قمة القمم ولقاء الألفية الثالثة بإمتياز، صدام الرعب ومباراة ممنوعة على مرضى القلب والشرايين.. النسور واصلوا لعبة الإرتقاء للصدارة بالتداول، وأمامهم فرصة تاريخية للقبض على اللقب العاشر والثاني على التوالي دونما إنتظار لما قد تحمله الأخبار القادمة من البيضاء، والجيش الملكي أنهى كل إلتزاماته دونما بلوغ هدف معين والإنتصار على الرجاء أو حتى فرملته يعادل لقبًا للأنصار.. مباراة مثيرة وقمة تحمل الرقم 102 بين كبيرين بأهداف متناقضة؟ حين يذكر إسمي الجيش والرجاء، فإن ذلك يعني كبيرين داخل الساحة، غريمين من عيار ثقيل وهرمين بخزانتهما ما يزيد عن 20 لقبا من أصل 55 الممكنة.. الجيش بزعامته المشهودة الموثقة ب 12 لقب للبطولة، والرجاء جاء ب 9 تتويجات ويسعي حثيثا لردم الهوة بينه وبين العساكر وحتى الوداد. مباراة قرن كاملة الأوصاف ونهائي معه ملامح الدرع ستظهر بصورة بارزة، لقاء قد يحدد مصير البطل، بنسور تملك مفاتيح بلوغ البوديوم بين يديها وعساكر يتوعدون بقلب الطاولة وخلخلة الحسابات والأرقام. اللقاء الحامل لرقم 102 هو مباراة خارج تصنيفات التحليل، لقاء يشد الأنفاس حتى في الأزمنة العادية التي لا يكون الفريقان معنيان خلالها بتحد من نوع خاص، فما بالك إذا كان اللقاء متزامنًا مع محطة ختامية لإسدال الستارة على بطولة مجنونة لم تبح بأسرار البطل ولا النازل الثاني، ثم تزداد قيمة القمة وهيستيرية الصورة والمشهد إذا ما استحضرنا ذكريات وصراعات شيقة من الطرفين، وعلى ضوئها يستحضر الأنصار سيناريوهات الأمس الخالدة والتي لم ولن تنسى.. الرجاء على بعد خطوة من اللقب رقم 10 والجيش عبأ جميع عناصره من أجل خوض نزال محسوب على أنه لقاء الموسم الذي به ومن خلاله سيتصالح مع محيطه وأنصاره.. قيمة النزال الكبير تجد صداها ومغزاها أيضا في كون أطراف أخرى ستترصد الموقعة وعيون خارجية ستراقب ما الذي سيحدث في المجمع الأميري مسرح المعركة الكروية. يدرك الرجاء الذي استعاد شاهد القيادة من الغريم الأزلي الوداد في الجولة الماضية لن يلوم إلا نفسه إن هو أضاع اللقب وإن هو فرط في درع ترامى ليصل بين يديه ولو أن الخصم ليس بالعظم الطري ولا الطرف الهين الذي يسهل القفز على حواجزه. النسور في محطة العبور بالرباط واللقب على بعد مسافة قريبة جدا مشروط بالفوز والإنتصار دون انتظار لهدايا وخدمات أي كان، والعساكر يلعبون لقاء الكرامة، مباراة الكبرياء والإنتصار للتاريخ الكبير المرصع بالتيجان والوشاحات الذهبية. لا يريد، بل لا يفكر حتى مجرد التفكير الجيش الملكي في أن يكون الجسر الذي يوصل الشياطين الخضر لجنة الأحلام، ولا يتصور الأنصار أن يسعد الرجاء بلقبه في قلب المجمع الأميري في مشهد يحمل من الإيحاءات ما يخدش كبرياء جماهير الجيش ويدعوها للخجل في إطار صراع الزعامة والتباري المرتبط بالأفضلية ومن هو الأحسن. الجيش أيضا ينظر للمواجهة على أنها تعنيه ولا تعني طرفا آخر لأنه لا يريد أن يقدم هدايا لأي كان بصيغة مباشرة، والضيوف الثقال سيحطون رحالهم بالعاصمة على أمل تطويع الكتيبة وغزوها بشكل يجعل العملاق الأخضر ينسف أحلام المتطلع المتطلعين لسقطته ويرسم بالتالي ملحمة كبرى في خاتمة المسك. جميل جدا، بل هو مظهر صحي من مظاهر بطولة حيرت الجميع، هل هي بطولة قوية، أم أن الفلتات التي تحضر بين الفينة والأخرى لا يمكنها حجب الشمس الساطعة التي تقول بأنها لازالت لم ترتق بعد لمصاف البطولات الجارة الأكثر لمعانا وحدة. موسم (2003) (2004) حيث الصدام الكبير الذي حكم على الجيش ومناصريه بلحظات انهيار عصبي وهم يشاهدون كيف طار منهم اللقب في الدورة الأخيرة لصالح الرجاء بعد أن فاز الأخير بالقنيطرة وتعادل العسكر ضد الكوكب، بعدها وبالضبط (2004/2005) الفريق العسكري رفقة ذات المدرب محمد فاخر وبجلاد انبعث من جسد الرجاء وأبى أن يساهم في وصلة من وصلات العذاب لأنصاره وهو محمد أرمومن سيقلب مشهد الفرح إلى قداس أحزان رهيب بقلب مركب محمد الخامس من خلال فوز أنطولوجي كبير ولقب رقم 11 يدخل ريبرتوار الجيش، وهذه المرة نفس المشهد يتكرر مع فارق بسيط وهو أن الجيش لا يملك ذرات واحدة من الحظوظ للتتويج ، بل الرجاء هي من تقف على أعتاب الجولة حاملة الحلم باليمين والكوابيس بيسارها ومصيرها بأقدام لاعبيها، لكن أيضا بأقدام لاعبي الفريق المنافس وكأن صورة الرعب تأبى إلا وأن تحضر كلما تعانقا الكبيران في خاتمة البطولة. دون أن يكون هناك من داعٍ لاستحضار حصيلة وتموقع الطرفين في جدول الترتيب المعروف لدى الخاص والعام، ولا للحسابات التي تقود أحدهما أو كليهما لتحقيق المراد، فإن الأهم داخل معادلة الصدام هو المحصلة النهائية والتي لن تتم إلا بتظافر وتعبئة فريدتين. العامري أراح لاعبيه الذين تحصلوا على ثلاثة إنذارات ضد الوداد الفاسي تحسبًا لهذه المواجهة الحاسمة، والرجاء الذي هزم القرش المسفيوي وتلقى هدية العبدي الغالية بدوره يعول على كومندو خاص سيتم تجنيده لحفر الخنادق وتشييد المتاريس وتهيئة الألغام أمام العسكر.. إطار وطني إسمه عزيز العامري الذي يريد، بل يسعى لتجديد ارتباطه بالفريق عبر بوابة ملحمة تذكر برباعية الموسم الماضي والغزوة الرمضانية الشهيرة، وثعلب برتغالي إسمه جوزي روماو يريد تاجه الثالث والثاني على التوالي ليحفر مجددا ويسطر إسما ذهبيا للوافدين من الأطر الأجنبية من الضفة الأخرى. الصالحي الهداف الجديد في مواجهة الصومعة بويزكارن ووادوش مرعب الرجاء في لقاء مباشر وحوار مثير ضد جريندو ويذكر بالذي كان، وثنائيات أخرى من قبيل (فلاح/الزروالي) (بوعودة/متولي) (النقاش/سيري ديا) (شهاب/نجدي) (الراقي/فتاح).. قطع شطرنج عالية الجودة ستقود حتما لمعرفة وانتظار مباراة ربما هي الأروع والأكثر جاذبية هذا الموسم وقد تنفض غبار الغبن عن مدرجات الملعب الأميري. الآذان على الرباط والوداد ينتظر خدمة بطابع عسكري خالص، والرجاء العالمي لا يعبأ بكل الضغوط النفسية المفروضة على أكتاف لاعبيه ويثق في قدرته على الوصول لضفة الحلم بمفرده. كم هي مرعبة مواجهة الطرفين وعسيرة فصولها على الأنصار.