تفاجأ الرأي العام الرياضي الذي يتابع أخبار الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، عن السر الذي يكمن وراء اختيار الإدارة التقنية وجامعة الكرة لمنتخب جمهورية التشيك لكي يكون خصم «أسود الأطلس» مساء اليوم الأربعاء في إطار آخر محطة إعداد قبل المرحلة الأخيرة من التصفيات المزدوجة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم و كأس إفريقيا 2010 حيث غالبا ما يشتكي المتتبعون من خداع المباريات الدولية الودية التي عادة ما تشكل مسكنات للألم الذي ينفجر بقوة عند أول محك والأمثلة هنا كثيرة لعل آخرها مرحلة الإعداد الأخيرة بفرنسا قبل الرحيل إلى أدغال غانا. كبرت ساعتها الطموحات و الآمال بعد أن تمكن الفريق الوطني من انتزاع التعادل، بل إنه كان سباقا للتسجيل أمام منتخب فرنسا وصيف بطل العالم على أرضية ملعب فرنسا الدولي، حيث بدأ الحديث عن استعادة ما فات و محاولة ربط الحاضر بالماضي القريب على الأقل والمرتبط خاصة بدورة 2004 بتونس. خداع مباراة فرنسا و التعادل 2-2 ظهر جليا مع بداية الأمور الجدية بأكرا ليكون الخروج المبكر المذل بعد هزيمتين واقعيتين، أمام غانا وغينيا بعد فوز فلكلوري على ناميبيا لم يكن له أي مفعول إيجابي. نسوق هذه الأمثلة القريبة جدا في محاولة لفهم محركات قرار جامعة الكرة باتفاق مع لومير على مواجهة جمهورية التشيك شهرا قبل انطلاق المرحلة الأخيرة من التصفيات الإفريقية، المؤهلة إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010، في وقت نجد أن خصومنا ومنافسينا في المجموعة الأولى يواجهون للمرة الثانية على التوالي منتخبات إفريقية. ودفعت حيرة روجي لومير من تذبذب العطاء و ضبابية الرؤية أن يقوم بتجريب عدد كبير من اللاعبين فوق أرضية الميدان، بعد أن تأكد من ضعف عدة مراكز حساسة في نظام اللعب المعتمد. واعترف لومير عقب نهاية المرحلة الثانية من التصفيات عند فوزه على موريتانيا 4-1 في آخر مباريات المجموعة الثامنة، معتبرا بأن العرض لم يكن جيدا وبأن مستقبل الفريق في التصفيات النهائية «غير مطمئن». وقال لومير «أنجزنا الأهم ببلوغ الدور الحاسم غير أننا لم نظهر بالمستوى العالي ونحن مطالبون ببذل مجهودات كبيرة، لبناء فريق قوي ومنسجم بإمكانه مجاراة الفرق القوية التي سنواجهها في الدور المقبل». وتأكد هذا التخوف في المباراة الودية التي فاز فيها المغرب أمام زامبيا خاصة على مستوى متوسط الدفاع ووسط الميدان الهجومي، مما فرض على لومير دعوة عدة لاعبين جدد خصوصا المتألقين أخيرا بمختلف الدوريات الأوروبية. وفرض تواضع متوسط الدفاع دعوة المدافع المخضرم طلال القرقوري القائد السابق للمنتخب بعد أن تراجع عن قرار اعتزاله اللعب الدولي، إثر خلافه الحاد مع المدرب السابق ميشيل و جانب من جامعة الكرة حيث قام لومير بتحدي فيتو مستتر ضد القرقوري، بعد أن جهر الأخير في خرجاته الإعلامية ببعض مكنونات أزمة كرة القدم المغربية. و استعان الطاقم التقني للمنتخب المغربي على الخصوص بمنير الحمداوي هداف ألكمار و الدوري الهولندي ب18 هدفا إلى جانب نبيل باها مهاجم مالقة وعادل تاعرابت لاعب توتنهام الذي وافق أخيرا على الانضمام للمغرب رغم جنسيته الفرنسية التي جعلت زميله عادل رامي مدافع ليل يتردد في القيام بنفس الخطوة. وتضم تشكيلة الأسود أمام التشيك 20 لاعبا محترفا خارج البلاد واثنين من اللاعبين بأندية محلية بعد أن كانت تضم في مرحلة أولية 32 محترفا، ثم استبعاد تسعة منهم في مرحلة تالية بسبب الإصابة أو اختيارات المدرب. بينما اعتبرت تصريحات الطاقم التقني المساعد بأن اختيار اللعب مع جمهورية التشيك يبقى مفيدا للأسود باعتبار توفره على لاعبين محترفين بأبرز البطولات الأوروبية يمتازون بالسرعة في الأداء، فإن أخبارا أكيدة تفيد بأن الاختيار قد وقع على هذا المنتخب الأوروبي بسبب قرار شركة الألبسة و الأدوات الرياضية التي تتعهد المنتخبين معا. وفرضت الشركة على جامعتي المنتخبين المتعاقدة معهما إقامة هذه المباراة الاستعراضية بالنسبة للشركة الألمانية في توقيت معتمد من طرف «الفيفا» حتى تساهم في ترويج منتجاتها وفق إستراتيجيتها التسويقية و الترويجية على حد سواء. ويستعد منتخب التشيك لبقية مشوار تصفيات المجموعة الأوروبية الثالثة حيث يحتل المركز الثاني برصيد 7 نقاط، وهو متأخر بنقطتين عن سلوفاكيا المتصدر وسيواجه يوم 28 مارس منتخب سلوفينيا بميدان الأخير بينما سيلعب المغرب أمام الغابون لكن أمور أخرى غير رياضية تحكمت في هذه البرمجة. وعكس اختيار التشيك المفروض تجاريا وتسويقيا، سيلتقي نفس اليوم منتخب الكاميرون مع غينيا بينما تلعب الطوغو ضد بوركينافاسو والمنتخبان معا ينتميان للمجموعة الاقصائية الرابعة التي تضم أيضا ساحل العاج و مالاوي. وواجه أمس الثلاثاء بضواحي باريس منتخب الغابون نظيره منتخب غامبيا الذي كان صاحب أكبر مفاجأة عرفتها التصفيات التمهيدية، بتعادله مع منتخب السنغال وحرمان الاخير من التواجد في المرحلة الأخيرة من التصفيات. وعلينا الآن أن ننتظر انتهاء المباراة الدولية الودية للقيام باستنتاجات أولية قبل الوقوف على مدى صواب الاختيار بداية من يوم 28 مارس أمام الغابون.