من يذكر ما كان قبل سنتين من الآن، من صدام عنيف بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وقد تمرد النظام الأساسي للجامعة على النظام المعياري للفيفا في إطار ما كان المنتظم الدولي قد ذهب إليه بعولمة اللوائح القانونية للجامعات، تخفيفا من حدة الصراعات التي كانت تفتعل داخل هذه الجامعات الوطنية ويطلب من الفيفا أن يكون الحكم الفيصل فيها. إصرار المشرع الوطني على عدم الأخذ بكل التبويبات القارة والمعولمة المنصوص عليها في النظام المعياري للفيفا، عرض الجمع الأول العادي الذي نصب السيد فوزي لقجع رئيسا للإلغاء الذي لا يترك أي مجال للنقض، فكان لزاما العودة إلى المختبر لصياغة النظام الجديد للجامعة بما لا يضيع روح التشريع الوطني وبما لا يقفز على الفصول الجوهرية في النظام المعياري الصادر عن الفيفا، وبعد الحصول من المديرية القانونية للفيفا على الضوء الأخضر، عقدت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم جمعها العام الإستثنائي أولا، فصادق على النظام الأساسي الذي حظي بقبول الفيفا، ثم عقدت ثانيا جمعا عاما عاديا أنهى زمن التفويض المرير ونصب لقجع رئيسا للجامعة، وكان من أكبر أوراش الجامعة الجديدة أن يفعل رئيسها السيد فوزي لقجع أهم فصل من فصول النظام المعياري للفيفا، ضمان تمثيلية كل أضلاع كرة القدم الوطنية داخل المكتب المديري، ليكتمل الهيكل ولتضمن كل المؤسسات العاملة تمثيليتها داخل مركز القرار. ومن دون تقدير للزمن الذي إحتاجه الوصول إلى ضم كل قطع الفسيفساء الكروي، فإن الرهان الذي يأتي وقد أصبح لكرة القدم الإحترافية عصبتها وكذلك الأمر بالنسبة لكرة القدم هواة، هو أن تتمثل الجامعة بكل هذه المكونات إستراتيجية جديدة لجعل الهرم الكروي يحترم مقاسات القاعدة والنخبة، الإحترام الذي يعني توحيد لغة العمل في تدبير هذا الهرم الكروي ومساعدته على أن يعطي ما هو مرجو منه. وكما إقتضت الضرورة ذات وقت ملاءمة القانون الأساسي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع النظام النموذجي المنصوص عليه في قانون التربية البدنية والرياضة من دون الإخلال بثوابت النظام المعياري للفيفا، فإن المشروع الإحترافي الذي يمثل أحد أكبر الخيارات الإستراتيجية لكرة القدم في العقد الثاني للألفية الثالثة، يقتضي من الجامعة أن تحل الكثير من الإشكالات القانونية والرياضية التي باتت تطرحها الإستعمالات الإحترافية في مشهدنا الكروي، ولعل أبرز هاته الإشكالات القانونية أننا نتحدث اليوم عن بطولة إحترافية أنديتها هاوية، إلى اليوم يعرفها المشرع على أنها جمعيات منظمة بقانون الحريات العام 58، كما أننا إلى اليوم لا نستطيع أن نفعل شيئا إزاء كثير من الأعطاب القانونية التي تأتي من الطبيعة الهاوية للتنظيمات الكروية وبخاصة من قانون المنخرط الذي يؤطر الأندية بشكل يفرمل كل المساعي للإستثمار ولجلب الكفاءات ورؤوس الأموال، برغم أن المشرع أورد صراحة عند حديثه عن الإحتراف في قانون التربية البدنية والرياضة 30 – 09 الشركات الرياضية كوجه من أوجه التدبير الإحترافي للأندية. وعندما تتوجه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى تحيين الترسانة القانونية المنظمة لكرة القدم في ما يعرف بالقوانين العامة، فإنها تطمح أولا إلى استلهام كثير من الفصول القانونية التي تقدمها الفيفا لتدبير الشق الإحترافي في الممارسة وتسعى ثانيا إلى تكييف الأنظمة مع المتطلبات التقنية لكرة قدم وطنية باتت متخلفة كثيرة في محيطها القاري، وتراهن ثالثا على خلق نوع من الحيوية في جيوب كرة القدم الوطنية لمواجهة كثير من حالات الإرتجاج التي تظهر في المشهد الكروي والمرتبطة بالشغب وبالعلاقات المتشنجة بين مكونات الأندية وبالضرب العلني للتوازنات المالية، إلا أن الورش الأكبر الذي يجب الإشتغال عليه، وما أظن أن السيد فوزي لقجع غافل عنه، هو الشركات الرياضية التي يراها المشرع مرتبطة إرتباطا عضويا بالمشهد الكروي الإحترافي، بل إنه يلزم كل ناد بلغ سقفا ماليا محددا في موازنته لثلاث سنوات متتالية بأحد الأمرين، إما أن يخلق شركة رياضية تتولى إدارة الفرع وتحصل على 70 بالمائة على الأكثر من الأسهم وإما أن يتعاقد مع شركة رياضية يفوت لها أمر تدبير الفرع المحترف بالإلتزام بالحصيص المذكور. ولعل الحاجة الماسة للخروج من كل المواجع التي أحدثها قانون المنخرط عندما أسيء إستعماله أو عندما جرى إختراقه بكل سفاهة إلى الحد الذي يجعل منه اليوم وقود الأزمة، تدفع جديا إلى العمل من أجل إطلاق هذه الشركات الرياضية بعد تحديد هويتها القانونية والجبائية وبعد دراسة الجدوى الرياضية من أجل أن تكون حلا للمعضلة لا أن تكون عاملا من عوامل تعقيد وتضخيم هذه المعضلة. ما طبيعة هذه الشركات الرياضية؟ ما هي ماهيتها القانونية والجبائية؟ وكيف يمكن أن نضمن نجاعتها لتحسين المردود الرياضي والمالي للأندية؟ ومن يكون رقيبا عليها وضامنا لحقوقها؟ وبأي شكل يمكن أن تحمي المشروع الإحترافي من الشطط المالي وتحمي الأندية من فقدان الهوية؟ هذه الأسئلة وغيرها لا بد وأن تحضر في النقاش الذي لا أعتقد أن السيد فوزي لقجع بحكم تكوينه الإقتصادي والجبائي ولشعوره بالدور الإستراتيجي الذي يمكن أن تلعبه للشركات الرياضية لدعم الرهان الإحترافي، سيتأخر في الدعوة إليه بتشكيل خلية من ذوي الإختصاص تختص بواحد من أكبر الرهانات، تاريخية وأهمية في حاضر ومستقبل كرة القدم الوطنية.