بجانب الإنجاز الخرافي الذي حققه منتخب أيسلندا في كأس الأمم الأوروبية 2016، كان الجمهور الأيسلندي صاحب أبرز طريقة تشجيع في البطولة. فالهتاف الذي أطلق عليها "التصفيق الأيسلندي" أو "القصف الرعدي" أو "تصفيق الفايكنج" سيظل خالداً في أذهان كل من شاهد مباريات أيسلندا كاستعراض متزامن رائع وجذاب. وفي إيقاع مشابه لأداء منتخب أيسلندا، فإن عرض الجمهور الأيسلندي يعود لزخم الوحدة حيث يتميز الهتاف بوقفات طويلة في البداية تنخفض بصورة مستمرة وتفصل بين التصفيق والتهليلات. بينما ظهرت أيسلندا للمرة الأولى في كأس الأمم الأوروبية لتصبح أصغر دولة تشارك في بطولة كبرى، اعتقد البعض أن طريقة التهليل قديمة وأنه كان قد حان الوقت لعرضها على العالم كله. إلا أن المدافع المحنك كاري أرناسون وضّح أن ذلك عارٍ تماماً من الصحة. إذ قال في حديثه مع موقع FIFA.com: "كانت جديدة للغاية وكانت كأس الأمم الأوروبية هي أول مرة نرى فيها هذا التشجيع ولم أسمع بها من قبل. لكنها كانت مدهشة للغاية! فمن بدأها يستحق التقدير والإعجاب. لقد بدت رائعة للغاية وكنا نتطلع لرؤيتها. في الواقع كنا نذهب إلى الجماهير وننضم إليهم في أدائهم، لا سيما إذا فزنا وبالطبع كانت هذه لحظات خاصة لا تعوّض." وبناءً عليه فإن طريقة التشجيع هذه رأت النور بصورة مدهشة للمرة الأولى في فرنسا، بيد أن هناك سؤال يحتاج إلى إجابة: من أين بدأت؟ هل كان تصفيق الفايكنغ إشارة إلى دور المستكشفين الأسطوريين في تاريخ أيسلندا؟ يبدو أن الإجابة لا أيضاً. وفي هذا الصدد، صرّح كريستين هالور جونسون، أمين خزانة مجموعة مشجعي تولفان في حديثه مع جريدة التليغراف: "الأمر لا يتعلق بالفايكنغ، لقد تم أخذها من الجماهير في اسكتلندا وهي ترتبط بفريق سبارتانز في فيلم "300" وليس بالفايكنج." فمشجعو نادي موثرويل الإسكتلندي هم من وضعوا لبنة هذا الهتاف في مباراة في اوروبا ليغ ضد ستغارنان الأيسلندي في 2004 بينما كان فيلم "300" هو مصدر صيحات "هه" المتزامنة. لكن بغض النظر عن التاريخ، فإن الهتافات كانت رائعة للغاية. لكن ربما يراها البعض محفزة والبعض الآخر مفزعة بحسب وجهة النظر. إذ علّق عليها أحد الصحفيين البرتغاليين قائلاً: "لا تعبر أيسلندا، فهتاف الفايكنغ مرعب." بيد أن الأهم من هذا كله أنها كانت تعبيراً عن الوحدة، كما اتسمت بالعاطفة حين قام بها الجمهور الأيسلندي في ملعب فرنسا في 3 يوليوز. ففي هذه المناسبة كان الفريق قد تعرض لخسارة كبيرة بنتيجة 5-2 على يد أصحاب الأرض وكانت هناك مشاعر جياشة لأن الخسارة كتبت نهاية لمغامرة لا تنسى ولذا كان الهتاف الأخير في البطولة لتشجيع أبطال أيسلندا. حتى أن اللاعبين برغم شعورهم بالتعب والإحباط، إلا أنهم انضموا للجمهور في الهتاف بينما عبّر الجمهور الفرنسي عن إعجابه بهذا الولاء الفريد. ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل أشيد بالهتاف مؤخراً حين رشح مشجعو أيسلندا، وهو الأمر الذي يمثل مصدر سعادة لأرناسون، للفوز بجائزة FIFA للمشجعين. إذ قال في هذا الصدد "سعدت كثيراً بهذا الخبر. فالجماهير تستحق ذلك لأنهم كانوا رائعين طوال كأس الأمم الأوروبية وقد منحونا حافزاً إضافياً." بيد أن الغريب في الأمر هو حجم الجمهور الذي ساند المنتخب الأيسلندي في فرنسا؛ فعدد الجماهير التي سافرت لحضور مباراة دور الثمانية ضد أصحاب الأرض بلغ ما يقرب من عُشر عدد سكان البلاد البالغ 323 ألف نسمة. كذلك فإن هناك علاقات شخصية وطيدة تجمع بين اللاعبين والمشجعين حتى بعد زيادة الأعداد. وفي هذا الصدد يقول أرناسون: "كنت أنظر للمدرجات وأعرف أن معظم أفراد عائلتي وأصدقاء طفولتي ربما 90 بالمائة منهم كانوا هناك. كان هذا شعوراً رائعاً. فكنا ننظر إلى قسم من الجمهور وكنا نضمن أننا نعرف على الأقل واحد منهم. وأضاف: "إن زملائي الذين حضروا هناك كمشجعين قالوا إنه الصيف الأفضل في حياتهم. ورغم أن اللاعبين سيتذكرون البطولة للأبد وسيحكون لأحفادهم عنها، لكن أعتقد بعد أن تحدثت لأصدقائي أن الجمهور ربما استمتع بالبطولة أكثر منا نحن اللاعبين. كانت تجربة رائعة للجميع وأعتقد أن أيسلندا بفضل اللاعبين والمشجعين تركت انطباعاً رائعاً لدى العالم كله."