نوه إدريس جطو، رئيس المجلس الاعلى للحسابات، بإصلاح بنكيران لأنظمة التقاعد خلال عرضه لتقرير أعده المجلس الأعلى حول الصندوق المغربي للتقاعد، اليوم الاثنين 23 يناير الجاري، أمام ثلاث لجان برلمانية بمجلس المستشاري و لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها المجلس في وقت سابق بخصوص ملف التقاعد. الوزير الأول السابق شدد في كلمته على أهمية الاصلاح الذي أجرته الحكومة بخصوص ملف التقاعد، مشيرا إلى أنه كان ينبغي أن يباشر هذا الاصلاح سنة 2007، حيث "كنا سنربح 9 سنوات من الاصلاح و لما كان الوضع كما هو عليه اليوم" حسب تعبيره. و اعتبر الرئيس الأول للمجلس الاعلى للحسابات أن هذا الاصلاح مكن من زيادة ديمومة النظام ل 6 سنوت أخرى، منوها في الوقت نفسه إلى أن هذا الاجراء سيمكن من نقص ديون الصندوق المغربي للتقاعد بحوالي 57 في المائة في أفق 2050، وهو ما اعتبره " قفزة نوعية للنظام". كما استعرض ذات المسؤول في مداخلته كذلك كرونولوجيا إصلاح نظام التقاعد بالمغرب منذ سنة 1989، مشيرا إلى أن العجز التقني قد بلغ 4.8 مليار درهم سنة 2016 ،و "أنه لو لا الاصلاح لفقد النظام 20 مليار درهم سنويا، و أن النظام كان مهددا بالإفلاس في أفق 2022″، مؤكدا على أن الاصلاح المقياسي لأنظمة المعاشات المدنية يبقى إجراء غير كاف، وداعيا إلى ضرورة تحديد سقف للنظام للانتقال إلى نظام القطبين، واحد عمومي و الاخر خاص. وفي تصريح ل"الرأي" قال عبد الصمد مريمي، المستشار البرلماني بفريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين،أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات الأخير حول المعاشات المدنية، جاء في نفس اتجاه التقرير الشامل الذي وضعه في سنة 2013 حول أنظمة التقاعد و "هذا أمر طبيعي فالمعطيات والمسلمات التي حكمت النتائج والخلاصات في تقرير سنة 2013 هي نفسها ولازالت قائمة والنظام يعاني بالدرجة الأولى من حيث كونه نظام توزيع، من المعادلة الديموغرافية التي يحكمها عنصرين الأول معدل المساهمين وعلاقتهم بالمتقاعدين، والثاني ارتفاع أمل الحياة في سن التقاعد فضلا عن العناصر المرتبطة بتصفية المعاش." وبالنظر إلى المآلات التي تتجه إليها جل أنظمة التقاعد التي تعتمد على التوزيع-حسب مريمي- فإن منطق إحداث الاحتياطي هو البحث عن تأمين جزئي للمداخيل في مواجهة المتغيرات الديموغرافية . و أضاف المتحدث أيضا "نعم اعتبر المجلس الأعلى للحسابات الإصلاح الذي أقدمت عليه الحكومة في 2016 بمثابة إجراءات مقياسية جزئية، لكن من المؤكد أنها ضرورية ، وهذا ما أكد عليه التقرير نفسه وهو يتحدث عن كون الإصلاحات لم يتم اعتمادها في حينها خلال الفترات السابقة" ،داعيا إلى ضرورة المرور بها أولا للوصول إلى مرحلة أكثر أهمية، تتمثل في إرساء قطبين للتقاعد قطب عمومي وقطب خاص في أفق القطب الواحد بما يوسع قاعدة المساهمين والمداخيل، و"هذا ماجاء به تقرير اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد والتقرير السابق المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2013 ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فلا يمكن ترك هذه الوضعية وإحداث أنظمة جديدة ووضع هذه الأنظمة في طور الانقراض لأن هذا ببساطة يتطلب ميزانية أكبر لتغطية الدين الضمني للنظام، الذي بالمناسبة وحسب هذا التقرير انخفض بنسبة 57% وهذا شيء مهم." و اعتبر مريمي الإصلاح ضروري للإبقاء على توازن نظام المعاشات المدنية، مضيفا "لكن لابد في من المرور لخطوات أخرى في القريب تهم تقريب وضعية النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وإعادة النظر في بعض من المقاييس المعتمدة فيه ، لابد أيضا من إرساء إصلاح شامل بوضع إصلاح أنظمة التقاعد ضمن سلة إصلاحات هيكلية، منها إصلاح منظومة الأجور، وتحرير التوظيف من خلال لامركزية التوظيف بتحمل الجماعات الترابية والجهات قسط معتبر من التوظيف في إطار الاختصاصات المنقولة والمشتركة مع المركز لتوسيع دائرة المساهمات في النظام دون التأثير على كتلة الأجور في ميزانية الدولة، وإصلاح منظومة الترقية بالنسبة لمجموعات الوظيفة العمومية، كالأطر العليا ، و الأطر المتوسطة ، والمساعدين الإداريين والتقنيين ." وختم ذات المسؤول النقابي تصريحه بالدعوة إلى ضرورة إرساء هيأة استشارية تعمل لدى رئاسة الحكومة تتولى مهمة المتابعة واليقظة في مختلف أنظمة التقاعد وتهيء تقارير سنوية في ذلك حول وضعية هذه الأنظمة والتطورات التي تعرفها، بالإضافة إلى توحيد بنيات المجالس الإدارية بصناديق التقاعد واعتماد تمثيلية الفرقاء الاجتماعيين . هذا و جدير بالذكر، أن العرض هم أيضا، بالإضافة إلى الاصلاحات التي عرفها نظام المعاشات ،توظيف واستثمار الاحتياطات والحكامة وتكاليف التسيير. كما تجدر الاشارة إلى أن قوانين إصلاح التقاعد عرفت عرقلة كبيرة داخل مجلس المستشارين بسبب طلب بعض المركزيات النقابية بمناقشتها في إطار الحوار الاجتماعي، قبل المصادقة عليها نهاية شهر مارس الماضي.