حتى وإن كان يُحيلنا إلى الأشكال الشعرية المستحدَثة في الحضارة الأندلسية، فإن الزجل في مفهومه المغربي (والمغاربي عامّة)، لا يرتبط بزجل ابن قزمان (1078 – 1160) ولا بشكله المشرقي؛ فهو يأخذ طابعاً مختلفاً؛ إذ يُنظَم باللهجات العامّية، غير أنه يلتقي مع القصيدة العربية الفصيحة في التقيّد بالوزن والقافية وغيرهما من القواعد الشكلانية. ومنذ انتقاله من مرحلة الشفاهة إلى التدوين في السبعينيات، مع صدور ديوان شعري للزجّال المغربي أحمد لمسيّح (1950) عام 1976، لم تنقطع الإصدارات الأدبية التي التفتت، بالتأليف والبحث والنقد، إلى الزجل الذي بات، اليوم، أحد أكثر الأنماط التعبيرية الأكثر حضوراً في الشعر الشعبي المغربي المعاصر. هكذا، ظهرت عدّة جمعيات واتحادات تجمع الزجّالين المغاربة وتهتمّ بهذا الموروث الثقافي، كما برزت العديد من الملتقيات والمهرجانات الخاصّة بشعر/ فن الزجل في عدد من المدن المغربية، من بينها مدينة القنيطرة، شمالي الرباط، التي يُنتظَر أن تحتضن فعاليات الدورة الثانية من "الملتقى الوطني للزجل". تتضّمن الدورة الجديدة برنامجاً يتوزّع بين الأمسيات الشعرية والندوات الفكرية والسهرات الموسيقية؛ حيثُ تُقام عددٌ من القراءات الشعرية الزجلية التي يقدّمها شعراء من المغرب. كما تُنظَّم ندوة فكرية بعنوان "الأفق الحداثي في القصيدة الزجلية المعاصرة" يشارك فيها نقّاد وباحثون، إلى جانب حفلات موسيقية يقدّمها كلّ من "الجوق الوطني لفن الملحون" و"جوق الكريحة الرودانية" و"مجموعة كناوة" و"مجموعة أملاك للأغنية المشاهبية". تهدف التظاهرة، التي تُقام على مدار يومين، حسب "الاتحاد المغربي للزجل"، المنظّمة للمتلقى، إلى "الإسهام في الحفاظ على الموروث اللامادي للمغرب، وإبراز فن الزجل في أبعاده الحضارية والتعريف به كموروث ثقافي لتثمينه وضمان استمراريته، والتعريف بالأقلام الزجلية المحلّية، إلى جانب انفتاح الجمهور المحلّي المهتم بالثقافة على باقي المبدعين في هذا المجال على الصعيد الوطني".