وامصيبة كحلة هادي ما عرفته مدينة سلا أصلا في القمة المحلية وقمة المهددين لا يمكن السكوت عنها للأمانة الإعلامية التي رافقت الحدث بمدلولاته اللاحضارية للمناصرة العدائية بين طرفين ساهما أصلا في إظهار الهمجية والنرجسية واللا خوف من أي جسم أمني ولا هم يحزنون.. ولست أدري من هيأ لهذه المصيبة التي زعزعت المدينة في كل الطرقات المؤدية من الرباط إلى ملعب بوبكر اعمار وبأعمار أكثرها من المراهقين وبوسائل عنف لفظية وحادة بالأسلحة البيضاء المخفية بشتى الوسائل الذكية دون أن يكترثوا للتدخل الأمني ولا للمارة التي أرعبت نفسيا جراء ما حدث من تهييج وتعنيف وتكسير ممتلكات الناس والدولة في سابقة لم تعرفها مدينة سلا على الإطلاق في تاريخ الجارتين على مستوى المناصرة الحبية من دون عنف، وما شاهدته بأم عيناي لا يمكن أن توصف الأحداث المرعبة التي عرفتها شوارع مدينة سلا، كما لو أنك تتخيل دراما الصراع القبلي بقيمة الهمجية التي لا يقبلها العقل ولا المنطق الكرة التي أصبح مرتعها يؤدي إلى الجنايات الحبسية. مع الأسف، لا أدري من هيأ لهذه الخطة الهمجية بسيولة بشرية مراهقة، ومن له المصلحة في زعزعة المدينة كرأي لابد أن تبحث عنه القوات الأمنية عبر تقارير ومحاضر الذين ألقي عليهم القبض لتأكيد لغز المصيبة التي حلت بالمدينة التي يتعشش فيها الإجرام كجزء لا يتجزأ من المشاكل الخطيرة التي تعرفها الأزقة القديمة والشوارع الراقية وكل المواقع الإستراتيجية والجغرافية بدون أمان مطلق وبدرجة تميز كبير لحضور السيوف والسواطير كسلاح رهيب نحو أي مار. مع الأسف، ليست هي هذه الكرة التي نريدها أن تكون على هذا النحو الغريب من دخول جسم العنف الذي لا يخاف من الأمن وقوات الردع مثلما حدث في السبت الأسود، وليست هذه هي الرياضة التي تعري حقا عمق مدينة كانت وما زالت مأسوفة عليها في طابع التنمية مع أنها في نظري مدينة النوم والأكل وملجإ استقرار الإجرام بامتياز. ربما كان هذا القيام المنهجي لتصفية الحسابات بين فئات المناصرين درسا تضطلع به وزارة الداخلية لتقديم خطة أمنية أكثر ملاءمة مع وضع المدينة التي يتسع تعداد سكانها لما يقارب المليوني من السكان الأكثر توافدا من جميع أنحاء المغرب، ومن يقرأ هذه الخلاصات سيتأكد لديه أن الإحصاء السكاني يعطي النتيجة على أن السلاوي الأصل يعتبر اليوم مثل الهلال الذي يطل كل شهر على المدينة للغزارة الكبيرة للهجرة المدنية والقروية. ربما كان هذا الإنبلاج لصباح السبت المرعب إيذانا لكيفية مواجهة هذا الصنف من الأجيال الخبيثة التي يفترض أن تعاقب بوثيرة من ألهبها لصنع الإنفلات، وإيذانا لسن قانون صارم حول حاملي السيوف والسواطير بلا رحمة وحماية رجال الأمن للدفاع عن أنفسهم وأولادهم بالقانون الذي يزكي لهم شرعية إستقرار الوضع، الأمن أبينا أم شئنا ضرورة للإستقرار وتأمين حياة وممتلكات الناس والدولة، وربما وصل خبر سبت سلا الظلامي إلى وزارة الداخلية علها تبحث عن أجوبة هذا الجيل الذي لا يخاف منها بعد أن يكون قد تجاوز الخط الأحمر للتربية داخل المنزل والمدرسة دون أن يخاف من والديه ولا أساتذته أو حتى الذين يناصرون من الأميين الذين فصلوا عن التعليم. المصيبة هي أن مكونات هذه الفئات هي من مجتمع متكامل بين الأمية والفقر وحتى من الأسر الواعية، والمسؤولية الكبرى يتحملها آباء وأولياء من تركوا لأبنائهم الحرية المطلقة في العبث بممتلكات البيت قبل أن يعيث في المارة وممتلكات الناس فسادا، والمصيبة أن يعادي أخاه وصديقه وأباه وأمه وأخته هو مشروع مجرم. والنتيجة واضحة وبحاجة لمشروع وخطة عاجلة لمعرفة عمق المشكلة الإجتماعية التي تنفجر من الكرة دائما وكيفية تدبير هذه المصيبة التي تنبثها أيادي خفية. نهاية، لن تكون هذه المصيبة منتهية لأنها انطلقت من سلا وسيكون وراءها تبعات مباراة الإياب لحسابات شخصية أو جماعية، مع أن واقع الجريمة بسلا في موضوع واسع النطاق هو ما يمكن أن تدبره السلطات بالوعي والتعبئة الشاملة.