بعد المحك الأول الذي حمل بعضا من أفكار الناخب الوطني والتي جاءت مفاجئة في بعض صورها، أمام المنتخب الأوكراني تحضر اليوم ودية سلوفاكيا والتي ستكون وحدة قياس جديدة لمدى جاهزية الأسود للمونديال. ولئن حملت المواجهة الأولى بعضا من الملامح الإيجابية والأخرى السلبية، فإن أكثر من سيشكل الهدف من مواجهة السلوفاك هو إستعادة النجاعة وتقديم إشارات مطمئنة على مستوى الفعالية الهجومية والتي تؤرق البال منذ فترة. رونار والتمويه لا يريد أن يكون هيرفي رونار كتابا مفتوحا لمنافسيه يقرؤونه دون وجود شفرات تعيقهم، لذلك عمد خلال المواجهة الأولى لتغيير العمق والمضمون قبل الشكل من خلال إعتماد نهج تكتيكي مخالف تماما لذلك الذي أبحرت به سفينة الأسود في التصفيات المونديالية. ولم تكن المراهنة بثلاثة لاعبين في عمق الدفاع بالخيار العبثي ولا هي مغامرة غير مقدرة ولا محسوبة العواقب من طرف المدرب وإنما كانت مقصودة الغاية منها تمويه منافسيه وجرهم للحيرة قبل مواجهته في مباريات المجموعة الثانية. ولأننا تابعنا منتخبات إيران والبرتغال وإسبانيا تلعب بتشكيلها القاري وخطتها الإعتيادية فإن الناخب الوطني خالف التوقعات ولعب بشكلين مغايرين في مواجهة أوكرانيا وغايته هي تمويه منافسيه وإرباك بعض من قراءاتهم لطريقة لعب الأسود الأمر الذي لم يثمر خلاصات واضحة بخصوص أسرار الفريق اوطني لمن تابعه في مواجهة لم يبح فيها بكامل أسراره. آخر فرص التجريب قطعا ينظر رونار لهذه المواجهة على أنها فرص التجريب والمباراة التي ستتيح امامه الدفع بكافة العناصر التي شاركت معه في المعسكر التدريبي لأن المباراة الثالثة أمام المنتخب الأستوني والتي سيسدل بها الستار على التحضيرات سيعتمد فيها ومن دون شك على التركيبة الأساسية التي ستعلن ظهورها في المباراة الإفتتاحية أمام المنتخب الأوكراني. لذلك ستكون مواجهة المنتخب السلوفاكي واجهة لتجريب بعض العناصر التي لم تحظ بفرصة الظهور أمام أوكرانيا والحديث هنا لا بد أن يشمل اللاعب أإيوب الكعبي الذي على رونار منحه خيزا زمنيا معقولا مثل الذي أتيح أمام بوطيب وبوحدوز من أجل تقييم موضوعي وعادل لادائه وقدرته على لعب الأدوار المنتظرة والمتوقعة منه في المونديال. ولربما كانت أيضا المواجهة فرصة لإختبار اللاعب بدر بانون بعد أن نال كل أقطاب الدفاع فرصة الظهور في مواجهة أوكرانيا الأولى. بين منديل وحكيمي من بين المراكز التي مازالت تثير الحيرة ولم يعثر لها رونار على حل لغاية هذه المواجهة، مركز الرواق الأيسر وهو ما فسرته نوايا المباراة الأولى وكيف قسم الشوطين بين منديل الذي بدأ المواجهة و حكيمي الذي أنهاها. وبين اللاعبين ونسبة المفاضلة التي لا تحضر بفارق كبير بين اللاعبين، ستمثل هذه المواجهة المحطة الأبرز لقراءة أفكار الناخب الوطني من خلال اللاعب الذي سيشغل هذه الجبهة في المونديال. كما سيعود نبيل درار لموقعه الأصلي في الرواق الأيمن بعد الغياب الإضطراري عن مباراة أوكرانيا للإصابة الأمر الذي ينتج أمامنا متابعة التشكيل الرسمي المتوقع ظهوره أمام إيران في الجولة الإفتتاحية. كما يلزم رونار التفكير الجاد في منح الفرصة للاعب فيصل فجر الدينامي بشكل أكبر على حساب بلهندة مع إعتماد اللاعبين زياش وحاريث دفعة واحدة كما حدث خلال الجولة الثانية أمام أوكرانيا. النجاعة أولا إطمأن الجمهور المغربي منذ فترة طويلة على صلابة الدفاع الذي عكسته أرقام التصفيات وعدم استقباله لأي هدف، إلا أن ما لا يثير الإطمئنان هو النجاعة الهجومية التي تشيع الثقة. ولم يظهر اللاعب بوطيب بالشكل القوي المراهن عليه إذ كان حكيم زياش هو مصدر الخطر والتهديد الصريح لدفاع ومرمى المنافس بعد العزلة التي غرق فيها قلب هجوم الأسود وقلة الإمداد بسبب الكرات القليلة التي وصلته. وحتى البديل عزيز بوهدوز لم يكن فعالا ولا بالخطورة المرجوة منه، ما يفرض على رونار تعديل الأوتر والشكل الذي يلعب به وإمكانية الدفع برأسي حربة دفعة واحدة وهو الأمر الذي يلزمه بإجلاس داكوسطا والعودة لثنائية بنعطية وسايس والتي كانت موفقة طيلة مشوار التصفيات. التهديف وبلوغ مرمى المنتخب السلوفاكي هو الهاجس الذي يحرك رونار خلال هذه المباراة أمام منافس أوروبي يشبه لحد ما في طريقة أدائه المنتخب البرتغالي . إذن هي موعد وبروفة ثانية من البروفات السويسرية التي تدخل لاعبي الفريق الوطني صلب الموضوع والمؤمل أن تأتي بالثمار المرجوة منها وأن تعزز من منسوب الثقة والقدرة على إختراق المنافسين خاصة.