كان حدثا أن يطل أول حكم (أجنبي) على البطولة الوطنية هذا الموسم بهوية مغربية ولكن بتكوين وثقافة فرنسيتين. الحكم الدولي سعيد النجيمي الذي لبى دعوة الجامعة للحضور إلى المغرب وإدارة أول مباراة له في وطنه الأصلي، لازمته «المنتخب» من لحظة وصوله إلى لحظة إنتهائه وهو أسعد الناس من إدارة مباراة الوداد الفاسي والجيش الملكي.. وسجلت هذه الإنطباعات التي تختلط فيها مشاعر السعادة والإعتزاز بالإنتماء لهذا الوطن الكبير .. كيف ولج سعيد عالم التحكيم؟ «كنت منذ صغري أمارس لعبة كرة القدم مع فريق الحي بفرنسا والذي كان يلعب به أخي وفي كثير من الأحيان كان يطلب مني الزملاء أن أقوم بدور الحكم، ومع مرور الوقت أصبحت حكم الفريق لأن العصبة تلزم كل فريق أن يكون لديه حكما، وهكذا عندما بلغت سن 17 سنة طلب مني إن كنت أرغب في الحصول على الرسمية كحكم بالعصبة ووافقت على ذلك، واليوم أنا حكم دولي وهذا يشرفني ويشرف بلدي الأصلي المغرب». وأنت حكم في بداية المشوار هل كان تعيين سعيد بلقولة رحمه الله لقيادة نهائي كأس العالم بين فرنسا والبرازيل حافزا لك على الذهاب بعيدا في مجال التحكيم؟ «بالفعل المرحوم سعيد بلقولة أعطى نفسا جديدا لمجال التحكيم المغاربي بفرنسا، وكان الشعور قويا بالنسبة لي خاصة وأنه نجح في إدارة هذا اللقاء وترك سمعة طيبة للتحكيم المغربي ومن خلاله العربي والإفريقي، إنه شيء لا ينسى أدخل التحكيم المغربي تاريخ كرة القدم العالمية». التكنولوجيا الجديدة في عالم التحكيم مثل الفيديو، هل أنت معها أو ضدها؟ « أنا ضد هذه التكنولوجيا واستعمال الفيديو.. لقد جربت إدارة المباريات ب 5 حكام، إلا أنني أظن بأنه علينا أن نترك اللعبة على ما هي عليه، بكل إيجابياتها وسلبياتها ليبقى ذلك التشويق، والخطأ هو إنساني ويجب أن نحترم المتفرج حتى تبقى حلاوة اللعبة.. كرة القدم أو الرياضات قيمتها وحرمتها في حلتها الحالية دون تطويرها بالتكنولوجيا الحديثة التي قد تفسدها وتحولها إلى رياضة آلية..». هل يتطلع الحكم سعيد لأن يكون ذات يوم حكما بكأس العالم؟ «هذا طموحي، وإن كنت أسجل للأسف أن 8 أو 10 حكام هم الذين يتم اختيارهم لكأس العالم، ما يعني أنه أمامي 9 سنوات لأبلغ 45 سنة، أي نهاية المشوار . بالنسبة لكأس العالم الحالية فقد تم اختيار حكم فرنسي، وعلي العمل بكل جدية حتى أحصل على النقط وأكون في المستوى العالي ليتم اختياري حكما في كأس العالم 2014، صادقا أتمنى ذلك، لأن حلم كل حكم هو الحضور في هذا العرس الرياضي الكروي العالمي « ياربي يكون عندي الزهر». ماذا يمكنك أن تقول عن التحكيم المغربي؟ «بكل صراحة الحكام المغاربة يتواجدون في كل التظاهرات العربية والإفريقية، وحتى في كأس العالم، هناك حكام يقودون لقاءات النهاية في كؤوس عربية وإفريقية وهذا دليل على أن التحكيم المغربي بخير مقارنة مع الماضي.. التحكيم المغربي تطور بطريقة كبيرة وذلك ما إستنتجته خلال مشاهدتي للمباريات عبر التلفزة، اليوم هناك مشروع الإحتراف للاعبين سيصاحبه احتراف في مجال التحكيم، وهذا شيء مهم جدا سيعطي مكانة أخرى للتحكيم المغربي بخروجه من الهواية للإحتراف..». سعيد ما هو شعورك وأنت تتواجد بفاس لقيادة مباراة الوداد الفاسي والجيش؟ «ماذا عساني أن أقول، إنها الفرحة الكبرى، حلم تحقق وسعادة بدون حدود.. إسمع أخي، أمي باعت كل ما لديها من أجل أن تأخذنا للديار الفرنسية، اليوم ها أنذا أعود للمغرب رفقة أمي وأخي ليجلسا في المنصة في وطنهما وينظران إلى إبنهم وهو يقود مقابلة في كرة القدم ليس في بطولة فرنسا ولكن في بطولة هذا الوطن العزيز ، في وطني الذي ولدت في تربته الطاهرة، لقد حققت أغلى أمنية وأنا أحمل الصفارة وأعطي الإنطلاقة وأمي وأخي وأسرتي في الملعب يتابعونني الحمد لله وأشكر كل الذين ساعدوني على ذلك..». كيف تم إخبارك بهذا التعيين؟ «عندما زرت المغرب في عطلة لمدة 15 يوما كان لي لقاء مع العديد من الأصدقاء والمسؤولين والصحافيين، من بينهم السيد أحمد غيبي الذي قال لي بأنه شرف للمغرب أن يكون حكم مغربي بالبطولة الفرنسية وعبرت له عن إستعدادي لقيادة مباراة بالمغرب، وحصل لي هذا الشرف، وقدت المباراة بشكل طبيعي جدا بفضل تفهم وتعاون اللاعبين. لدي أفكار يمكن أن أطبقها بالمغرب، فأنا لي تجاربي، وسأكون دائما سعيدا بالعودة إلى المغرب لإدارة المباريات بخاصة بعد أن يدخل المغرب عهد نظام الإحتراف. هل راودك حلم أن تقود مقابلة بالبطولة المغربية؟ «إسمع يا أخي، كل مغربي كيف ما كان نوعه أو تكوينه أو انتماؤه، حلمه القوي والكبير هو أن يتواجد بالمغرب سواء كان ممثلا، فنانا، مثقفا، رياضيا أو سياسيا. كل منا يحتاج لما يصله دائما بوطنه ويقوي إعتزازه بهذا البلد حتى لو عاش 100 سنة في أي بلد كيفما كانت قيمته وحجمه، البلد الوطن يبقى في القلب، في الدم وفي الشعور اليومي، الحمد لله عدت إلى وطني لأقدم عملا رياضيا، شكرا لكل الذين ساعدوني على تحقيق هذه الأمنية الغالية..». هل تستطيع عقد مقارنة بين التحكيم الفرنسي والمغاربي؟ « قوانين الفيفا واحدة، والهدف واحد، سواء في فرنسا أو المغرب، يبقى الفرق فقط في عقلية المتتبع والمتفرج... المغاربة شغوفون بكرة القدم، يحبون الرياضة عكس فرنسا..». ماهي أحسن مباراة قدتها في مشوارك الرياضي كحكم؟ «أعتز بكوني قدت المباراة الدولية الحبية التي جمعت كلا من المنتخبين الإيطالي والكامروني والتي احتضنها ملعب موناكو بفرنسا، كانت مباراة من مستوى عالي وكشفت لي كحكم مستوى اللاعبين الكبار الذين لا يحتجون وكل همهم هو الكرة وليس الحكم، ترتاح أكثر وأنت تدير مقابلة من مستوى كروي عالي واحترافي..». ما هي المراحل التي يقطعها الحكم بفرنسا لبلوغ الدولية؟ «هناك 15 سنة من الممارسة، ينطلق الحكم من العصبة، تم يصبح حكما جهويا وبعدها حكم وطني ثم حكم دولي ، حيث أن العشرة الحكام الأوائل يصبحون حكاما دوليين من المستوى الأول، وذلك يتم من خلال التكوين المستمر، حيث أنه كل شهر يحضر معنا مكون لثلاثة أيام ونقوم بتحليلات من خلال الفيديو للتركيز على الأخطاء كثلاثي، ثم هناك التداريب مع مدرب إحترافي يراقب التوقيت واللياقة البدنية إضافة لطبيب يعرضنا باستمرار على المراقبة..». هل هناك مساعدة من الإتحاد الأوروبي لكرة القدم لدعم التحكيم الفرنسي؟ «بفرنسا هناك تحكيم إحترافي، المسؤولون عن التحكيم لهم إمكانياتهم المادية، ورغم ذلك هناك مساعدات على مستوى التكوين، إذ تنظم ندوات، حتى على مستوى المغرب هناك شراكة في موضوع التكوين، إذ يشرف حكام على ندوات لتكوين الحكام ومراقبي المباريات، لا بد من التكوين المستمر إذا أردنا تطوير التحكيم بالمغرب ليكون في مستوى رهان الإحتراف..». سعيد وأنت تقود مباراة يتواجد بها لاعبون مغاربة بالبطولة الفرنسية، هل يكون لك إحساس خاص إتجاه هؤلاء اللاعبين؟ «قبل بداية المباراة نصافح بعضنا، إما هم الذين يأتون عندي أو أنا الذي أذهب عندهم، نتكلم بالعربية لأننا نحاول أن نظهر عضلاتنا اللغوية بالعربية، وهذه المسألة كثرت في السنوات الأخيرة وأصبحت لها أهمية كبيرة.. عندما أعطي إنطلاقة المقابلة الكل يصبح واحدا أمام القانون وعند نهاية المباراة نعود ونتكلم بالمغربية من جديد، نضحك على أمل أن نلتقي في وجبة غذاء، أو سهرة مغربية، ويبقى الإحتراف سيد العلاقة بيننا..». ماهي المباراة التي تتمنى أن تقودها في البطولة الوطنية مستقبلا؟ «نظرا لقوة مباراة الديربي التي تجمع الوداد البيضاوي بالرجاء البيضاوي فإن أي حكم في العالم سيسعد بإدارتها ، اليوم أدرت لقاء الواف والجيش، أتمنى أن أكون قد وفقت في كسب الثقة لأعود ذات يوم إلى بلدي، ولما لا حكما للديربي..». ما هي رسالتك إلى أصدقائك الحكام المغاربة؟ «على الحكم أن يكون متواضعا، أن يعمل بجدية، أن يؤمن بعمله ويتفانى في الإجتهاد، وبعد ذلك يمكنه أن يكون حكما في المستوى العالي، ويمكنه أن يطل أيضا على الدولية. إن كل حكم يجتهد ويعمل بقلبه دون غش ودون نفاق يمكنه أن يصل إلى الهدف، فعلى جميع الحكام أن يحكموا ضميرهم ويفرضوا شخصيتهم، في الأخير أتمنى أن يعود المنتخب الوطني لمستواه الكروي الذي كان عليه سنة 86..». - ورقة تعريفية: الإسم: سعيد النجمي العمر: 36 سنة المهنة: محاسب 20 سنة من التحكيم 5 سنوات كحكم في القسم الأول بفرنسا حصل منذ سنتين على الشارة الدولية من الفيفا. متزوج وأب لطفلة أدار عددا من المباريات الدولية لمنتخبات أوروبية وعالمية.