حين كان بصير وكماتشو وباقي الرفاق يدكون شباك إسكتلندا بسانت إتيان الفرنسية ويتعرضون لمؤامرة شارك فيها البرازيل والنرويج، فإنه لم يكن يومها الفتى أشرف حكيمي قد أبصر النور بعد في وقت كان آخرون من أيت بناصر لرومان سايس وأمين حارث فحكيم زياش على درب الحبو لا يفقهون في شؤون الكرة شيئا. ولئن كان جيل الباكالوريا الحالي من أبناء الشعب المغربي سمعوا عن أسود المونديال ولم يرمقوها بطرفي العين، فإن نفس الجيل الذي يقوده أشرف حكيمي بعرين المنتخب المغربي اليوم لم يتمل بنفس المشاهدة ولا حتى هو خبر عنها شيئا. بعد ليلة الأنس الحالمة والقبض على الفهد الغابوني وافتراسه بأنياب بوطيب، بدأ الحلم المونديالي يكبر ويتماهى في سماء الأسود ومعه بدأ الوصال يدنو ويرنو لعرينهم بعد قطيعة عقدين كاملين. سيكون من الظلم لو ترحل كوت ديفوار للمونديال ولا نرحل نحن، وسيكون من البؤس لو تخاصمنا الجولة الختامية كما خاصمتنا بالسينغال ورادس وحرمتنا من زيارة كوريا و اليابان وبعدها ألمانيا. ما وقع عليه المنتخب المغربي في تصفيات المونديال يخوله شرعية أن يكون واحد من السفراء الخمسة لقارة السمراء في المحفل المونديالي، بشهادة الأرقام التي لا تتجمل ولما حمله الأداء من هلامية في محطتي ماليوالغابون هنا على الأرض وفي ضيافة الأنصار. الروح الإنتصارية العالية للاعبي المنتخب المغربي أمام الغابون والإصرار الكبير الذي أظهروه وإرتقاء الأداء بالتدريج والإستقرار البشري الذي إنتصرت إليه قناعات هيرفي رونار بأن حافظ في آخر 3 مباريات على نفس التوليفة، معطيات تبشر بالخير قبل رحلة الألغام صوب كوت ديفوار وتبدد كل المخاوف وتعزز اليقين في قدرة هذه المجموعة ليس على إقتسام النقطة مع الفيل الإيواري فحسب، بل في إقتلاع أنيابه وفي أرضه. هكذا شاءت تصاريف هذه المجموعة أن تحملنا الجولة الأخيرة لمباراة عاصفة ومباراة نارية لا تقبل أنصاف الحلول من المضيف، مباراة تقرير المصير التي نحتاج فيها ومن خلالها للنقطة الذهبية التي تذهب بنا لساحة الكرملين ويحتاج فيها صاحب الأرض للنصر ولا شيء سواه. ما وقع عليه لاعبو الفريق الوطني أمام الغابون تحديدا وهي المباراة الأكثر مثالية لهم منذ تولي هيرفي رونار زمام القيادة، وتفوقت حتى على سداسية مالي بما شاهدناه من ضغط عالي ومن خنق لأوصال المنافس ومن تشييد للخنادق وتضييق للمساحات بوجه رفاق أوباميانغ لدرجة أنهم لم يقووا على التنفس وضاقت بهم مساحات مركب محمد الخامس، يعزز يقيننا في قدرة هذا المنتخب الذي ما زال يغرف من روح أوييم على أن يبلي البلاء الحسن بكوت ديفوار ويكرر مع هذا المنتخب ما فعله معهم بالكان الأخير حين كنا بنفس الرواق، نحتاج لتعادل كي نمر فلم نقنع بالنقطة وربحنا بصاروخية عليوي ثلاثة بدلا عنها. وحين يحضر مدرب بكاريزما الثعلب رونار و بجرأته المبالغ فيها أحيانا على مستوى الإختيار و إناطة الأدوار الغريبة باللاعبين كما فعلها مع حكيمي وتفوق نسبيا، فإن الأمل يكبر كون الأسود في رعاية ثعلب ماكر وثانيا لرغبة رونار هذا في أن يلقن الإيفواريين الذين غادرهم حزينا درسا ثانيا بعد صفعة أوييم الشهيرة. إنه مونديال حكيمي وحارث وزياش وبوفال وطنان لتوثيق شهادتهم العالمية وتعزيز سجلات ممارستهم بمسابقة كونية رفيعة، ومونديال بنعطية وبوصوفة والأحمدي كي يعلنوا خروجهم المشرف بعد سنوات من العطاء الغزير لا يليق بها إلا أن تختم بالختم المسك وهو التواجد في حضرة الكبار بالمونديال.