أقوى معارضان للنظام العسكري في الجزائر يحلان بمدينة بني انصار في المغرب    إبراهيم دياز مرشح لخلافة ياسين بونو ويوسف النصيري.. وهذا موقف ريال مدريد    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    إقليم الحوز.. استفادة أزيد من 500 شخص بجماعة أنكال من خدمات قافلة طبية    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    بنكيران: مساندة المغرب لفلسطين أقل مما كانت عليه في السابق والمحور الشيعي هو من يساند غزة بعد تخلي دول الجوار        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    مناهضو التطبيع يحتجون أمام البرلمان تضامنا مع نساء فلسطين ولبنان ويواصلون التنديد بالإبادة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    إسدال الستار على الدورة الحادية عشرة لمهرجان "فيزا فور ميوزيك"        ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..        موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الإعلام البريطاني يعتبر قرار الجنائية الدولية في حق نتنياهو وغالانت "غير مسبوق"    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    "كوب-29": الموافقة على 300 مليار دولار سنويا من التمويلات المناخية لفائدة البلدان النامية    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب        عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    الأرصاد: ارتفاع الحرارة إلى 33 درجة وهبات رياح تصل 85 كلم في الساعة    ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    قاضي التحقيق في طنجة يقرر ايداع 6 متهمين السجن على خلفية مقتل تلميذ قاصر    ترامب يستكمل تشكيلة حكومته باختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    الاحتفال بالذكرى السابعة والستين لانتفاضة قبائل ايت باعمران    كوب 29: رصد 300 مليار دولار لمواجهة التحديات المناخية في العالم    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    غوتيريش: اتفاق كوب29 يوفر "أساسا" يجب ترسيخه    دولة بنما تقطع علاقاتها مع جمهورية الوهم وانتصار جديد للدبلوماسية المغربية    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنظمة التقاعد تعاني وضعية صعبة تستلزم التعجيل بإصلاحات عميقة
المغربية تنشر تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول منظومة التقاعد بالمغرب التشخيص ومقترحات الإصلاح
نشر في الصحراء المغربية يوم 10 - 09 - 2013

أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا حول "منظومة التقاعد بالمغرب: التشخيص ومقترحات الإصلاح".
وجاء في التقرير، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، أن بعض أنظمة التقاعد تعاني وضعية صعبة، حيث خلص إلى ضرورة التعجيل بالقيام بمسلسل من الإصلاحات العميقة لنظام التقاعد يمتد على المدى القصير والمتوسط والطويل.
ورصد التقرير الاختلالات التي تعانيها أنظمة التقاعد، إذ كشف أن مجموع الديون غير المشمولة بالتغطية على صعيد مختلف الأنظمة، إلى متم سنة 2011، بلغت 813 مليار درهم. وفي هذا الإطار، ينتظر أن يعاني الصندوق المغربي للتقاعد عجزا ماليا ابتداء من سنة 2014، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في سنة 2021، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد خلال سنة 2022، بالإضافة إلى أن ضعف نسبة التغطية للسكان النشيطين، ورغم تنوع الأنظمة القائمة، فإنها لا تغطي سوى 33 في المائة من مجموع السكان النشيطين، أي ما يناهز 3,4 ملايين نسمة من أصل 10,5 ملايين نسمة.
واقترح المجلس الأعلى للحسابات في التقرير ذاته إصلاحا يتم على مرحلتين، الأولى أطلقت عليها اسم الإصلاح المقياسي، ويهدف بشكل أساسي إلى تقوية ديمومة أنظمة التقاعد وتخفيض ديون الأكثر هشاشة منها، خاصة نظام الصندوق المغربي للتقاعد في أفق إصلاح هيكلي يشمل مجموع الأنظمة.
أما المرحلة الثانية، فتهم إصلاحا هيكليا على مرحتلين. فقبل البدء في المرحلة الثانية من الإصلاح، يرى التقرير أنه من الضروري أن تحدد السلطات العمومية شكل الإصلاح وهندسته والجدول الزمني لتحقيقه بشكل واضح، وأن يتم وضع ذلك في إطار خارطة طريق يتم اعتمادها بواسطة قانون إطار، بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين ومختلف الجهات المعنية.
وتتمحور هذه المرحلة الثانية حول محطتين: الأولى انتقالية، ويتعلق الأمر فيها بإدخال إصلاحات تضمن تقارب وانسجام مختلف الأنظمة، والثانية يتم فيها وضع وإرساء النظام المنشود، الذي يضم بشكل خاص النظام الأساسي المعمم.
وفي إطار مواجهة هشاشة التوازنات المالية وضعف الفعالية، التي يتسم بها نظام التقاعد بالمغرب، لاسيما على مستوى تغطية السكان النشيطين، أنجز المجلس الأعلى للحسابات مهمة لتقييم وضعية أنظمة التقاعد، من أجل رصد الاختلالات التي تعانيها هذه الأنظمة واقتراح إصلاحات تروم تحسين الفعالية وتقليص حدة الاختلالات المسجلة بها.
ويرصد المجلس الأعلى للحسابات في هذا التقرير، من خلال تشخيص أنظمة التقاعد، الوضعية الصعبة التي تعانيها بعض هذه الأنظمة، حيث خلص إلى ضرورة التعجيل بالقيام بمسلسل من الإصلاحات العميقة لنظام التقاعد يمتد على المدى القصير والمتوسط والطويل.
نتائج التشخيص
يتسم النظام الحالي للتقاعد بالمغرب بالسمات البارزة التالية:
تعدد الأنظمة وعدم تقاربها حيث تم إحداث كل نظام في مرحلة معينة بهدف تغطية فئة خاصة من السكان، وفق سياق خاص وفي إطار قانوني مختلف. كما أن أنظمة التقاعد الخمسة القائمة حاليا تخضع لقواعد ومبادئ التسيير غير منسجمة؛
ضعف نسبة التغطية للسكان النشيطين: فرغم تنوع الأنظمة القائمة، فإنها لا تغطي سوى 33 في المائة من مجموع السكان النشيطين، أي ما يناهز 3,4 ملايين نسمة من أصل 10,5 ملايين نسمة؛
اختلالات هيكلية على مستوى بعض الأنظمة وعدم ديمومتها، إذ استنادا إلى بعض الدراسات الإكتوارية التي تستشرف أفق سنة 2060، فإن مجموع الديون غير المشمولة بالتغطية على صعيد مختلف الأنظمة، إلى متم سنة 2011، بلغت 813 مليار درهم. وفي هذا الإطار، ينتظر أن يعاني الصندوق المغربي للتقاعد من عجز مالي ابتداء من سنة 2014 والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في سنة 2021 والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد خلال سنة 2022. وتعتبر وضعية نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد الأكثر استعجالا وإثارة للقلق.
غياب جسور بين الأنظمة القائمة ما يعيق حركية المأجورين ما بين القطاعين العام والخاص ويساهم في عدم مرونة سوق الشغل؛
تعدد أنماط الحكامة، إذ يتم تدبير كل نظام وفق نموذج حكامة مختلف.
وهكذا، يتضح أن وضعية الأنظمة الأكثر هشاشة ستزداد سوءا إذا لم تتدخل السلطات العمومية بشكل عاجل من خلال القيام بإصلاحات شاملة وعميقة وجريئة، ذلك أن هذه القرارات وحدها هي الكفيلة بمساعدة هذه الأنظمة لتصبح فعالة وقادرة على الاستمرار في تقديم خدماتها للمتقاعدين.
وأسفر تشخيص وضعية مختلف أنظمة للتقاعد عن تسجيل ما يلي:
نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد
أبرز تحليل نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد أن هذا النظام يعاني اختلالا ماليا هيكليا: فالناتج التقني للنظام سيأخذ منحى تراجعيا ابتداء من سنة 2014، وستعرف الاحتياطيات المالية للنظام انخفاضا لتصبح سلبية ابتداء من سنة 2021، في حين، تقدر الديون غير المشمولة بالتغطية المتراكمة في أفق سنة 2060 بما يناهز 583 مليار درهم.
ونتيجة لذلك، وحتى يتمكن هذا النظام من مواصلة الحفاظ على نفس مستوى الخدمات المقدمة حتى سنة 2060، فإن نسبة الاشتراكات التي يمكن أن تضمن هذا التوازن يجب أن تصل إلى 52 في المائة، وهو الأمر الذي لا يمكن تحمله.
وعموما، يمكن إبراز أهم عناصر اختلال نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد كالتالي:
الطابع السخي للنظام حيث يتسم بسخاء مفرط في خدماته مقارنة مع مجهود المساهمات المؤداة. يمنح الصندوق عن كل سنة من الاشتراكات قسطا سنويا بمعدل 2,5 في المائة من آخر راتب وهو ما يمثل معدل تعويض قد يصل إلى 100 في المائة. وإذا كانت هذه النسبة المرتفعة تجد تبريرها في وعاء احتساب المعاشات المعمول به سابقا والذي كان ينحصر في الراتب الأصلي، فإن هذه الوضعية تغيرت منذ توسيع الوعاء ليشمل مجموع الراتب. وبالتالي، فإن معدل التعويض أصبح من أهم عناصر اختلالات هذا النظام
اعتماد آخر راتب كوعاء للتصفية: تتم تصفية معاش التقاعد على أساس آخر راتب وليس على أساس معدل الرواتب المؤداة خلال فترة العمل أو جزء منها، الأمر الذي ترتب عنه الحق في معاشات مرتفعة لا تتناسب مع مستوى المساهمات. وتزيد هذه الوضعية من تفاقم اختلال النظام خصوصا مع المنحى التصاعدي، الذي تعرفه الترقية في الدرجة في الإدارة العمومية مع قرب تاريخ الإحالة على التقاعد.
وزاد من حدة تأثير هذين العنصرين الذاتيين تراجع العامل الديمغرافي، الذي يعد عنصرا حاسما في ضمان ديمومة أي نظام تقاعد قائم على مبدأ التوزيع. وهكذا، انتقل المؤشر الديمغرافي من 12 نشيطا لمتقاعد واحد سنة 1986 إلى 6 نشيطين سنة 2001 و3 في سنة 2012. وسيصل هذا المعدل إلى نشيط واحد لكل متقاعد سنة 2024، وحينها سيفوق عدد المتقاعدين عدد المنخرطين المساهمين.
النظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد
سيعرف هذا النظام بدوره صعوبات في تحقيق التوازن المالي لكن أقل حدة من نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد أو نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وترجع هذه الوضعية إلى عدم ملاءمة بعض مقاييس هذا النظام، خصوصا إعادة تقييم المعاشات، التي ترتبط بتطور الراتب المتوسط للنظام، الأمر الذي من شأنه أن يطرح إكراهات بشأن تمويل هذا التقييم في حالة تسجيل مردودية احتياطيات النظام لانخفاض مهم، خاصة عندما تكون الظرفية الاقتصادية غير مواتية.
على صعيد آخر، تظهر التوقعات في أفق سنة 2060 أن المؤشرات الديمغرافية للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ستشهد تطورا مماثلا لتلك المتعلقة بالصندوق المغربي للتقاعد، إذ أن استقرار عدد المنخرطين ونمو أعداد المتقاعدين (الذين سيتضاعف عددهم 4 مرات) سيؤدي إلى تدهور كبير في المؤشر الديمغرافي، الذي يوجد أصلا في مستوى منخفض جدا، حيث سينتقل من 3 نشيطين لمتقاعد واحد حاليا إلى 0,8 نشيط بحلول سنة 2045.
وتعكس التوقعات المالية لهذا النظام وضعا يتسم نسبيا بالديمومة. وهكذا، فإن رصيده المالي لن يصبح سالبا إلا في سنة 2022. ولن يتم استنفاذ احتياطيات هذا النظام إلا بحلول سنة 2042.
نظام التقاعد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
تبين التوقعات الاكتوارية أن السكان النشيطين المنخرطين في نظام التقاعد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ستستمر في الارتفاع لتبلغ 11,9 مليون نسمة في أفق سنة 2060، مقابل 2,7 مليون مع نهاية سنة 2012. بيد أنه، وابتداء من سنة 2020، سيعرف عدد المحالين على التقاعد ارتفاعا ملحوظا، ما سينتج عنه اتجاه نحو انخفاض مؤشر التوازن الديمغرافي في المستقبل والذي سينتقل من 9,6 حاليا إلى 3,9 سنة 2060.
ويمكن تفسير الديمومة النسبية للتوازن الديمغرافي لهذا النظام مقارنة مع الأنظمة الأساسية الأخرى، من جهة بالأهمية الحالية للنمو الديمغرافي، وبالإمكانيات الهائلة التي سيتيحها توسيع نظام التقاعد ليشمل المأجورين غير المصرحين ونتائج محاربة ظاهرة الخفض في التصريحات من جهة أخرى.
وفي المقابل، ترجع هشاشة هذا النظام إلى التسعيرة المنخفضة للحقوق خلال الخمسة عشر سنة الأولى (أي 3.240 يوما) للانخراط الفعلي، حيث إن كل فترة انخراط من 216 يوما تعادل 3,33 في المائة كقسط سنوي. ويزيد من حدة هذا الوضع أن نسبة مهمة من المستفيدين تتوفر على أقدمية في الانخراط تناهز المدة الدنيا، التي تكسب الحق في المعاش. ومن شأن هذه الوضعية التشجيع على ضعف التصريح أو عدم التصريح عند تجاوز الحد الأدنى لمرحلة التأمين.
وتبين الدراسات الاكتوارية أن الرصيد التقني والمالي للنظام سيصبح سلبيا ابتداء من سنة 2021. وأن جميع الاحتياطيات سيتم استنفاذها في سنة 2030. وتؤكد هذه التوقعات كذلك اختلال توازن هذا النظام الذي راكم، إلى حدود نهاية سنة 2011، ديونا ضمنية غير مشمولة بالتغطية بمجموع قدره 197 مليار درهم. ولكي يتمكن هذا النظام من العمل وفق القواعد الحالية نفسها في أفق سنة 2060، فإنه من الضروري رفع نسبة واجب الانخراط إلى 16,63 في المائة بدل 11,89 في المائة المعتمدة حاليا.
وعلى صعيد آخر، تجدر الإشارة إلى أن نسبة تغطية السكان النشيطين تبقى غير كافية بالرغم من الارتفاع الذي سجلته هذه النسبة خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغت 72 في المائة في سنة 2011 مقارنة مع نسبة 43 في المائة خلال سنة 2005. بيد أن نسبة التغطية الحقيقية للتقاعد تبقى متواضعة اعتبارا لكون انخراط الأجير المؤمن لا يعني بالضرورة أنه سيستفيد من معاش التقاعد عند بلوغه سن الإحالة على التقاعد. وعلى سبيل المثال، وإلى غاية نهاية سنة 2012، فإن حوالي 622.000 مؤمن غير نشيط قد بلغوا السن القانوني المحدد في 60 سنة دون إكمال مدة 3.240 يوما من المساهمات الضرورية لاكتساب حق الاستفادة من معاش التقاعد.
نظام التقاعد التكميلي المتعلق بالصندوق المهني المغربي للتقاعد
خلافا للأنظمة الأخرى، تبين الدراسات الاكتوارية أن النظام التكميلي الذي يتولى تدبيره الصندوق المهني المغربي للتقاعد لن تستنفذ احتياطياته خلال مرحلة التوقعات (إلى غاية 2060)، رغم أن عجزا تقنيا سيظهر ما بين سنتي 2033 و2050.
وبفضل الإصلاحات المنجزة خلال سنة 2003، تمكن هذا النظام من معالجة ضعف التسعير الذي عرفه سابقا، وكذا تحسين معدلات التمويل الأولي والتغطية التي بلغت مع نهاية سنة 2011 على التوالي 67 في المائة و40 في المائة. وبالتالي، يمكن لهذا النظام ضمان تقديم خدماته حتى سنة 2060.
وتعزى هذه الوضعية المتوازنة إلى استعمال أهم عنصر في قيادة هذا النظام أي قيمة التنقيط المعتمدة سنويا من طرف مجلس الإدارة، بناء على الوضعية المالية وتوازن النظام.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن نقطة الضعف الرئيسية لهذا النظام تتمثل في طريقة تسييره باعتماد مبدأ التوزيع، علما بأن هذا النظام اختياري وليس إجباريا، ما يطرح تحديا مزدوجا من حيث استمراريته، التي تبقى رهينة بالانخراطات الجديدة والتطبيق الصارم والمستمر للتسعيرة المناسبة.
حكامة أنظمة التقاعد
تشوب أنظمة التقاعد بعض النقائص ذات العلاقة بنظام الحكامة وببعض قواعد التدبير والتي تتفاوت من نظام إلى آخر. ونذكر من بينها على الخصوص ما يلي:
غياب مجلس إدارة حقيقي (النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد)؛
الطبيعة القانونية للصندوق المهني المغربي للتقاعد التي تتخذ شكل جمعية مما يجعلها غير خاضعة لمراقبة السلطات العمومية
نقائص عديدة على مستوى آليات القيادة (الصندوق المغربي للتقاعد بشكل خاص)؛
ضعف فعالية آليات المراقبة (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)؛
قواعد مختلفة للتدبير والتوظيف المالي للاحتياطيات.
يتضح من خلال تحليل أوضاع أنظمة التقاعد الرئيسية، أن هذه الأنظمة ستشهد اختلالات مهمة على مستوى توازناتها المالية مستقبلا أو على المدى القصير.
وسيترتب عن خطورة وضعية الالتزامات غير المؤمنة بالاشتراكات استنفاد مجموع الاحتياطيات المتراكمة من طرف الأنظمة الأساسية ما سينتج عنه عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين مستقبلا.
كما أن السلطات العمومية لن تستطيع أن تحل محل أنظمة التقاعد للحفاظ على خدمات التقاعد للمتقاعدين، نظرا للإكراهات وثقل الالتزامات التي لن تستطيع المالية العمومية على تحملها.
على صعيد آخر، تعتبر صناديق التقاعد من خلال توظيف احتياطياتها فاعلا رائدا على المستوى المالي والاقتصادي. وبالتالي، فإن من شأن استنفاد هذه الاحتياطيات أن تكون له آثار سلبية وخيمة على الاقتصاد والأسواق المالية، وكذا على تمويل الخزينة العامة، اعتبارا لكون قسط مهم من ديونها ملكا لهذه الصناديق.
واعتبارا لما سبق، يكتسي إصلاح نظام التقاعد طابعا أساسيا. وإذا كان من شأن إجراء تعديلات بسيطة على مقاييس عمل النظام، مع الاحتفاظ بتصميمه الهيكلي الحالي، أن يحافظ على استمرارية النظام لسنوات أخرى، سيما على مستوى نظام الصندوق المغربي للتقاعد، فإن هذه التعديلات لن تحل إشكالية استدامة معظم الأنظمة.
وبالتالي، فإن الإصلاحات المقياسية لا يجب أن تشكل سوى مرحلة نحو إصلاح هيكلي شامل لمجموع نظام التقاعد في المغرب.
مقترحات الإصلاح
تبعا للنتائج التي أسفر عنها تشخيص أنظمة التقاعد، يوصي المجلس الأعلى للحسابات بوضع إصلاح يرتكز على مرحلتين رئيسيتين:
المرحلة الأولى: الإصلاح المقياسي
يهدف الإصلاح المقياسي المقترح بشكل أساسي إلى تقوية ديمومة أنظمة التقاعد وتخفيض ديون الأكثر هشاشة منها، خاصة نظام الصندوق المغربي للتقاعد، في أفق إصلاح هيكلي يشمل مجموع الأنظمة.
بالموازاة مع ذلك، يشكل الإصلاح المرحلة الأولى لتقارب المقاييس وانسجام أنظمة التقاعد الحالية، في أفق قواعد التسيير، وبالتالي تسهيل الاندماج على المدى الطويل.
ويتوجب أن يتم البدء في هذا الإصلاح على المدى القصير (سنة 2013).
نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد
السن القانوني للإحالة على التقاعد: يرفع إلى 65 سنة على مدى 10 سنوات مع منح المنخرطين إمكانية تمديد فترة نشاطهم حتى يتسنى لهم الاستفادة من تقاعد كامل في المعدل الأقصى. وفي حدود سن يتم تحديده، يجب أن يخضع الاستمرار في العمل لتأطير ملائم؛
وعاء احتساب الحقوق: يتعين تغيير الوعاء بصفة تدريجية باعتماد معدل أجور فترة من 10 إلى 15 سنة الأخيرة من العمل عوض آخر أجرة؛ كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة من الدول وكذلك بالنسبة لأنظمة تقاعد أخرى بالمغرب: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (السنوات الثمانية الأخيرة) والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (كامل المسار المهني)؛
نسبة القسط السنوي: 2 في المائة بدلا من 2,5 في المائة المعتمدة حاليا؛
نسبة المساهمة: 30 في المائة موزعة على الشكل الآتي:
24 في المائة بالنسبة للنظام الأساسي اعتماد على مبدأ التوزيع بدل 20 في المائة المعتمدة حاليا؛
6 في المائة تتعلق بالنظام الإضافي المبني على الرسملة، يتحملها بشكل متساو كل من المشغل والأجير؛
ومن شأن إنشاء هذا النظام الإضافي مقرونا بآثار التخفيض الضريبي أن يجعل الإصلاح المقياسي المقترح قادرا على الحفاظ على مستوى المعاشات الحالي، وبالتالي المحافظة على القدرة الشرائية للمتقاعدين.
ويتجلى التأثير الشامل للإصلاحات المقياسية المقترحة في تمديد ديمومة توازن نظام المعاشات المدنية حتى سنة 2028، أي سبع سنوات إضافية، وخفض الديون غير المشمولة بالتغطية بنسبة 60 في المائة في أفق سنة 2060.
ومن أجل تطبيق هذا الإصلاح، يتعين اعتماد مبدأ التدرج ومراعاة الطابع الشاق الذي تتسم به بعض المهن.
وتتم تصفية المعاشات عند السن القانوني للتقاعد. غير أنه في حالة التقاعد المبكر بناء على طلبات المنخرطين، يمكن أن تتم تصفية المعاش قبل السن القانوني مقابل اعتماد تخفيض مناسب للمعاش بشكل يحافظ على حيادية العملية بالنسبة للنظام.
النظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد
السن القانوني للإحالة على التقاعد: يرفع إلى 65 سنة على مدى 10سنوات تبعا لنفس التصور المقترح بشأن نظام التقاعد المدني للصندوق المغربي للتقاعد؛
مراجعة قيمة المعاشات: تخفيض النسبة الحالية لمراجعة قيمة المعاشات إلى مستوى ثلثي (66 في المائة) تطور متوسط الأجر الذي يعتمده النظام.
ومن المرتقب أن ينتج عن هذه الإصلاحات امتصاص الديون غير المشمولة بالتغطية وزيادة في الأمد المرتقب لديمومة هذا النظام إلى ما بعد سنة 2060.
نظام تقاعد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
السن القانوني للإحالة على التقاعد: الاحتفاظ بسن 60 سنة في المتوسط مع إتاحة الإمكانية للمنخرطين الراغبين في ذلك لتمديد سن التقاعد إلى 65 سنة،
معدل التعويض: يقترح رفع هذا السقف إلى 75 في المائة بدل 70 في المائة المعتمد حاليا، بهدف منح إمكانية للأجراء الراغبين في الاستمرار في أنشطتهم من الرفع من قيمة حقوقهم،
نسبة المساهمة: يتعين الرفع التدريجي لهذه النسبة من 11,89 في المائة حاليا إلى 14 في المائة، خلال فترة خمس سنوات. ومن أجل تفادي ارتفاع الاقتطاعات الإجبارية والحفاظ على تنافسية المقاولات والقدرة الشرائية للمأجورين المساهمين على حد سواء، يتعين الاتجاه نحو تغطية رفع هذه النسبة من المساهمات الاجتماعية الأخرى التي يديرها الصندوق.
القسط السنوي لتصفية الحقوق: زيادة عدد الأيام اللازمة للاستفادة من 50 في المائة من الحقوق لتصل إلى 4.320 يوما عوض 3.240 يوما المعتمدة حاليا. ويتعين أن تكون هذه الزيادة تدريجية وأن تمتد على 10 سنوات، وأن تواكبها إجراءات فعالة لمكافحة ظاهرة عدم التصريح أو التصريح الجزئي، الذي يعانيه الأجراء الأقل دخلا.
ويجب أن يتم، تبعا لهذا الإجراء تعديل القرار الذي سبق اتخاذه من قبل المجلس الإداري لصندوق الضمان الاجتماعي، المتعلق بإرجاع مساهمات الأجراء إلى العاملين الذين بلغوا سن التقاعد القانوني دون التمكن من تجميع عدد الأيام الدنيا التي تخول الحق في معاش التقاعد، من أجل الأخذ بالاعتبار فترة التدريب (فترة المساهمات الدنيا التي تخول الحق في المعاش) الجديدة المقترحة.
ومن شأن هذه التعديلات تمديد أجل استمرارية هذا النظام لمدة 15 سنة على الأقل وتخفيض ديونه غير المشمولة بالتغطية بأكثر من 50٪ في أفق سنة 2060.
تعميم التغطية وتحسين الحكامة وإحداث هيئة مستقلة لليقظة وتتبع نظام التقاعد
بالموازاة مع الإصلاح المقياسي، من المهم مباشرة مسلسل توسيع تغطية التقاعد. ويتعلق الأمر بوضع تصورات للتقاعد تدمج السكان النشطين، من غير المأجورين بشكل تدريجي، وذلك باستهداف، في مرحلة أولى، العاملين الأكثر تنظيما والذين يسهل حصرهم كالمهن الحرة وأصحاب العمل غير المأجورين والخاضعين للضريبة المهنية.
كما يعتبر تحسين آليات المراقبة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالأهمية بما كان، بحيث سيمكن من محاربة ظاهرة عدم التصريح أو ضعف التصريح التي تؤثر بشكل سلبي على ديمومة وفاعلية نظام التقاعد لأجراء القطاع الخاص.
كما يوصي المجلس بمراجعة أنظمة التدبير والقيادة المتبعة من طرف هذه الأنظمة في اتجاه تحسين حكامتها وتدبيرها وطرق قيادتها.
ولمواكبة هذا الإصلاح، يقترح المجلس إحداث جهاز مستقل لليقظة وتتبع نظام التقاعد يتولى التتبع المستمر لوضعية نظام التقاعد ومواكبة تطبيق إصلاحه. ويجب أن تستجيب عضوية هذا الجهاز لهدف تحقيق الفعالية من خلال تعيين أعضاء يتوفرون على مستوى عال من الكفاءة والخبرة في هذا المجال.
كما يتعين وضع الآليات اللازمة من أجل الحث على اعتماد الإجراءات التصحيحية الضرورية لإعادة توازنات نظام التقاعد، طبقا للتوصيات الصادرة عن هذا الجهاز.
المرحلة الثانية: نحو إصلاح هيكلي على مرحتلين
قبل البدء في المرحلة الثانية من الإصلاح، من الضروري أن تحدد السلطات العمومية شكل الإصلاح وهندسته والجدول الزمني لتحقيقه بشكل واضح، وأن يتم وضع ذلك في إطار خارطة طريق يتم اعتمادها بواسطة قانون إطار، بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين ومختلف الجهات المعنية.
وتتمحور هذه المرحلة الثانية حول محطتين: الأولى انتقالية ويتعلق الأمر فيها بإدخال إصلاحات تضمن تقارب وانسجام مختلف الأنظمة، والثانية يتم فيها وضع وإرساء النظام المنشود الذي يضم بشكل خاص النظام الأساسي المعمم.
أولا البدء في إصلاح هيكلي
تتمثل أهم الأهداف المرجوة من هذه العملية في وضع تعريفة ملائمة وتقارب مقاييس عمل مختلف الأنظمة وقواعد التصفية من أجل تقارب وانسجام أكبر.
إن هذه المرحلة، التي يجب أن تتم خلال 5 إلى 7 سنوات، لا يمكن تصورها سوى كمرحلة انتقالية نحو وضع نظام ذي قاعدة موحدة وعامة لمجموع النشطين بالقطاعين العام والخاص.
ومن أهم الخيارات الممكن تبنيها خلال هذه المرحلة:
وضع قطبين للتقاعد، عمومي وخاص، بدمج أنظمة تقاعد القطاع العمومي.
المحافظة على الأنظمة مع إصلاح عميق لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد بصفة خاصة، لتقريبه من الأنظمة الأخرى، خصوصا فيما يتعلق بمستوى السقف.
غير أن هذين الخيارين يحملان في طياتهما إكراهات ترتبط أهمها بحاجيات تمويل الديون غير المشمولة بالتغطية وضعف المحرك الديموغرافي في القطاع العمومي.
ثانيا نحو نظام تقاعد أساسي موحد
في هذه المرحلة التي ستتوج هذا الإصلاح، يقترح المجلس الأعلى للحسابات تبني نظام أساسي موحد مع أنظمة إجبارية واختيارية.
وفي هذا الصدد، لا يرغب المجلس الأعلى للحسابات اقتراح تصور محدد للاختيارات المتعلقة بهندسة هذا النظام وأهم القواعد والمقاييس التي تحكمه، بل تحديد معالمه فقط.
نظام أساسي موحد
تتجلى أهم الخصائص التقنية لهذا النظام الذي يجب أن يعمم على مجموع النشيطين في:
نظام أساسي محدد السقف يجدر تحديد مستواه.
معدل تعويض كفيل بضمان معاش مناسب.
نسب المساهمة تنسجم مع مستلزمات التنافسية وحماية القدرة الشرائية للمنخرطين وديمومة النظام.
بذل مجهود في المساهمات بالنسبة للمشغل
التركيز على تغطية التقاعد، إذ لا يجب أن يتحمل هذا النظام تغطية خدمات أخرى ذات الصلة (رصيد الوفاة ومعاش العجز والتعويضات العائلية) التي يجب تغطيتها بشكل منفصل.
اعتماد مبدأ التوزيع في تدبير هذا النظام الذي يجب أن يتولاه جهاز عمومي.
الأنظمة التكميلية
تستهدف هذه الأنظمة تحمل جزء من الراتب أو الأجر الذي يتجاوز السقف المؤمن من طرف النظام الأساسي وذلك لتمكين النشيطين من معاشات تكميلية تضمن لهم معدل تعويض مناسب.
يجب أن تأخذ الأنظمة التكميلية بعين الاعتبار العوامل التالية:
وضع أنظمة بمساهمات محددة،
تقاسم المساهمات بين المشغلين والأجراء بشكل مختلف عما هو جار به العمل في النظام الأساسي.
اعتماد مبدأ الرسملة في تدبير الأنظمة الإضافية دون استبعاد خيار التوزيع، خصوصا في القطاع الخاص.
ويمكن أن يقتصر، في مرحلة أولى، الطابع الإجباري لهذه الأنظمة على القطاع العام، في حين تكون التغطية اختيارية في القطاع الخاص قبل أن يتم تعميمها تدريجيا.
الأنظمة الاختيارية
يمكن أن تخصص هذه الأنظمة بطريقة اختيارية للجزء من المدخول أو الراتب الذي يفوق سقف الأنظمة التكميلية. وتعتبر الرسملة أنسب طريقة لتدبير هذه الأنظمة. ويتحمل النشيطون وحدهم مجموع المساهمات في إطارها. كما يمكن وضع أنظمة خاصة تسير من طرف مؤسسات يتم تخصيصها لهذا الغرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.