لم أكذب على الإطلاق في التحليلات الخاصة بإزدواجية الطوسي لعمله مع المنتخب والجيش معا، وقلت أن المنتخب الوطني هو مشكلة عميقة وكبيرة أكبر بكثير من وضع الجيش كفريق مدينة، وقلت أيضا أن توابل الفريق الوطني فيها الصالح والطالح، ومستلزمات يصعب تدبرها بالصرامة اللازمة لإيجاد التوحد الخالص في التواصل والتلاحم والإيمان برجال المعركة والمرحلة معا.. وقلت أن مهمة الإزدواجية بين المنتخب والجيش مضيعة للوقت في الإتجاهين معا وفي سياق البحث عن الثقة المطلقة بين المهتمين، والطوسي أضاع وقته مع الجيش على حساب منتخب بدت علامات تيئيسه حاضرة بملابسات وطاعون الرفض بمقارنات مختلفة لبعض المحترفين، وفي سياق كلام غليظ محموم بالعجرفة والمساءلة والتشفي وخاصة من لدن تاعرابت الذي أزبد وأرغد في التناقضات بين الحب للوطن والرفض الآخر لحمل قميصه والتدخل في إختيارات الطوسي وضرب أعضاء الجامعة.. فضلا عن حياكة دقيقة لتفاصيل رفض تدريجي لوجوه أخرى عبرت في السابق عن صعوبة الحضور بالفريق الوطني لأسباب عدة وربما لالتحامها المطلق عما نسميه بالتحالف حول عدم حضور كل من خرجة وبوصوفة والشماخ وحتى بصير في التشكيل الحالي، وعلى هذا الأساس كنا ننبه الطوسي كناخب أن يتولى مسؤولية الفريق الوطني بلا أجندة فكرية وتقنية إضافية للجيش، وربما أضاع وقته في المهمتين بعيدا عما يعرفه هو من تصدعات سابقة بالفريق الوطني ليسقط فيها أيضا في أكبر المشكلات التي لا يوجد لها حل مع تعاقب المدربين. اليوم يوجد الطوسي أمام محنة إختيارات هو المسؤول عنها شخصيا في الكأس المقبلة.. ومسؤول عن تصدعات نزلت عليه من حيث لا يدري أمام التصريحات النارية والباردة لبعض من يعتبر نفسه فوق الجميع، أو من تُتَفَّهم وضعيته بناديه، أو من لا يقدرون إختيارات المدرب، ويعتبرونه مأمورًا من الجامعة، والطوسي يعرف جيدا هذه المعركة التي أبعد فيها سابقا كلا من تاعرابت وبصير وخرجة وبوصوفة والشماخ لأسباب مختلفة، ويعرف عَدْواها وما يمكن أن يؤثر ذلك على المجموعة حتى الآن من ردود فعل شيء لقميص الوطن. ولذلك، كنت أقول دائما أن المنتخب قوة أكبر من النادي، والعمل بالمنتخب يتطلب مشروعًا كبيرا بأجندة زمنية وبرجالات مرحلة تكبر فيهم الثقة بالوطن أكثر ممن يتلاعبون بمشاعر الشعب، وبكاريزمية مدرب يصادر هذه الترهات بالرزانة والصرامة اللازمة لكل من تثبت فيه سوء النية وغياب الشعور بالقميص الوطني.. والطوسي يدرك قيمة هذه المعركة المريرة لمواجهة لوبي المحترفين ككل سواء من أوروبا والبطولة الوطنية أيضا.. ولا يمكن أن نقبل بهذه المزايدات الرخيصة التي تنزل كلما إقتربت الأحداث المراهن عليها لرفع صورة المغرب عاليا لا بإنزاله بوضاعة من يبيع الوهم للمغاربة من أشباه محترفين صبيان، وهذا ما كنت أنبه إليه دائما من أي رجل يأتي لقيادة المنتخب لتطهير محيطه كليا ولو آل الأمر لبناء فريق وطني جديد من بطولة وطنية قوية مع استثناءات قليلة لانتداب محترفين لهم حس وطني قوي وغير متكثلين بالتآمر، ولكن متكثلين بمبدإ قيمة الشعور الوطني والإستثناء الرجولي، لكن بناء الفريق الوطني من البطولة ينسجم تدريجيا مع تطور الإحتراف واللاعب المحلي في مهاراته ونضجه، ويتطلب وقتا طويلا مفروض أن لا نغامر به سريعا في الدولية.. المسألة إذن تبدو صعبة في توحد المجموعة التي سيختارها الطوسي لمعارك جنوب إفريقيا، لكن سهولتها تمر عبر اجتماع خاص بمكونات المنتخب على أن من يحمل القميص الوطني يمثل استثناء بطوليا لا استهتاريا، ومن واصل ذات التمرد دفاعا عن الغائبين سيعجل برحيله حتى وإن اقتضى الأمر بخلق فريق وطني آخر، ومن جسد التكتل التواصلي الإيجابي والعناقي بين من يلعب بالخارج ومن يلعب بالمغرب سيقدم لبلاده أفضل صورة في التجاوب العملاق.. والطوسي مطالب بخلق أجندة سيكولوجية وخطابية مؤثرة ليرقى باختياراته نحو الأفضل ودون تفضيل هذا عن ذاك مثلما تقره أوضاع الكرة الراقية من أن المنتخب الذي يحقق أفضل النتائج هو في تناغم مكوناته، وانسجامه حتى مع من هم احتياطون، وكل من يشارك في أي نهائيات هو لاعب دولي كبير من دون مقارنات. وأتمنى صادقا من الطوسي أن يغير العبث بالكاريزمية الصارمة.. ولا يحن قلبه لأي كان يعتبر نفسه فوق الكل، ولديه الفرصة الآن ليكون قائدا حذرا مع من يثق بهم هنا وهناك، ويختار رجال المعركة بشحنة كلامه التي تجعل من لاعب النادي بطارية لاعب البلاد. محمد فؤاد