في انتظار نهائي أسطوري لا يمكن أن نلقي باللائمة على الضغط النفسي الذي كان يقع على لاعبي الرجاء عند مواجهتهم للوداد في الديربي الثاني عشر بعد المائة، إذ كانوا المعنيين الأكثر بتحقيق الفوز لمواصلة السباق للإحتفاظ بلقبهم الذي يعني الحصول على النجمة 11 وأكثر منه القبض على لقب أول نسخة للبطولة الإحترافية، فالرجاء عاش موسما بعشرات الفصول وكان بوضع فني وبهيئة تكتيكية وبرصيد بشري لا يؤهله لأن يكون بطلا، وعلى الخصوص في حضور فريق يقدم موسما أنطولوجيا هو المغرب التطواني وآخر يسارع في بلوغ غايات كانت مرصودة لمواسم أخرى هو الفتح الرباطي. لا أريد أن أقيم محاكمة لبرتران مارشان الذي ختم على مواجع تقنية عاشها الفريق بعد زلزال أكادير الذي أبعد امحمد فاخر وبعد الوجه القبيح الذي عاد به الروماني بلاتشي الذي يحتفظ له المغاربة بصور رائعة بعد الذي كان له من صولات مع الأولمبيك البيضاوي الذي إنتهى به المطاف إلى الإنصهار في بوثقة الخضر، ولا أريد أن أستعجل الحكم بفشل برتران والرجاء ينهي موسمه وقد جرد من لقبه وأقصي من أول أدوار عصبة أبطال إفريقيا، ولكنني على ثقة من أن الرجاء يحصد ما كان قد زرعه بيديه وهو يعرض تشكيله البشري لضربات موجعة برحيل لاعبين وازنين آخرهم محسن متولي الذي لا أعرف ما جناه هو وما جناه الرجاء من ترحيله تحت مسمى الإحتراف الخارجي إلى الإمارات العربية المتحدة. ويحصد أيضا نتائج التفريط في مقاربة تحرير عدد من اللاعبين الشباب من أسر الإحتياط، فما تأكد أن الرجاء مدربا ومسيرين بدرجة أقل راهنوا على أحصنة خاسرة، قدم ديربي أمس الأحد أمام الوداد الدليل الذي لا يشكك أحد في قطيعته على أن جيلا بالكامل إنتهت صلاحيته وبات ضروريا التخلص منه ومن كل ما يمكن أن يكون قد نشره من أذناب هنا وهناك، فأبدا لا يمكن أن تقاس الجاهزية بالولاء للرجاء أو حتى بالمرجعية أو حتى بما سمعت أنه مشروع لوبيات، الجاهزية داخل فريق بحجم الرجاء تقاس بالعطاء، وسأكون هنا مطالبا بفسخ العقد مع برتران مارشان لو ثبت أنه أسس النواة الصلبة للرجاء أخذا بالإعتبار نفوذ لاعبين أو حتى ولاءهم للرجاء وليس على الجاهزية الذهنية والبدنية وعلى الكفاءة التكتيكية وعلى المطابقة والقدرة على تقديم الإضافة النوعية.. أتصور أن خلو موسم الرجاء الحالي من أي إنجاز يستدعي مقاربة جديدة تقوم على مواجهة النفس بالحقائق كما هي والإعتراف بالأخطاء المرتكبة ووضع مشروع رياضي وتقني بقيمة الرجاء وبقيمة إنتظارات جماهيرها. مشروع يطابق الرجاء مع الرهان الإحترافي ويلبسه جلباب العالمية بخاصة وأن بطولة الموسم القادم ستكون كنزا كرويا لن يناله إلا من ينتصر للعقل وللحكمة ويترك العاطفة جانبا. ------------------ يثيرني كما يثير الكثيرين الأداء الجماعي للمغرب التطواني، فهو فريق النجم الأوحد فيه هو المجموعة التي تظهر تلاحما رائعا وتبدي مقاومة كبيرة لأعاصير الطريق وتبرز شجاعة قوية في المرور بكل المسالك الوعرة التي تقود إلى لقب البطولة. ومن ينظر إلى المغرب التطواني، كيف يناقش مبارياته، كيف صمم لصعوده التدريجي وكيف يتدبر المواقع الحساسة والحاسمة يشهد بأن وراء هذه الجوقة التي تعزف على وثر واحد مايسترو بكاريزما خاصة هو المدرب عزيز العامري الذي يعيش عهدا جديدا في زمن الكرة الجميلة التي يؤمن بها، ويشهد على أن هناك عطشا قويا يجري باللاعبين وراء كل الواحات الممكنة والمستحيلة، ويشهد على أن هناك مدينة تحلم بأنها باتت على بعد مسافة قصيرة مما سيصنع لها المجد، ويشهد فوق هذا وذاك على أن من آمن بالعمل القاعدي واحترم الدورة الزمنية بإعمال الإستقرار سينتهي به الأمر إلى هذه الملحمة الرائعة التي يصممها لاعبو المغرب التطواني. اليوم وبعد أن رمى الديربي بالرجاء خارجا، أصبح السباق نحو لقب أول بطولة إحترافية حكرا على المغرب التطواني والفتح الرباطي، وإذا لم تغير الدورة 29 عندما يستضيف المغرب التطواني بملعب سانية الرمل الوداد الفاسي وعندما يحل الفتح ضيفا على أولمبيك خريبكة شيئا من تضاريس الصدارة، فإننا سنكون جميعا موعودين مع نهائي أسطوري وتاريخي لن نجد أروع منه لننهي هذه البطولة الإحترافية. نهائي يضع في المواجهة بالرباط الفتح والمغرب التطواني، أكثر فريقين يستحقان الإحترام والتتويج.