أي رؤية لأي مستقبل؟ ما المعمول وما المأمول من مواجهة الخيول؟ غيرتس وغياراته الجديدة لمسح أحزان الغابون بعد هدوء نسبي للعاصفة، يتجدد لقاء الفريق الوطني بجهوره عبر فاصل مواجهة ودية ومحك اختياري في غاية الأهمية أمام منتخب بوركينافاصو الجريح الآخر في دورة الغابون.. بمراكش سيكون إريك غيرتس الناخب الوطني مدعو لتقديم تصور جديد للمرحلة المقبلة، بغياراته التي نادى عليها والتأكيد على تعافي جسد الأسود، مباراة أخيرة قبل مواجهة غامبيا المونديالية وترقب لردة فعل الناخب الوطني لمداواة جراح الكان الأخير. ما بعد النكبة بعد كل الضجيج الذي خلقه الخروج الصاغر من دورة الغابون، وبعد كل الردود التي لم تخل من انفعالية والتي أجمعت كلها على ارتكاب أخطاء في قمة الفداحة.. يدخل الفريق الوطني منعرجا آخر بعد غد الأربعاء بمراكش عبر بوابة مباراة ودية بمقاسات خاصة، وبتطلع مختلف للفترة المقبلة الموصوفة بكثير من الدقة، والتي تهم إقصائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل بداية من يونيو القادم. مباراة بمقاسات خاصة عقب دورة الغابون التي خلفت زلزالا كبيرا وبعض الهزات الإرتدادية، أمام منافس يعيش نفس الوضع تقريبا بعد إقصائه من الدور الأول في نفس الكان وهو بوركينافاصو، والناخب الوطني فوق فوهة البركان لتأكيد صحة قناعاته الجديدة عبر لائحة لم تشهد الكثير من المتغيرات وحافظت على الكثير من الثوابت. مباراة الخيول واجهة يغلغها الكثير من البرود على ضوء عدم الرضا على المردود في الدورة الأخيرة، ولن تكون النتيجة أهم خلاصة في هذا اللقاء، بقدر ما ستكون شخصيته الأسود والصورة التي سيظهرون بها في هذا الفاصل التجريبي هي الأهم، لذلك هي مباراة ليست بالسهلة ليس لجوهر الخصم ولا طبيعته وإنما للظرفية التي جاءت فيها المباراة وأيضا لما يمكن أن تترجمه ميدانيا وبالمدرجات من طرف جمهور الفريق الوطني، الغاضب عن المردود والأداء وحتى الشكل الذي أصبح يجاري به الأسود. رسائل اللائحة كما أشار غيرتس، فإنه ظل وفيا لقناعاته وللعناصر التي ركبت معه المغامرة القارية، وهو ما فسرته التنقيحات القليلة التي واكبت اللائحة وخلوها من وجوه جديدة كثيرة، هي رسائل حاول من خلالها الناخب الوطني التأكيد على أنه راسخ بقناعاته ومؤمن بها، وأن ما حدث بالغابون هو ما يسمى بسقطه الجواد والكبوة التي يسهل تخطيها لاحقا. لائحة لم تخل من ردود فعل سيما بالحفاظ على بعض الوجوه المفتقرة للمقومات الأساسية التي تضمن لها الدعوة كما ظل يؤكدها غيرتس وهي (التنافسية والجاهزية وحتى الفاعلية)، مثل (العليوي والشماخ) على وجه الخصوص وبتوجيه الدعوة للكوثري الذي لم يشركه غيرتس في الكان وإسقاط إسم القنطاري المثير لكثير من الجدل بأدائه، يكون المدرب قد وجه رسالته الثانية التي يعترف من خلالها بخطإه. كما تمثل دعوة أسماء من قبيل عصام عدوة وسمير الزكرومي لمحور الدفاع وهما اللذان يستفيدان لأول مرة من هذا الإمتياز، فرصة لاكتشاف وجوه جديدة بإمكانها تحمل المسؤولية وإذكاء روح المنافسة داخل بعض الخطوط. هذه هي أهم تفاصيل لائحة غيرتس دون إغفال دعوة لبيض وبرادة الوجهان الصاعدان بكل ما يعنيه ذلك من منح المشهد للرعيل الأولمبي الذي أكد أحقيته في تقلد هذا الإستحقاق. والناخب الوطني الذي جددت الجامعة الثقة فيه بإجماع كبير مطالب بالتأكيد على أن ما حدث بالغابون هو سقطة مؤقتة لن تفسد لود مخططاته قضية. لماذا بوركينافاصو وليس غيرها؟ قبل أن يستقر الإختيار على منتخب بوركينافاصو الموجوه بدوره بخروجه الصاغر من دورة بوركينافاصو بصفر نقطة كواحدة من المشاركات الكارثية بكل المقاييس، كانت الجامعة وهي تحلم باللقب القاري قد هيأت خارطة ودية بمقاسات مختلفة لمواجهة الماكينات الألمانية، قبل أن تعيدها عقارب ليبروفيل لأرض الواقع وتتيقن من أن بداية التصحيح لا بد وأن تمر عبر بوابة منتخب إفريقي وليس غيره، من المحكات التي أكدت كل التجارب على أنها خادعة. إختيار بوركينافاصو لم يكن مقصودا بل مفروضا بحكم إلتزام الكثير من المنتخبات بهذا التاريخ المحدد سلفا من طرف الفيفا، الشيء الذي فرض مقاربة متأخرة لهذا التاريخ تقوم على أساس استغلاله كواجهة لترميم المعنويات قبل مواجهة غامبيا مستهل شهر يونيو القادم. الخيول الحالية المنفصلة عن مدربها، ليست هي الخيول السوداء التي أوجدت لنفسها مساحة من التقدير داخل القارة، بتراجع أدائها الكبير وأيضا للهزة العنيفة التي تسبب فيها الكان الأخير بالغابون بكل المجموعة وتسبب بالمقابل في مطالبة جماعية بحل هذا الفريق، كل هذا يعيد طرح التساؤل، هل مواجهة هذا المنتخب في هذا الظرف بالذات مفيدة بخلاصاتها التقنية وحتى النتيجة النهائية؟ وهل هو الواجهة المثالية لمعرفة حقيقة الأسود ما بعد السقطة الغابونية، أم كان بالإمكان اختيار أفضل مما كان؟ أسئلة لن تتحدد الإجابة عنها إلا بما ستقدمه الدقائق التسعون للمباراة من عناوين بالإقناع أو عكسه؟ عيارات التصحيح كلاسيكية غيرتس التي تجعله مؤمنا بقناعاته لحد كبير والتي تجعله أيضا ناذرا ما يغير خريطة الطريق، يجب أن تشكل الإستثناء في هذه المباراة وليس القاعدة، ويجب أن تتلون بالليونة بمنح الفرصة لعيارات أخرى ظلت تنتظر فرصتها وظلت تتحين هذا الموعد للبصم على مؤهلاتها وأحقيتها في حمل القميص الوطني. أمسيف الذي نال فرصته بالكامل في لقاء النيجر المفروض أن يواصل الرحلة رفقة الأسود، والمفروض أن يشكل أول عيارات التصحيح للمرحلة المقبلة باعتباره وجه المستقبل والحارس الذي بإمكانه أن يتقلد هذه العارضة دون مركبات نقص وبكامل الأهلية لاعتبارات كثيرة أهمها عامل السن. وبغياب أظهره حقيقية بالبطولة، فإن بصير مؤهل للقبض على مكانه بالرواق الأيمن على أن تشكل المباراة فرصة لبركديش الأولمبي الثالث لتأكيد قيمته. على أن تعود ثنائية الكوثري وبنعطية للظهور مجددا ومعها قد يندم غيرتس بخصوص أسباب استبدالها بالغابون، ما لم يمنح عصام عدوة فرصة تأكيد قيمته كمحترف ناضل لأخذ فرصته. خط الوسط الذي يتغيب عنه اضطراريا خرجة للإصابة سيكون متاحا أمام الأحمدي المتألق وهرماش كثنائية ارتكاز وأمامهما بلهندة اللامع بقوة في هذه الفترة كصانع ألعاب بلا منافس. ولتتاح الفرصة هجوميا وفق النسق الثلاثي الرؤوس الذي يؤمن به غيرتس (برادة يمينا وأمرابط يسارا على أن تتقلد العرابي رأس الحربة الصريح مكان الشماخ). بهذا الشكل سيكون غيرتس قد أحدث «الديكليك» الطبيعي والمأمول عبر مباراة طرحت أسئلة بخصوص أسباب اختيارها وستستمر الأسئلة لما بعد المواجهة أيا كانت نتيجتها؟