خصوم الأسود يهيئون إستراتيجية اللقاءات ولومير يواصل التنقيب العيساتي مكسب إيجابي والتشيك محك خادع آخر الأمور الجادة ستبدأ من الآن، والروتوشات الأخيرة أخذت مسارها الحاسم، فقبل 4 أشهر فقط عن ضربة الإنطلاقة التي تمهد للقاء الأسود الأول ضد الغابون نهاية شهر مارس القادم، بدأت المنتخبات الإفريقية العشرين المتنافسة على 5 بطاقات صوب بلاد الأولاد والأبارتايد سعيها الأكيد نحو وضع الصورة النهائية والتأكيد على تهييء ظروف مثالية للإعداد، فكيف يناقش لومير المرحلة؟ لومير يكتشف أسرار الكواليس مر على حلوله بالمغرب واكتشافه لأجواء المنتخب بكواليسها وكل ما له إرتباط بشأن التصميم للتشكيل، للصقور المتحكمة في القرار، ولأصحاب الإستشارة والكلمة، 6 أشهر كاملة، كانت كافية لروجي لومير كي يكتشف اللعبة بكل تفاصيلها، ومن تم الدخول الفعلي في الأجواء، كي يصبح رجل كلمة وفرض قراره· كان منطقيا جدا أن يتعامل في البداية مع التركة الموضوعة أمامه وتحت تصرفه والتي لازمت المدرب الوطني فتحي جمال في اللقاءات الأربعة الأولى التصفوية التي خاضها، وكان بديهيا أيضا أن لا يحدث ثورة التغيير كما ناشدها البعض إلا بالتدريج، بعد أن يصل ويهتدي لحيث المفاتيح التي تكفل ل بعد ذلك أن يفرض استراتيجية عمله كما يراها هو مناسبة وتتلاءم مع توهجه· لذلك كل الأحكام التي رافقت مسيرة الفريق الوطني خلال المباريات الأربع التي دشنت لحضور لومير لم تكن لتصل لدرجة الموضوعية، بحكم الفترة القليلة وأيضا طبيعة الخصوم (موريطانيا، البنين، زامبيا وسلطنة عمان)، والأمور الجادة ستبدأ من الآن وكل التقييمات الفعلية ستأخذ منحنى آخر بداية من أول مباراة ضد المنتخب الغابوني يوم 28 مارس القادم ولعل الخطوة التي أقدم عليها لومير من خلال العودة لأوروبا ليس لإحياء حلفة رأس السنة، وإنما لاقناع لاعبين بعينهم لحمل قميص المنتخب الوطني بحب فهمها في سياقها الحقيقي والذي يلخص أن >الخواجة< لا يترك أشياء للصدفة وسيتدبر من الآن فصاعدا أموره بيده، ماسكا بزمامها وغير مرتهن أو تستند للغير، فهل هي مسألة الثقة أم أشياء أخرى· هل هو وقت التنقيب؟ في الوقت الذي بدأ خصوم المنتخب الوطني المغربي وخاصة منتخبي الكاميرون الرقم الصعب في المجموعة الإقصائية الأولى ومعه منتخب الغابون يتأهبون لمناقشة المسار التصفوي من زاوية أخرى يلخصها تصريحي أوطو بفيستر والفرنسي الذي يعرف جيدا قدرات المنتخب الوطني وأسرار كرة القدم المغربية آلان جيريس، فقد قال الأول أنه يتهيأ لإيجاد بديل أو بديلين فقط يعوضان الخصاص الذي تركته إصابة اللاعب إيمانا ومبيا والذي سيغيب عن الملاعب لستة أشهر كاملة، وهو نفس التوجه الذي سار عليه آلان جيريس في تصريح قال فيه: >لن أخرج عن لائحة الأسماء التي حققت الفوز على ليبيا، دون أن أنكر أن 3 لاعبين آخرين من البطولة المحلية يلبون حاجياتنا يوجدون لتحريك الآخرين صوب عطاء أفضل<· وإضافة إلى الحرص والتأكيد على الحفاظ على الثوابت البشرية التي تشكل الهيكل العام أو ما يسمى العمود الفقري بما يوفر الثبات والإستقرارين النفسي وحتى الخططي، فإن كل منافسي الأسود وضعوا استراتيجية طويلة أو متوسطة المدى تهيُّأ للمسار التصفوي تبدأ من إجراء لقاءات ودية شهر فبراير القادم ضد منتخبات من نفس التصنيف القاري ومعسكرات بالبرتغال وألميريا الإسبانية في الفترة الصيفية· بالمقابل فإنه عدا المحك الإعدادي الذي يخص مواجهة منتخب التشيك الشهر القادم، لا أثر لخارطة طريق للمرحلة القادمة ولا للشكل الذي سيكون عليه الإعداد لما بعد مباراة الغابون، حيث الأمور مرتبطة بإفرازات أول خرجة رسمية ضد الغابون، ومن بعدها مناقشة التفاصيل اللاحقة· لكن ما هو أهم من كل هذا ويدعو لطرح العديد من التساؤلات، هو هل هذا الوقت مناسب لرحلة التنقيب كما يدشنها حاليا روجي لومير في ثاني استكشاف له بالقارة العجوز والذي توجه بإقناع إسماعيل العيساتي بحمل ألوان الأسود؟ التشيك محك خادع آخر يتذكر الجمهور المغربي وما أكثرها من المناسبات التي مهدت للقاءات ودية خادعة، ظاهرها فيه الإغراء وباطنها يفيض بالعدم واللاجدوى، لعبنا سابقا قبل مونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية 1999 ضد منتخب الأرجنتين بمعقله، وبرغم الهزيمة (31) جاء الإنطباع خادعا ومغالطا للرأي العام حول المستوى الحقيقي للأسود والحصيلة خروج بثلاث هزائم من الدور الأول، بعدها واجهنا البرازيل على عهد ميشيل ورغم الهزيمة (20) تجسد أيضا نفس الإستناج وآخر مشاهد الخداع في الصورة طبعا كانت ضد المنتخب الفرنسي بسان دوني والتعادل الكبير (22)، والتي لم تكن لتحجب عن أشبال ميشيل مجددا وقائع مشاركة وصفت بالكارثية بغانا 2008·· واليوم يعود لومير ومعه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لاختيار منتخب التشيك بدل نيجيريا لاعتبارات يعرفها الضالعون والراسخون في علم وكواليس الجهاز فقط، والبعيدة كل البعد عن ما هو موضوعي ومنطقي، بحكم أن الإختبار لن يكون بأي شكل من الأشكال بروفة حقيقية لكشف الإختلالات المطلوبة للتقويم ولا للروتوشات التي ينبغي إعمالها، وحتى التأشير على لقاء كبير ضد هذا المنتخب فإنه لن يمثل في واقع الأمور واجهة لإصدار أحكام قيمية وموضوعية·· اختيار التشيك وبرغم ما يمثله هذا المنتخب في ميزان القوى في القارة الأوروبية، إلا أنه بدوره دعا لطرح استفهامات كثيرة حول صواب الإختيار وحول الحكمة في تبنيه، لأننا سنواجه الكاميرون والغابون والطوغو وليس ألمانيا، رومانيا أو أوكرانيا· العيساتي مكسب بحاجة للصقل صحيح أنها خطوة أثارت حفيظة وغضب الهولنديين الذين لم يتعودوا على مثل الإستماتة التي أبدتها الجامعة الملكية المغربية هذه المرة بخلاف المرات السابقة، حيث ظلت تلذغ من نفس الجحر الذي غير مسلكيات اختيار أسماء من طينة (بوستة، بولحروز وأفلاي) وآخرون، الإلحاح الذي كانت "المنتخب" سباقة لإثارته منذ فترة طويلة بلقاء عضو جامعي يرأس إحدى اللجان من ينوب عن اللاعب العيساتي بالدوحة القطرية ومهد له الدكتور حسن حرمة الله بقصد قطع الطريق على المنتخب الهولندي في ضمه، سيما وأن اللاعب حينها كان يجتر تبعات إصابة ولدت له شعورا بالإحباط النفسي والذي وجد في تقصي الجامعة عنه خطوة ذكية جعلت الأخيرة تكسب نقاطا من الأهمية بمكان قصد إقناعه باللعب للأسود· قبول العيساتي وحسمه الأخير لم يكن سهلا، وتم وفق خطوات وأشواط باشرها لومير قبل نحو 3 أشهر بزيارة ميدانية لهولندا وأعادها هذه المرة مع أعياد السنة في انتظار التأشير النهائي على اللعب رفقة المنتخب بعد استيفاء الإجراءات المسطرية التي تقتضيها مثل هذه الحالات· وإذا كان استقطاب العيساتي خطوة إيجابية بكل ما يواكبها من الإضافة المرجوة التي من الممكن أن يقدمها اللاعب للمجموعة ككل، ومدى استعداده الدخول في الأجواء، فإن ما هو داع لطرح تساؤل ثالث، هو هل العيساتي قادر على ركوب تحدي الأدغال سيما وأن الفوارق واضحة بين ممارستين، واحدة تجرى تحت الصفر والثانية فوقه بكثير، وثانيا الإنبهار الذي قد يطال اللاعب وهو يكتشف لأول مرة خصائص وأجواء غريبة عنه بعض الشيء، ما يتطلبه الأمر من صقل للاعب فكرا وطراوة، لأن المرحلة وهذه حقيقة تتطلب كومندو شرس لكسب رهانها، ولو أن البعض ينظر للاعب رفقة الحمداوي على أنه صورة حجي وفأله الحسن على الأسود لسنة 1993· دائرة الخليج والصحوة الأوروبية ولو أن الوقت سابق لأوانه، إلا أن ما هو مسرب من أخبار تخص روجي لومير وطبيعة اختياراته القادمة والتي تتحدث عن وضع لائحة الأسبوع القادم، لائحة موسعة أخرى تهم 30 لاعبا، القراءات الإستباقية تقول على أنها لن تخرج عن الأسماء الكلاسيكية السابقة ولو مع إضافات نوعية تواكب المستجدات المرتبطة بزيارة لومير الأخيرة لأوروبا ومدى دخول عادل رامي كوجه عنيد ومطلوب ومرغوب فيه خانة الإقناع هو الآخر· لكن في السياق العام واستنتاجا من تحركات المدرب الفرنسي وما يتداول في الكواليس هو أن هامش الإختيار لدى الأخير قد أصبح محددا بعض الشيء، سيما وأنه عبر مرارا عن امتعاضه من التجربة الخليجية بشكل عام، وما زاد من تفاقم الوضع هو إلتحاق أكثر من لاعب بهذه الدائرة، الشيء الذي حركت للبحث وصياغة بدائل أخرى تستجيب لزلزال والهزة وحالة الطوارئ التي قد يعلنها، ليبقى الإيجابي الباعث على الإرتياح مع كامل المتمنيات بأن يواصل لاعبو المنتخب الوطني المحترفون بأوروبا عزفهم المتألق، كما جسدوه في الخريف المنصرم بالشكل الذي من المتوقع أن ينعكس إيجابا على مستوى الأسود ككل، أما البطولة الوطنية فتلك حكاية أخرى، حيث الخروج من سباق أول كأس للأمم للمحليين غير من انطباع لومير ومن قناعاته، ولو أن حضور (فكروش، لمياغري، عصام الراقي والعلاوي) يعتبر شبه محسوم فيه·