولوجية دون
عناء.
سلاح الفن والسينما
كشفت وثائق مسربة من كبريات شركات الصناعة السينمائية في هوليود عن الارتباط الوثيق بين الصهيونية وهوليوود، إذ عملت هذه الأخيرة لتلميع صورة إسرائيل والصهيونية، في المقابل، لم تتوان عن تشويه صورة العرب والمسلمين، وقدمتهم على أنهم إرهابيون معادون للسامية.
وأحدث مثال على ذلك، العدوان الإسرائيلي الأخير الذي شنته إسرائيل في حربها ضد غزة لعام 2014، إذ بعد توقف العدوان، تجندت كبريات شركات الصناعة السينمائية، على رأسها «موشن بيكتشرز غروب»، إلى جانب مجموعة من النجوم الكبار والكتاب، للقيام بحملة واسعة لتجميل صورة إسرائيل، وتبرير عدوانها على قطاع غزة باعتباره دفاعا عن هجوم معاد للسامية.
في المحصلة
استفادت إسرائيل كثيرا من دعم هذه المنظمات لتنفيذ سياساتها في ما يخص التوسع في الأراضي الفلسطينية دون أن تتعرض لأي عقوبات دولية، كبنائها للجدار العازل، والذي قضت المحكمة الدولية بعدم شرعيته، دون نسيان ما اقترفته إسرائيل من مجازر في حق المدنيين الفلسطينيين، حيث قتل عدد كبير من الأطفال في حروبها الأخيرة على قطاع غزة أهمها حرب رمضان 2014.
إذن، فالمنظمات الصهيونية العالمية تسخر كل ما لديها من إمكانيات مالية وسياسية لدعم إسرائيل في كل ما تقترفه من جرائم، وتجنبها المساءلة الدولية التي تطال دولا أخرى ليس لها لوبيات في أمريكا ولا في الدول الغربية بشكل عام.
أهم منظمات الصهيونية توجد نحو 350 منظمة مرتبطة بالحركة الصهيونية أو موالية لها، ومن بين هذه المنظمات نحو 67 منظمة صهيونية سياسية تعمل مباشرة لصالح الكيان الإسرائيلي، فضلا عن المنظمات الدينية والثقافية والاجتماعية ومنظمات العلاقات العامة. لكن أبرز هذه المنظمات وجماعات الضغط اليهودية تمثلها منظمتان، الأولى منظمة إيباك، والصهيونية المسيحية، هذه الأخيرة تشكلت في الثلاثين من شتنبر 1980 في القسم الغربي من القدس، ردا على قرار 13 دولة نقل سفاراتها من القدس إلى تل أبيب كمبادرة لرفض قرار الحكومة الإسرائيلية بتهويد القدس الشرقية، وضمها إلى القدس الغربية وجعلها عاصمة أبدية لإسرائيل.
وقد تواعد حينذاك أكثر من ألف رجل دين مسيحي متشبع بالصهيونية من أكثر من 23 دولة بالقدس الغربية، برئاسة مدير المعهد الأمريكي لدراسة الأرض المقدسة، الدكتور دوغلاس يونغ، حيث تم تأسيس المنظمة وانتخاب فان دير هوفين، وهو من أكبر المتشددين في تيار الصهيونية المسيحية.
وقد بنت هذه المنظمة عقيدة وجودها على فكرة دعم الصهيونية لتصير أداة ضغط وقوة داخل أوساط القرار العالمي. وقد شددت المنظمة على وجوب دعم إسرائيل وتسخير كل ما يملكون في سبيل عودة نجمها دوليا كأرض اليهود الموعودة.
ولهذه المنظمة هيكلة محكمة، إذ تتوفر على هياكل خارج الولايات المتحدة الأمريكية في أكثر من أربعين دولة حول العالم، في هولندا وجنوب إفريقيا واستراليا ونيوزيلاند، أما داخل الولايات المتحدة فإنها تتوفر على 22 مركزا في 22 ولاية، ويقع مركزها في مونتريت بولاية كارولينا.
ويتمحور برنامجها حول وجود مركز في كل ولاية يترأسه رجل دين مسيحي صهيوني برتبة قنصل، حيث تقوم هذه المراكز بتنظيم الاحتجاجات الداعمة لإسرائيل وكذا جمع التبرعات وبيع السندات لدعم إسرائيل، وتشجيع الأمريكيين على شراء المنتجات الإسرائيلية.
ووفقا لتحركات هذه المنظمة، أصدر مجلس الكونغرس الأمريكي بيانا يعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويدعو الدولة الأمريكية إلى تعديل موقفها والاعتراف بالقدس الموحدة دولة أبدية للدولة العبرية.
ويشير مركز «مولد» للديمقراطية في إسرائيل إلى أن هذه السفارة أصبحت تمتلك ذراعا داخل الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى ذراع آخر بالكونغرس الأمريكي ومجلس العموم البريطاني، ويضم ذراعها داخل الكنيست أعضاء تابعين لليمين وبعض القيادات المعتنقة للفكر الصهيوني في إسرائيل.
وقد أطلقت هذه المنظمة حملة دولية بهدف التشجيع على شراء المنتجات الإسرائيلية، وتتوجه بالخطاب أساسا إلى المسيحيين الانجليكانيين، حيث وزعت منشورات ترشد فيها إلى المحلات التجارية التي تعرض المنتجات الإسرائيلية المصنعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، حيث دعت إلى دعم وتشجيع الاقتصاد الإسرائيلي الذي يواجه تنامي مقاطعة منتجاته عبر العالم.
في السياق ذاته، تعتبر «إيباك» إحدى أهم المنظمات الصهيونية، لكونها تغلغلت في قلب بلاد العم سام، خصوصا في الوسط السياسي، فهي الجماعة التي تضغط بقوة على الإدارة الأمريكية من أجل خدمة مصالح إسرائيل.
وتأسست «أيباك» في عهد الرئيس الأمريكي داويت إيزنهاور تحت مسمى «اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة» سنة 1953، حيث لا يقتصر أعضاؤها على اليهود، لتمتد لأعضاء من الجمهوريين والديمقراطيين، وقد غيرت ليصبح اسمها «لجنة الشؤون الأمريكية العامة».
عرفت «ايباك» في واشنطن على أنها «اللوبي» بكل بساطة، وقد استمدت هذه المنظمة قوتها من عاملين اثنين، أولهما داخلي وهو حضور رؤساء جميع الطوائف الرئيسية التسعة والأربعين في الولايات المتحدة الأمريكية في لجنتها التنفيذية وهي مجموعات معروف عنها قوتها وتنظيمها.
والعامل الثاني دولي، بالنظر إلى أهمية إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط والتي تضم أعداء تقليديين لأمريكا في الحرب الباردة، عاملان ساهما في تحالف سياسي أوسع يشمل قوى اللوبي اليهودي ومجموعات متنوعة المصالح تبدأ بالمجموعات المسيحية الإنجيلية، وتضم الأجهزة العسكرية العقائدية، كل هذا الاختلاط أعطى ما يسمى اللوبي «الإسرائيلي في أمريكا».
وتتمتع «ايباك» بقوة ضغط تمارسها على الكونغرس وبرنامجه التنفيذي وكذا البيت الأبيض والسياسة الخارجية في الشرق الأوسط وفي كل العالم. تعتمد «ايباك» على سياسة المساومة والتبادل، حيث تقدم الدعم المالي للمرشحين التشريعيين، في مقابل دعمهم لقضاياها. وعلى هذه الشاكلة تدعم «ايباك» الرؤساء الأمريكيين لتمرير برامجهم في الكونغرس باستخدام نفوذها على التشريعيين الذين ساعدتهم للفوز بمقاعدهم، بينما يرد لها الرؤساء صنيعها بدعم القضايا التي تهمها وعلى رأسها إسرائيل.
وقد أثمرت خطة ال»ايباك» بشكل كبير في العقود الماضية، إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت إسرائيل ماليا وعسكريا أكثر من أي دولة في العالم. وبسبب هذه الاستراتيجية بقي الدعم لإسرائيل متناميا بشكل كبير في الولايات المتحدة.
ويعتبر رونالد ريغان أول مرشح للرئاسة يجمع أصواتا يهودية كثيرة لصالحه، بشكل يفوق ما حققه منافسه الديمقراطي، وأصبح بذلك من أشد وأشرس الداعمين لإسرائيل، رافعا مستوى العلاقة معها إلى مستوى حليف استراتيجي دولي، لكن رغم كل الدعم الذي قدمه ريغان لإسرائيل، شنت عليه «ايباك» حملة كبيرة بسبب صفقة «الأواكس» مع العربية السعودية والمقدر ثمنها وقتئذ بثمانية مليارات دولار. إلا أن «ايباك» عادت من جديد مطلع التسعينيات بربط إدارة جورج بوش الأب ضمانات القروض المقدرة بعشرة مليارات دولار بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية، وقد كان ثمنا بخسا لاستحداث حلف أمريكي جديد بعد الحرب الباردة وانتصاراتها في حرب الخليج.
بعد فوز إسحاق رابين في الانتخابات للمرة الثانية سنة 1992، منحت واشنطن ضمانات القروض لإسرائيل، وفي الوقت ذاته تسارعت وتيرة الاستيطان بشكل لم يسبق له مثيل، حتى زاد عدد المستوطنين إلى 50 في المائة في فترة حكم رابين بين عام 1992 وسنة اغتياله 1995.
وتعتبر «ايباك» من أشد المعارضين لعملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وفي هذه الأثناء ظهرت مجموعات يهودية جديدة في واشنطن مثل «جي ستريت» التي بدأت تترك بصماتها في السياسة
الأمريكية.
وطبقا لما أوردته الصحيفة اليهودية «فوروارد»، فقد عقد رؤساء المؤسسات اليهودية الرئيسية اجتماعا في القدس مع ناتنياهو، حيث قيل لهم في هذا الاجتماع إنه من الضروري العودة إلى مواجهة البيت الأبيض في ما يخص زيادة العقوبات على إيران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.