سارع الرياضيون الاميركيون الى التنديد بالمجزرة الدامية التي شهدتها مدرسة ابتدائية في مدينة نيوتاون (كونيتيكت, شمال شرق) الجمعة الماضي واسفرت عن مقتل 27 شخصا بينهم عشرون طفلا, الا ان العديد منهم يبقى متمسكا بسلاحه اينما ذهب. وتسببت الحوادث المأساوية التي شهدتها الولاياتالمتحدة في الاعوام الاخيرة بحملة قام بها الجمهور الرياضي من اجل دفع المسؤولين الى المساهمة في تخلي الرياضيين الذين يعتبرون المثال الاعلى بالنسبة لملايين من الشعب الاميركي وخصوصا جيل الشباب, عن ترساناتهم من الاسحلة الفردية التي يحملونها معهم حتى في الرحلات الجوية لانديتهم. وكان مفوض رابطة الدوري الاميركي لكرة القدم "ان اف ال" روجير غوديل اول من حاول مكافحة تسلح الرياضيين في اللعبة الاميركية الاولى من حيث الشعبية امام البايسبول والهوكي على الجليد وكرة السلة, وذلك من خلال فرض قوانين اكثر صرامة تشمل الايقاف لفترة طويلة والاستشارات النفسية المعمقة. ويعرف عن الرياضيين الاميركيين عن حملهم الاسلحة الفردية في طائرة الفريق وسياراتهم وحتى في غرف الملابس اثناء المباريات, وهم لا يترددون في استخدامها والحادثة الاخيرة التي حصلت الشهر الماضي ابرز دليل على ذلك اذ اطلق لاعب كانساس سيتي تشيفس جوفان بيلشر النار على صديقته من مسدس عيار 40 ما ادى الى مقتلها في منزلهما. ثم استقل بيلشر سيارته الى ملعب "اروهيد ستاديوم" الخاص بفريقه بعد ان افرغ 10 رصاصات في جسد صديقته كاساندرا بيركنز, وهو يحمل مسدسا من نوع اخر وانتحر امام مدرب الفريق روميو كرينيل والمدير العام سكوت بيولي. وذكرت صحيفة "كانساس سيتي ستار" امس الاول الاثنين ان بيلشر هدد بقتل صديقته بيركينز في رسالة نصية بعثها قبل اسبوعين من الجريمة المأساوية الى صديقة اخرى. من المؤكد ان المجزرة المأساوية التي قام بها آدم لانزا (20 عاما) الجمعة الماضي في نيوتاون عندما توجه الى المدرسة وقتل 20 طفلا وستة راشدين ثم اقدم على الانتحار, هزت الولاياتالمتحدة باكملها والعالم ايضا وطالت الصدمة دون ادنى شك الرياضيين الاميركيين مثل لاعب فريق تينيسي تيانز (كرة القدم الاميركية) كريس جونسون الذي كرم الضحايا من خلال ارتدائه حذاءا كتبت عليه اسماء جميع الذين سقطوا في هذه المجزرة المأساوية. لكن قضية بيلشر ليست منعزلة ما حصل في نيوتاون لان الولاياتالمتحدة شهدت في الاعوام الماضية الكثير من الاحداث التي كان الرياضيون طرفا فيها خارج الملاعب نتيجة حرصهم الدائم على تواجد الاسلحة بحوزتهم, ولعل ما حصل مع لاعب كرة السلة ديلونتي وست قبل ثلاثة اعوام حين كان يدافع عن الوان كليفلاند كافالييرز ابرز دليل, اذا اوقفته الشرطة وهو على دراجته النارية وقامت بتفتيشه لتجد ان بحوزته مسدسين من عيار 9 مم و357 ماغنوم, اضافة الى بندقية صيد دفاعية "بومب اكشن" موضوعة في علبة غيتار معلقة على كتفه. ووست ليس الرياضي الوحيد الذي يحيط نفس بالاسلحة, اذ ان ليتو شيبارد, الذي دافع عن الوان اوكلاند رايدرز (كرة القدم الاميركية) العام الماضي, يملك 17 قطعة سلاح, في حين يفتخر لاعب كرة السلة السابق جيسون وليامس بترسانته وهو كان يعرضها في 2002 امام اصدقائه حين اطلق عيارا ناريا عن طريق الخطأ فاصاب سائقه كوستاس خريستوفي الذي قتل على الفور. ويتذكر الاميركيون جيدا ما حصل قبل ستة اعوام عندما لقي لاعب كرة القدم دارنت وليامس حتفه بالرصاص داخل سيارته الليموزين خارج احد الملاهي الليلية في دنفر بسبب اشكال حصل في وقت سابق من تلك الليلة. وفي ,2006 تم القاء القبض على 15 لاعبا من دوري كرة القدم الاميركية بسبب اتهامه بالعنف واستخدام السلاح. واحداث من هذا النوع دفعت الخبراء الى التساؤل حول تنامي ثقافة حمل السلاح بين الرياضيين, او اذا كانت هذه المسألة تشكل انعكاسا للمجتمع الاميركي باجمعه. العديد من الرياضيين يقولون انهم بحاجة الى الاسلحة لانهم شخصيات مشهورة وغنية ما يجعلهم اهدافا محتلمة للعصابات, لكن هذا الموقف "غير صحي" على الاطلاق لان الرياضيين يعتبرون مثالا يحتذى به في المجتمع الاميركي والعديد من الشبان سيحاولون السير على خطاهم ما سيؤدي الى المزيد من الاحداث المأساوية المماثلة لتلك التي حصلت في نيوتاون والتي بلغ عددها حتى الان اكثر من 60 مجزرة منذ عام 1982. الغالبية العظمى من الاسلحة المستخدمة في هذه المجازر المأساوية كانت مسدسات نصف اوتوماتيكية او بنادق عسكرية هجومية اشتراها المعتدون بشكل قانوني من المتاجر المخصصة لبيع الاسلحة التي قدر عددها ب310 ملايين قطعة بين المدنيين عام ,2009 اي سلاح لكل مواطن, ما يجعل الفرد الاميركي معرضا للقتل بالسلاح اكثر من 20 مرة من فرد في الدول النامية. وهذا الامر دفع الرئيس الاميركي باراك اوباما الى تأييده لاقتراح قانون تقدمت به عضو ديموقراطية في مجلس الشيوخ بهدف حظر بيع ونقل وتصنيع واستيراد مئة نوع من الاسلحة في الولاياتالمتحدة. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ردا على سؤال حول الخطوات التي سيتخذها اوباما على صعيد مراقبة الاسلحة, ان الرئيس "يدعم بقوة مثلا عزم السناتورة (دايان) فاينشتاين على طرح اقتراح قانون يعيد العمل بحظر الاسلحة". وهذا القانون الفدرالي الذي اقر العام 1994 ابان ادارة بيل كلينتون انتهى العمل به العام 2004 من دون ان يعمد الكونغرس الى تمديده. وكان يحظر انتاج وبيع الاسلحة. واضاف المتحدث ان اوباما سيؤيد ايضا اي محاولة لحظر استخدام المماشط الكبيرة التي تحوي عشرات الرصاصات ولمنع الافراد من بيع الاسلحة من دون ترخيص. ويشمل اقتراح فاينشتاين البنادق والمسدسات نصف اوتوماتيكية اضافة الى المماشط التي تحوي اكثر من عشر رصاصات. لكن الموافقة على هذا الاقتراح تبقى رهنا بتأييد النواب القريبين من لوبي الاسلحة (ان آر ايه) في الكونغرس وفي مقدمهم اعضاء مجلس النواب الجمهوريون.