رفع سن التقاعد إلى سن 62 سنة لن يحل الأزمة يتميز نظام التقاعد المغربي بتعدد أنظمته واختلافها من حيث وضعها القانوني ونمط تدبيرها ومواردها وطريقة تقديم خدماتها. ويتكون هذا النظام أساسا من ثلاثة أنظمة عمومية إلزامية وهي، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) والصندوق المغربي للتقاعد (CMR) والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، بالإضافة إلى الصندوق المهني المغربي للتقاعد ((CIMR الذي هو نظام اختياري يسيره القطاع الخاص. عرف عدد السكان المساهمين في هذه الأنظمة، خلال الفترة 2000-2009، زيادة ب4,1% كمتوسط سنوي، حيث بلغ 2,7 مليون مساهما، أي%27 من الساكنة النشيطة المشتغلة خلال سنة 2009. ويبقى هذا المستوى ضعيفا مقارنة بدول أخرى (%60 بالنسبة للدول ذات الاقتصاديات الانتقالية و%80 بالنسبة لدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية). ويعزى هذا المستوى الضعيف لمعدل التغطية إلى العوامل البنيوية لسوق الشغل، خاصة منها معدل الشغل الذي يقل عن 50% ومعدل النقص في التشغيل (sous-emploi) الذي يصل إلى%11. وتفسر هذه النتيجة بالمستوى الضعيف لمعدلات النشاط، خاصة بالنسبة للنساء وبإكراهات تعيق تطور النسيج الإنتاجي (تكلفة إنتاج عالية وضعف التقدم التكنولوجي) مما يؤدي إلى ضعف قدرات امتصاص عرض الشغل، وخاصة المؤهلين ( معدل البطالة الوطني %9 ). بالإضافة إلى ذلك، ترجع هذه النتيجة أيضا إلى وزن قطاع الفلاحة في التشغيل الذي يستوعب أكثر من %40 من الناشطين المشتغلين، لكن مع وجود قسط كبير للشغل الموسمي. ومن جهة أخرى، فقد عرف عدد المستفيدين نموا سريعا مقارنة مع عدد المساهمين خلال السنين الأخيرة، حيث ارتفع ب%6,6 كمتوسط سنوي خلال الفترة 2000-2009. وهكذا عرفت النسبة الديمغرافية لصناديق التقاعد تدهورا مستمرا، لتنتقل من 15 نشيطا يساهمون في معاش متقاعد واحد خلال سنة 1980 إلى 5,8 نشيطا سنة 1993 ثم إلى 3,9 نشيطا سنة 2009. إلا أن تحليل تطور كل صندوق على حدى يخفي اتجاهات متناقضة، حيث أن النسبة الديمغرافية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تبقى نسبيا عالية تصل إلى 5,4 ناشطا لكل مستفيد عوض 2,7 ناشطا بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد و2,1 بالنسبة للصندوق المهني المغربي للتقاعد و1,2 ناشطا بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. وقد أدى تدهور النسبة الديمغرافية إلى اختلالات بين النفقات والموارد بالنسبة لمختلف أنظمة التقاعد. وهكذا ومنذ سنة 2005 واصل مجموع المساهمات لمختلف الصناديق انخفاضه ليصل إلى%3,2 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2009، في حين أن مجموع التعويضات الممنوحة برسم التقاعد ارتفع تدريجيا ليصل إلى %2,9 وبالتالي، عرف الفائض المالي لمجموع الصناديق انخفاضا، منتقلا من 0,95% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2005 إلى 0,33% سنة 2009. إضافة إلى هذا، ستتضرر الوضعية المالية أكثر في المستقبل لأنظمة التقاعد جراء التحول الديمغرافي المتقدم في المغرب والتغيير العميق الذي سيحدثه على مستوى الهرم العمري، حيث أن عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فما فوق سينتقل من 2,7 مليون خلال سنة 2010 إلى 10,1 مليون سنة 2050، مما سيمثل %24,5 من مجموع السكان مقابل %7,2 سنة 1960 و%8,1 سنة 2004. كما سينتقل عدد السكان في سن العمل لكل شخص يبلغ من العمر 60 سنة فما فوق، حوالي 2,4فردا سنة 2050 عوض 7,7فردا سنة 2010. ومن أجل تقييم تأثير التحول الديمغرافي على استمرارية مالية نظام التقاعد وعلى الادخار والاستثمار وبالتالي على النمو الاقتصادي، قامت المندوبية السامية للتخطيط، بالتعاون مع مركز الدراسات المستقبلية والمعلومات الدولية (CEPII) بفرنسا، بوضع نموذج للتوازن العام للأجيال المتداخلة لاستشراف وتوقع اتجاه تطور الوضعية الحالية ومحاكاة سيناريوهات بديلة تقوم على مجموعة من الفرضيات حول نظام التقاعد في المغرب. هذا النموذج، الذي يأخذ بعين الاعتبار التفاعل بين المجال الاقتصادي وأنظمة التقاعد، يوفر إطارا متماسكا ومنسجما يتيح تحليل آثار التحول الديموغرافي على عرض الشغل ورأس المال مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف سلوكيات الأجيال من حيث المشاركة في سوق العمل وكذلك من حيث الاستهلاك والادخار. سيناريو الأساس (S1) يعالج هذا السيناريو تأثير التغيرات الديموغرافية على الوضعية المالية لنظام التقاعد المغربي وعلى حالة الاقتصاد الكلي مع افتراض عدم تغيير التشريع الحالي. في هذا السيناريو الأول وبافتراض أن أنظمة التقاعد ستستمر في تغطية 27% فقط من الناشطين المشتغلين، سيؤدي التحول الديمغرافي إلى تدهور الوضعية المالية لأنظمة التقاعد. وهكذا فإن نسبة عدد المتقاعدين إلى العاملين (بما في ذلك العاملين الذين لم تتم تغطيتهم) ستنتقل من 0,075 سنة 2010 إلى حوالي 0,180 سنة 2050. و باحتساب العاملين المستفيدين من التغطية فقط، فإن هذه النسبة ستنتقل من 0,250 إلى حوالي 0,573 على التوالي. إن تدهور هذه النسبة سيكون أكثر وضوحا بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ذلك أن عدد الناشطين المنخرطين بهذا الصندوق سيرتفع بنسبة %58,6 بحلول عام 2050، في حين أن عدد المتقاعدين سيتضاعف ب4,1 مرة. وإن هذه المؤشرات ستسجل على التوالي 2% و 6,2 مرة بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد و%10,5 و8,1 مرة بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. و في هذا السياق، من المتوقع أن تمثل النفقات الإجمالية للتقاعد 7,7% من الناتج الداخلي الإجمالي بحلول عام 2050 عوض 3% فقط سنة 2010. لكن الموارد ستعرف انخفاضا حيث ستنتقل من%3,2 سنة 2010 إلى %2,6سنة .2050 هذا الفارق المتنامي بين النفقات والموارد سوف يولد نسب عجز كبيرة ستصل إلى 5,1% من الناتج الداخلي الإجمالي في عام 2050 بدلا من فائض طفيف بلغ0,33 % سنة 2009. و هكذا فإن هذا العجز سيصل إلى 2,7% من الناتج الداخلي الإجمالي في عام 2050 بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وسيتراوح مابين 1,8 %و 0,2% بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد و النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. وإن هذه النسب من العجز يمكن تغطيتها بواسطة الاحتياطيات الكبيرة المتراكمة لدى صناديق التقاعد، لكن هذا الوضع سيؤدي إلى النضوب التدريجي للاحتياطيات التي ستصبح سالبة في عام 2032 لكل صناديق التقاعد مجتمعة. أما إذا أخذنا بعين الاعتبار كل صندوق على حدة، فإن هذه الاحتياطيات ستصبح سالبة ابتداء من سنة 2023 بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومن سنة 2029 بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد، ثم من سنة 2050 بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. وبخصوص الصندوق المهني المغربي للتقاعد ، فإن الاحتياطيات ستظل موجبة خلال هذه الفترة بأكملها. إن هذه النسب الكبيرة من العجز لنظام التقاعد ستؤدي إلى انخفاض في الادخار العمومي وبالتالي في الادخار الكلي. فتأثير الشيخوخة على مجموع الادخار سينعكس بشكل مباشر على معدل الاستثمار الذي سينخفض ب10 نقط من الناتج الداخلي الإجمالي بحلول سنة 2050. ومن المتوقع أن ينعكس هذا الأثر السلبي للاستثمار بدوره على تراكم رأس المال المتاح في الاقتصاد. فالتأثير المزدوج على رأس المال وعلى عرض الشغل سينتج عنه تطور تصاعدي لرأس المال لكل وحدة من العمل الفعال وهو ما يعني زيادة مع مرور الوقت للإنتاجية الحدية للعمل، وبالتالي للأجر لكل وحدة من العمل الفعال وانخفاض مع مرور الوقت للإنتاجية الحدية لرأس المال و بالتالي لمعدل مردو ديته. إن أثر ارتفاع عدد السكان النشيطين المشتغلين على إمكانات النمو الاقتصادي سيعرف بعض التخفيف بسبب التطور غير الملائم لرأس المال المتاح. وهكذا فإن النمو الاقتصادي قد ينخفض تدريجيا لكي يستقر في نسبة تناهز 1,8% في أفق سنة 2050. وبالموازاة مع سيناريو الأساس، تمت دراسة سيناريوهات أخرى. تعالج السيناريوهات الأولى منها الإصلاحات الممكنة التي من شأنها الحفاظ على التوازن المالي لنظام التقاعد، في كل فترة، (كتعديل معدل الاشتراك ومعدل التعويضات) أو التخفيف من الآثار السلبية للشيخوخة (كتوسيع نطاق التغطية لجميع العاملين الجدد ورفع السن القانوني للتقاعد). وتتناول السيناريوهات الأخرى الآثار على وضع صناديق التقاعد والمترتبة عن تحسين معدل الشغل الذي لا يزال منخفضا في المغرب وعن إمكانية إعادة التنظيم المؤسساتي للأنظمة التقاعد في اتجاه توحيدها. سيناريوهات التوازن لأنظمة التقاعد (S 2 وS 3) تمت محاكاة سيناريوهين في هذا الإطار لتحديد التعديلات اللازمة لتحقيق التوازن في كل فترة بالنسبة لكل صندوق أو بمعنى آخر تغطية العجز التقني. يركز السيناريو الثاني على التغييرات التي قد تؤثر على نسبة المساهمة المطبقة من طرف كل صندوق بينما يتناول السيناريو الثالث تخفيض معدل الاستبدال لكل صندوق. إن تحليل الآثار الاقتصادية الكلية والمالية للإصلاحات الرامية إلى القضاء على العجز في نظام التقاعد عن طريق الزيادة في المساهمات أو التخفيض من تعويضات مختلف أنظمة التقاعد، يؤكد عدم استدامة نظام التقاعد الحالي. كما أن التعديلات اللازمة لضمان توازن كل الصناديق (CNSS RCAR، CMR) جد ضخمة، و يستحيل تنفيذها من الناحية السياسية والاقتصادية. فالتعديلات اللازمة لتحقيق توازن صناديق التقاعد ليست هي نفسها، حيث أنها تختلف حسب اختيار تعديل نسبة مساهمة العمال ونسبة مساهمة أرباب العمل من جهة أو بين اختيار تعديل نسبة المساهمة وتقليص نسب الاستبدال من ناحية أخرى. وهكذا فإن هذه التعديلات تفضي بنا إلى خيارات صعبة بين هدف الحفاظ على مستوى معيشة السكان والبحث عن تحسين القدرة التنافسية. وإن القضاء على العجز الحاصل في نظام التقاعد من شأنه أن يرفع الادخار العمومي مقارنة بسيناريو الأساس لكنه في المقابل سيخفض من الادخار الخاص. وعموما، فإن مجموع الادخار سيعرف تحسنا طفيفا مما سيؤثر بشكل إيجابي على الاستثمار. وهكذا سيرتفع معدل الاستثمار بنقطة إلى نقطتين في السيناريوهين وسيزداد النمو الاقتصادي بما يتراوح بين 0,09 و 0,04 نقطة. إعادة التنظيم المؤسساتي لنظام التقاعد (S4 و S5) يتم تحليل ودراسة إعادة تنظيم نظام التقاعد المغربي عبر السيناريوهين التاليين. يفترض السيناريو S4 اندماج جميع صناديق التقاعد في نظام واحد ابتداء من سنة 2015 باستثناء الصندوق المهني المغربي للتقاعد، بينما يفترض السيناريو S5اندماج النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد في نظام واحد، ليضم بذلك جميع المنخرطين في القطاع العمومي. وفي كل من هذين السيناريوهين، سيخضع جميع الأشخاص المنتمين إلى النظام الجديد إلى نفس القواعد المتعلقة بالمساهمات ومعاشات التقاعد، حيث يفترض، انطلاقا من سنة 2015 تطبيق معدل %15 على مساهمات أرباب العمل و10 % على مساهمات المأجورين. وبخصوص راتب التقاعد فسيتم احتسابه بالنسبة لكل المتقاعدين على أساس 60% من الراتب النهائي أثناء مغادرة العمل وسيبقى في نفس المستوى من حيث القيمة الحقيقية. وفي ظل هذه الظروف، ستعرف الوضعية المالية للنظام الجديد، نتيجة اندماج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد، تحسنا ملحوظا مقارنة بالوضعيات المالية لهذه الصناديق الثلاثة، عندما تعمل بشكل منفرد. وفي أفق سنة 2050، سيصل عجز النظام الجديد إلى %3,1 من الناتج الداخلي الإجمالي. و في حالة إضافة عجز الصندوق المهني المغربي للتقاعد، فإن العجز الإجمالي سيمثل%3,3 من الناتج الداخلي الإجمالي مقابل %5,1 المتوقعة في سيناريو الأساس(S1). وإن النظام الجديد الذي يدمج في إطاره النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد سيعرف عجزا يصل إلى1 % من الناتج الداخلي الإجمالي في أفق سنة 2050. وعموما فإن مجموع عجز الإجمالي لصناديق التقاعد سيصل في أفق سنة 2050 إلى3,8 % أي بانخفاض ب 1,2 نقطة مئوية مقارنة بسيناريو الأساس. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اندماج الصناديق ينطوي على خسارة بالنسبة للمتقاعدين المنتمين إلى صناديق تضمن معدل استبدال أكبر من 60 % )الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد(. كما يحتوي هذا الاندماج على خسارة فيما يخص القدرة الشرائية بالنسبة للعمال المساهمين على مستوى جميع الصناديق. على مستوى الاقتصاد الكلي، فإن تخفيض معدلات العجز الناتجة عن اندماج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ) السيناريو4( يمكن من الرفع من الادخار الكلي مما يضمن تراكما أكبر لرأس المال. و يعتبر الأثر على النمو الاقتصادي موجبا رغم أن هذا الاندماج يحدث ارتفاعا طفيفا لمستوى معدل البطالة. وفي حالة اندماج الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لرواتب التقاعد، فإن الآثار على المستوى الماكرواقتصادي تكون جد مشابهة لمثيلاتها في السيناريو4. وهكذا، فإن إعادة التنظيم المؤسساتي لصناديق التقاعد ستمكن من تخفيف نفقات الدولة على المدى البعيد ومن تحقيق الاستقرار فيما يخص نسبة المساهمات إلى الناتج الداخلي الإجمالي (بدلا من الاتجاه التنازلي في سيناريو الأساس) مما سينتج عنه عجز إجمالي أقل حدة. ومع ذلك، فإنه من الصعب إجراء هذا الإصلاح على المدى القصير، نظرا لآثاره الاجتماعية بما في ذلك تحمل أعباء الخاسرين المحتملين من هذا الإصلاح، والذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الضرائب أو الاقتراض وهما إجراءان قد يكون لهما تأثير على مختلف قطاعات الاقتصاد. ومن المهم في هذا السياق أن نلاحظ أن صعوبة دمج صناديق التقاعد يمكن تفسيرها أيضا باختلاف مستويات الموارد والالتزامات والديون الضمنية لكل صندوق على حدة. الإصلاحات الهيكلية (S 6 وS 7 وS 8) هناك تدابير مختلفة يمكن اتخاذها قصد الرفع من عدد المساهمين. يتجلى التدبير الأول في تطبيق إلزامية الانخراط لجميع الأفراد الذين يتم توظيفهم لأول مرة و يتمثل التدبير الثاني في الرفع من السن القانوني للتقاعد ويكمن التدبير الثالث في الرفع من معدلات النشاط. إلزامية التغطية للعمال الجدد (S 6) في السيناريو S6، يتم جعل العضوية إلزامية لجميع الأفراد الذين يبدؤون العمل، أي من المفترض أن يلتزم جميع الأفراد الذين يبدؤون العمل ابتداء من سنة 2015، بالمساهمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وبالطبع قد ينخرط جزء من هؤلاء في الصندوق المهني المغربي للتقاعد كذلك. ومن شأن هذا الإصلاح تحقيق زيادة تدريجية في معدل التغطية، والذي يمكن أن يصل إلى ما يقرب من 86,8 % سنة 2050 بدلا من 31,5 % في سيناريو الأساس. وهذا الإصلاح من شأنه الحد بشكل طفيف من إجمالي الإنفاق نسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي، وذلك بفضل تأثيره الإيجابي على النمو الاقتصادي وبفضل عدم حصول المساهمين الجدد على معاشاتهم إلا ابتداء من عام 2060. وهكذا، فإن حجم المساهمات سوف يمثل 5,1 % من الناتج الداخلي الإجمالي في عام 2050 بدلا من 2,6 % المتوقعة في سيناريو الأساس وسيكون العجز الكلي لنظام التقاعد أقل (2,1% من الناتج الداخلي الإجمالي بدلا من 5,1 %). وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، سيؤدي خفض العجز الكلي الناتج عن نظام التقاعد إلى زيادة في الادخار العام، لكن إلزامية مساهمة العمال الجدد من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض في الادخار الخاص. قبل سنة 2035 يبقى الأثر السلبي على الادخار العام محدودا.وسيؤدي الخفض من العجز الكلي لنظام التقاعد إلى تحسن في الادخار الكلي وبالتالي إلى تحسن النمو الاقتصادي وإلى التخفيف من البطالة .أما بعد سنة 2035، فإن الادخار الكلي وبالتالي الاستثمار، سيعرفان تدهورا مقارنة بسيناريو الأساس. زيادة السن القانوني للتقاعد (S 7) في السيناريو 7S، من المفترض أن يتم رفع سن التقاعد ابتداء من سنة 2015 إلى 62 سنة بدلا من 60 سنة حاليا. سيكون لزيادة السن القانوني للتقاعد أثر إيجابي طفيف على عدد العمال. في الواقع، فإن معدل التشغيل، وهو النسبة بين العدد الكلي للعمال والساكنة في سن العمل، سيعرف ارتفاعا بين 0,4 و 0,6 نقطة مئوية بالمقارنة مع سيناريو الأساس. لكن سيكون للإصلاح أثر محدود جدا على عدد المساهمين. وفي الواقع، بسبب المستوى المتدني لمعدل التغطية، فإن النسبة بين عدد العمال والساكنة في سن العمل لن تتغير عمليا بالمقارنة مع سيناريو الأساس. كما سيمكن الإصلاح في نفس الوقت من الخفض عن عدد المتقاعدين حيث ستنخفض نسبة عدد المتقاعدين إلى عدد العمال المشمولين بالتغطية ب1,4 نقطة بالمقارنة مع سيناريو الأساس في أفق سنة 2050. ويبقى الأثر الماكرواقتصادي لهذا الإصلاح متواضعا، حيث من المفترض أن يمثل العجز الكلي للتقاعد5,3% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 5,1% في سيناريو الأساس وأن تكون الآثار على الاستثمار والنمو الاقتصادي كذلك منعدمة. ويرتبط سبب عدم فعالية الإصلاح المتمثل في الرفع من السن القانوني للتقاعد بحقيقة تتمثل في كون أن من بين الأشخاص الذين يتراوح سنهم بين 60 و 62 سنة، يوجد جزء كبير غير نشيط أو غير مشمول بالتغطية. ارتفاع معدلات النشاط (S 8) بينما يفترض في سيناريو الأساس أن تظل معدلات الشغل ثابتة على أساس المستويات الحالية، فالسيناريو S8 يقيم الآثار المترتبة عن ارتفاع معدلات الشغل في المغرب. وهكذا، فبالنسبة للأجيال الجديدة التي تدخل سوق الشغل ابتداء من سنة 2015، فإن معدلات النشاط الخاصة بالنساء ستكون في نفس مستوى نظيراتها المسجلة لدى الرجال من نفس السن، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدل الشغل على المستوى الوطني (ب 3,4نقطة مئوية سنة 2020 إلى 21,6 نقطة مئوية سنة 2050) و إلى ارتفاع المعامل بين عدد العاملين المشمولين بالتغطية وعدد السكان في سن العمل (ب0,9 نقطة مئوية سنة 2020 إلى 11,8 نقطة مئوية سنة 2050) و إلى ارتفاع معدل التغطية (ب0,9 نقطة مئوية سنة 2020 إلى 7 نقطة مئوية سنة 2050) و ذلك مقارنة مع سيناريو الأساس. و في ظل هذه الظروف، فالتأثير على الوضع المالي لنظام التقاعد المغربي سيكون ملموسا حيث سيمثل العجز المالي لمجموع أنظمة التقاعد 2,8 % من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2050 مقابل 5,1 % في سيناريو الأساس. علاوة على ذلك، ومن خلال زيادة عرض الشغل و التأثير الإيجابي على الاستثمارات، فإن معدل نمو الناتج الداخلي الإجمالي سيكون أعلى ب 1,1 نقطة مقارنة بنظيره في سيناريو الأساس، إلا أنه بالمقابل، سوف لن يتم استيعاب ارتفاع الساكنة النشيطة، وخاصة بالنسبة للنساء، بشكل كلي من طرف سوق الشغل وبالتالي فإن معدل البطالة سيرتفع بما يقرب من1,4 نقطة مئوية سنة 2050. وفي الختام، لا يمكن حل مشكلة تمويل معاشات التقاعد إلا من خلال الرفع من نسبة عدد المساهمين إلى عدد المتقاعدين. ففي البلدان المتقدمة، يظل هامش التصرف محدودا للغاية (على سبيل المثال القيام بإصلاحات للرفع من سن التقاعد، أو تطبيق سياسات تعزز الخصوبة أو الهجرة)، في حين أن في المغرب، حيث يتميز الاقتصاد بمستويات جد منخفضة لمعدلات التغطية ومعدلات النشاط، خاصة بالنسبة للمرأة، تظل فرص التدخل أكبر وأكثر أهمية. ومع ذلك، فإن مكاسب التوسيع في ظل القواعد الحالية لنظم معاشات التقاعد تبقى جد نسبية بسبب الضغط الناجم ،على المدى الطويل، عن وصول عدد كبير من العاملين إلى سن التقاعد، تحت تأثير التحول الديمغرافي. وفي الواقع، ينبغي إعادة النظر في إصلاح نظام معاشات التقاعد في إطار من الاتساق العام، مع الأخذ في الاعتبار الجوانب الثلاثة التالية: أولا، يتميز نظام التقاعد المعتمد حاليا والمبني على التوزيع بالتفاوت وعدم الإنصاف بين الأجيال. وكل إصلاح يشمل تغيير معدلات المساهمة أو معدلات الاستبدال قد يزيد من تفاقم عدم المساواة الاجتماعية وبين الأجيال ويولد المزيد من الفقر. ثانيا، لا يمكن تعديل هيكلة سوق الشغل، لا سيما من حيث مستويات النشاط والتأهيل، عن طريق إصلاح يخص نظام التقاعد فقط، بما في ذلك إعادة تنظيم إطاره المؤسساتي وتعديل معاييره. فمعدل الشغل يكاد أن يكون غير ذي حساسية لهذه الإصلاحات نظرا لضعف التغيير في هيكلة النشاط الاقتصادي والإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج. ثالثا،إن لتوسيع نطاق تغطية نظام التقاعد بالتأكيد أثرا بالغا على أهمية التحويلات بين الأجيال التي تميز المجتمع المغربي. هذه التحويلات، التي تشكل مصدرا للحفاظ على مستويات العيش ولوقاية عدد كبير من الأسر المغربية من الوقوع في الهشاشة الاجتماعية، قد تأخذ اتجاها تنازليا. لذلك ينبغي القيام بتحليل عميق لإصلاح نظام التقاعد ومرافقته بوضع آليات تضامنية أخرى مناسبة.