قناعات لا نهائية كثر الحديث هنا وهناك عن خسارة المنتخب المغربي أمام نظيره الطوغولي، ووضعت المباراة علامات استفهام عميقة حول توحد المجموعة المغربية المفترض أن تكون البنية المؤسسة لرهان كأس إفريقيا المقبلة.. صحيح أن النتيجة لا تهم، ولكن التجريب كان سيد الموقف في غياب مجموعة من العناصر الثقيلة وثوابت رئيسية (بنعطية، الكوثري، فرجة، بصير، السعيدي، تاعرابت، بوصوفة ، الشماخ والحمداوي)، لكن الظاهر أن المنتخب الوطني لا يملك موافقات الفريق القار على الإطلاق منذ مباراة الجزائر إلى اليوم لأشكال متلاحقة من المشاكل السلوكية والمرضية (إصابات) والتنافسية، وركام الأسماء المذكورة يشكل قاعدة قوية تنضاف إليها توابل جديدة مراهن عليها في البطولة الوطنية أو البطولات الأوروبية، لكنها في عامة القول غير موجودة إلا بنتف قليلة (بنعطية مصاب، خرجة في الإنتظار، بصير في الآوت، والحمداوي بشؤم الإصابات)، لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، هل يجد الطوسي نفسه في مأزق الإختيار الهيكلي للمجموعة؟ وهل يستطيع تخليق الزمن المتبقي بالقدرة الإستطلاعية لرجال مواقف الحدث القاري؟ وهل له فعلا جهاز فني في المستوى العال للإختيار ومناقشة النهة إذا هرب على الطوسي خيط الرؤية التقنية في أي مباراة؟ الجواب الأول يبدأ من الحراسة كسؤال، هل لنادر لمياغري سلطة قتل أخطائه الكبيرة في الكؤوس الإفريقي التي لعبها حتى الآن؟ وهل له خلفية رسمي نؤمن بقدراته حتى وإن أخطأ في ريعان شبابه كأمسيف وبونو؟ الجواب الثاني يمر عبر قناة الدفاع كسؤال، هل يدرك الطوسي أن الدفاع قدم فضاعة كبرى في كثير من النزالات ولم يستقر علي توابثه وحتى تحفيز خلفائه؟ وهل يملك ظهيرا أيمنا مؤمنا عليه بالثقة في غياب بصير مع أن أيوب الخالقي كان من المفروض أن يكون صناعة جديدة لكنه أصيب أولا، وثانيا في انتظار صناعة نوصير الأكثر جودة للأظهرة الحديثة؟ وهل يملك ظهيرا أيسرا كبيرا أمام أخطاء بركديش التقديرية في الدفاع مع أنه جيد هجوميا؟ وهل له خليفة جيد مثلما أراه في أسامة غريب أو كروشي؟ وهل يدرك الطوسي أن مشكلة متوسط الدفاع تظل زوبعة في غياب بنعطية بدون خلفية، مع أن الكوثري رجل كبير وكبير، وبوخريص له من الأريحية الدولية في انتظار أن يكون غنام سايس صناعة جديدة بالسن الصغير، وزهير فضال «القتال» والدولي الأولمبي الألمعي في لقاء الطوغو؟ وهذه الأسئلة لا بد لها من جواب مقنع بعيدا عن أي عاطفة. الجواب الثالث.. هل يدرك الطوسي أن الحسين خرجة عميد المنتخب له وزنه الدولي وقيمته المضافة وفي غيابه تشتت المنتخب أمام إنفلات أداء بلهندة الباهث منذ مدة؟ صحيح أن هرماش العائد من الإصابة يعتبر رئة الوسط القشاش إلى جانب تألق الأحمدي المثير في طراوته البدنية الأنجليزية، لكن من يصنع الإختلاف أمامهما كصانع ألعاب؟ هل في بلهندة أو برادة أو تاعرابت أو بوصوفة أو متولي أو حتى بلغزواني الوافد الجديد بأداء المحترف الصاعد بنجومية عالية وتحفيزية في حسها الوطني؟ الجواب طبعا يصعب قراءته في التوليفة والإختيار والتنافسية والثقة، والطوسي يدرك قيمة الكل في إطار حدث يراهن عليه مقارعة أقوى أساطير المنتخبات الإفريقية في خطوطها الشاملة. الجواب الرابع.. هل يعترف الطوسي أن اللعب بالقناص الواحد يعقد النهج مثلما توضحت الصورة المطلقة أمام الطوغو طيلة المباراة عندما لعب بالعرابي أولا في غياب المساندة الخلفية من الوسط والأطراف، ولعب ثانيا بحمد الله بذات العزلة؟ وهل يعي الطوسي أن المباراة الهجومية من الأطراف عادة ما تعطي أكلها مع حضور أجنحة متمرسة ومع تقدم الوسط لاستهلاك الفرص مثلما قدمها أمرابط وريغاتان (مشروع مهاجم قوي من الجهة اليمنى) في انتظار شفاء السعيدي وقابلية وضع كارسيلا في موقعه أيضا كجناح أيمن وكلاعب مهاري أقوى من أمرابط وريغاتان؟ وهل دور القناصة موجود بالإقناع الشامل مع توجس آخر لإصابات الحمداوي المتكررة وحضور كل من العرابي وحمد الله كصانع اللمسة الأخيرة فقط؟ طبعا كل هذا الكشكول الموضوع بعامة الأسماء في انتظار مراقبة أهلية الصالحي وكروشي ومتولي وعقال ونوصير وفضال يضعنا أمام تخوفات كبيرة لقياس جاهزية الكل من محترفين بشتى بطولاتهم الوطنية والأوروبية.. لكن علينا أن نتفاءل بتكوين منتخب جديد أعرف جيدا أن الطوسي يريد وضعه باختياره ولمسته من دون عاطفة مسبقة لاختيار وجوه بعيدة عن المنتخب الوطني، مع أنني أتحفظ على بعض الأسماء التي نادى عليها من البطولة الوطنية لعدم بلوغها الدولية، لذلك تبقى مباراة الطوغو تجريبية نجحت في تقديم أسماء واعدة شريطة تحفيزها (نوصير، فضال، بلغزواني سايس، ريغاتان) مقابل أن ينتهي مسلسل تأديب تاعرابت وبوصوفة بشكل نهائي، واستعادة الكوثري وبصير وخرجة وأمسيف لتعزيز جبهة الدفاع والوسط وحتى حراسة المرمى. وسننتظر وقتها كيفية معالجة المواقف التي تنم عن روح وقدسية القميص الوطني بلا مزايديات ولا استهثار، وللطوسي كلمة الفصل في اختيار 23 دوليا لا يتأسس إختيارهم على معيار العاطفة.