اضطر عبد العلي وسعيد وحسن، ثلاث شبان يتحدرون من مدينة ميدلت (الأطلس) ويعملون بشركات أجنبية مستقرة بمدينة طنجة (شمال المغرب) إلى دفع ثمن التذكرة من طنجة إلى ميدلت مضاعفا، فبالنسبة إليهم قضاء عيد الفطر مع الأسرة لا يقدر بثمن. لكنه في المقابل يكشف عن الاختلالات التي يعرفها قطاع النقل بالمغرب والتي تطفو بشكل جلي خلال فترات العيد في "تحد" لكل السلطات. "الرأي" رافقت أحد هؤلاء الشباب للحصول على تذكرة السفر ورصدت خلال الانتقال من طنجة إلى ميدلت بعض الاختلالات ازدحام شديد أن تختار السفر إلى مدينتك قبيل العيد، فإنك تكون قد انخرطت بشكل تلقائي في مسلسل طويل وشاق للبحث عن وسيلة لذلك، فلست وحدك بطنجة من يريد أن يصل الرحم ويقضي العيد مع أسرته خلال الفترة ذاتها، فآلاف الشبان والشابات يعملون بالشركات والمعامل المتواجدة هنا يفعلون الشيء نفسه. يتقاطر المئات من المواطنين على المحطة الطرقية بطنجة آملين في أن يحصلوا على تذكرة السفر، التي تصبح قبيل العيد سيرة كل لسان خصوصا لدى الأشخاص الذين لا يتوفرون على سيارات. ومن لم يُحالفه الحظ في الحصول على تذكرة، فإنه يبحث عن وسيلة أخرى إما أن يكتري سيارة، ويركب مع صديق، او غيرها من الطرق. ارتفاع التسعيرة من 100 درهم إلى 200 درهم مرة واحدة تقدم عبد العلي إلى شباك التذاكر وطلب تذكرة لحافلة تربط بين طنجة والرشيدية والتي تمر عبر ميدلت، فأجاب صاحب الشباك: 200 درهم، ليتساءل الشاب: لماذا؟ لقد اعتدنا أن نقتني التذكرة للمسافة ذاتها ب100 درهم. فيرد عليه الشخص للحسم: "بغيتي تقطع زيد ما بغيتيش شغلك هاداك". وسألت "الرأي" أحد المسؤولين بالمحطة عن سبب إقدام أرباب الحافلات على الرفع من سعر التذكرة بهذا الشكل الغريب، فقال إن أغلب الحافلات تمت إضافاتها لمواجهة "الأزمة"، وقاطعته "الرأي": "ألا توجد عادة أكثر من حافلة تقدم هذه الخدمة على مدار السنة، لماذا لم تحافظ هذه على التسعيرة العادية ورفعت هي الأخرى من الثمن؟"، فرد: "هذا قرار أصحاب الحافلات ولمن تضرر أن يذهب إلى مصالح وزارة النقل لتقديم الشكوى". الثمن المضاعف لم يتوقف عند تذكرة السفر بل تجاوزها إلى الحقائب أيضا، فعبد العلي وغيره من المسافرين اضطروا لدفع 10 دراهم عن الحقيبة الواحدة مهما كان حجمها صغيرا، بدل 5 دراهم أو أقل، المعمول بها في شركات نقل المسافرين المعروفة. الحمولة الزائدة قاعدة واحترام القانون الاستثناء عاينت "الرأي" خلال انتقاله رفقة أحد الشبان من مدينة طنجة صوب مدينة ميدلت كيف يخرق فرق الحافلات القوانين، في مغامرة بين تحدي السلطات المعنية و"التضحية المجانية" بأرواح البشر. ورصدت "الرأي" إضافة أزيد من 5 أفراد فوق الحمولة المسموح بها للحافلة قانونيا، ووزع مساعد السائق كراسي بلاستيكية موضوعة في المكان لمثل هذه المناسبات، ولولا رفض بعض المسافرين الركوب في حافلة ممتلئة أصلا، لكان العدد اكبر من ذلك بكثير. وأثار ذهول المسافرين، خلال توقف الحافلة لتناول وجبة السحور بمدينة تمحضيت (الأطلس) خروج مسافرين من حافلة أخرى من المكان المخصص للحقائب. غياب المراقبة وتساءل مسافرون في حديثهم ل"الرأي" عن سبب غياب المراقبة، مستغربين من قطع هذه الحافلات لكل هذه المسافات الطويلة دون أن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حقها من طرف المصالح المعنية. وقال مسافر، رفض ذكر اسمه، في تصريح ل"الرأي" أن أحد مفتشي النقل بمدخل مدينة مكناس اكتفى بالتحدث لمساعد السائق خارج الحافلة، "ولم يُكلف نفسه عناء الصعود إليها ليكتشف الكوارث"، حسب تعبيره، مضيفا أن الحافلة ذاتها "مرت من اكثر من نقطة مراقبة للدرك الملكي ولم يصعد ولو عنصر واحد إليها رغم أن حمولتها كانت زائدة".