الخاليقي وأمثاله بعين الصحفي، وبعين الممارس، وبعين الكوتشينغ، كنت أقول دائما أن أيوب الخالقي هو من أبرز العملات الدفاعية بالبطولة الإحترافية الوطنية، ومن الوجوه التي نبحث عن نسخ طبق الأصل لها في جل خطوط الفريق الوطني إسوة بقوة ونضج المحترفين المغاربة بأوروبا.. والدفاع المغربي الذي كان خلال أمد غير بعيد يمثل قوة بارزة في تكامله الخطي والمتخصص في أدواره، لم يعد بالصورة التي نريدها في تأمين المنطقة نتيجة التصدعات المتكررة وللإكراهات المطروحة في سياق اللاتنافسية والإصابات لدى بدر قادوري، والقنطاري وبصير والكوثري.. ومثل هذه الإكراهات كان من المفروض أن يكون للبطولة الوطنية جزء من تبعاتها في غياب منتوج متخصص أقدر على مقارعة الدور بالصفة المثلى التي قدم من خلالها الخاليقي أروع مقاومة وعراك ولياقة وانطباع هجومي أمام الكوت ديفوار، وبأفضل كوطة على ميكاييل بصير.. طبعا لا يمكن أن ننتقص من القيمة المضافة لبصير ولكن لا بد من إيجاد خلف ينسينا هَمَّ الإكراهات والحلقات المفقودة أصلا بالمنتخب الوطني من قبيل أظهرة ومتوسط الدفاع ورجل الوسط القشاش وصانع الألعاب والقناص والأجنحة الممولة والبطولة الوطنية التي تعطيك لاعبا واحدا فقط من عيار ثقيل ومن أصل 16 ناديا (دون تجاهل لمياغري) لا يمكن أن تنتظر منها نجاح المهمة والمسؤولية بالمنتخب الوطني برغم المناداة على عيارات أخرى ليست بمقاس الخاليقي في دوره الدولي ومن دون أن يكون له سابق تجربة دولية.. والبطولة التي لا تعطيك حراسا كبارا من ذات المستوى العالي، لنجوم الأمس وحتى اليوم (لمياغري) وأفضل مدافع أيسر بصغر السن والإختصاص وأفضل مدافع أيمن، وحتى رجال متوسط الدفاع بذات العمق الإحترافي لبنعطية وقس عليهم أدوار الوسط والهجوم، هي أصلا بطولة ضعيفة لا تنتظر منها إيجاد الخلف بالسرعة التي تتطلبه المرحلة التي يمر منها المنتخب الوطني، وبطولة غير مكونة من الأصل القاعدي، ولاعبوها جد عاديين بالنظر إلى غياب المهارة المكتسبة وغياب الثقافة التكتيكية وحتى اللاعب نفسه لا يطور إمكانياته أصلا ليكون لاعبا عالميا، بل يظل حبيس ناديه كمأجور وفي أقوى الحالات يرحل إلى الخليج للإحتراف ماليا.. ولن نختلف كون الفريق الوطني يعاني بشريا لأن البطولة هي التي هزمته في صناعة الأجيال الجاهزة والمختصة والمحترفة عقلا وهوية ومهارة ونضجا حتى في سن مبكرة.. والبطولة برؤساء أنديتها ومدربيها مسؤولة عن هذا الهدر البشع للطاقات الواعدة ومسؤولة عن احتراف جزء منها بالخليج مع تراجع ملحوظ في التصدير خلال الموسم الماضي ومسؤولة عن قتل حلم إحتراف الأجيال بأوروبا، ولم يكن الفريق الوطني مطلقا بهذا النقص الخطير للعناصر التي تنتجها البطولة العملاقة منذ أزمنة خلت ليتسيدها المحترفون بأوروبا. فبعد كل الذي قدمه أسطول الزاكي عام 2004، لم يعد للبطولة حضور قوي داخل المنتخب الوطني بالقاعدة لتي تؤسس أفضل الأندية المشكلة للنواة والتوابث الرئيسية، وعاش بعدها المنتخب جحيم الإفلاس والمعاناة حتى بقدوم أكثر من مدرب أجنبي. طيب لنأخذ مثلا منتخب إسبانيا الذي فاز على إيرلندا بالرباعية هو أصلا مشكل من ثوابث البارصا (4 لاعبين) والريال (4) وفالنسيا (1) ومن لاعبين من تشيلسي ومانشيستر سيتي هما طوريس وسيلفا..وتشكيل منبثق من أقوى البطولات الإحترافية على أعلى مستوى، ولا يمكنه أن يكون بمقاس عمالقة البطولة المغربية لكون المقارنات لا تصح على الإطلاق.. ولا يمكن أن يكون منتخب المغرب حاليا وحتى السنوات القادمة مشكلا من ثوابث الأندية الوطنية بالكثرة العددية كما كان الحال في عقد الثمانينيات.. وعندما يحلم لاعب في البطولة الإحترافية الوطنية بأن يلعب بالمنتخب الوطني، فإن عليه أن يكون مستندا على قيم كثيرة ليكون نجما مثلما كان الحال مع الخاليقي (دون أن يغتر) بروحه وقتاليته وحبه للقميص، ورؤيته العالية ليكون له أسلوبه العالمي بالمغرب، وحتى إن إحترف أوروبيا أما بورزوق فأرى فيه القناص الجيد ليس لأنه سجل هدفا على الكوت ديفوار ولكن لأنه يملك اللياقة البدنية العالية التي تمكنه من التحول بين المواقع بقتالية ومكر في اصطياد الفرص، لكن عيبه أنه يضيع أكثر مما يسجل بالمغرب الفاسي، وقد يكون حمد الله من المراهن عليهم شريطة تأطيره وتوجيهه إن وضع في ذهنه أنه أقدر على الإستجابة لمعايير الدولية والتي منها التسلح بالعزيمة والعمل بلا كلل ولا ملل. وإلى كل هذا فأمثال الخالقي قلائل، والمسؤول عن هذه القلة هي الأندية في قاعدتها ومؤطريها في تهميشها للتكوين العالي لإنتاج ما نحتاجه جميعا كخلف دائم وليس كخلف للطوارئ.